رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

توحيدة عبد الرحمن.. كيف كان الوطن أغلى من الأبناء؟ "3-3"

توحيدة عبد الرحمن
توحيدة عبد الرحمن

ناولنا في الحلقتين السابقتين من كتاب "الدكتورة.. سيرة توحيدة عبد الرحمن-أول طبيبة في الحكومة المصرية" بداية السيرة من الميلاد مرورا بدخول المدرسة السنية ثم التحاقها ببعثة كتشنر للسفر إلى إنجلترا مع 5 من زميلاتها ومنهن هيلانة سيداروس لدراسة الطب، بجانب ما قدمه الكتاب من كشف لرفض توحيدة عبد للجنسية الإنجليزية، والتفاصيل الكاملة لنبوءة العراف الهندي، إلى جانب تناولنا  لدورها كرائدة في الحياة اليومية، وحضور  جمال عبد الناصر زفاف ابنتها.

كيف تحققت نبوءة العراف الهندي؟

في هذه الحلقة الختامية من كتاب “الدكتورة.. سيرة توحيدة عبد الرحمن أول طبيبة في الحكومة المصرية” تحرير الكاتب الصحفي مؤمن المحمدي، كيف تحققت نبوءة العراف الهندي  وصولا لرحيلها؟، رزقت الدكتورة توحيدة الدكتورة بسبعة من الأبناء، دلت مسيرة حياتهم، ونجت حياتهم في مسعاهم على الجهود التي بذلتها مع زوجها في تنشئتهم وتربيتهم وإخراج أفضل ما لديهم أينما ذهبوا، كل قدر ما يستطيع، وبحسب ما يحب.

كانت الابنة الكبرى هدى وهي التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة والتي رحلت فور علمها بنبأ رحيل الأم، الثانية كانت سميحة، ثم صافيناز ثم محمود فأميمة، ثم الدكتور فؤاد فمحمد وكلهم حصلوا على درجات علمية، وهذا النجاح الذي حققه الأبناء هو استمرار لكفاح هذه العائلة، والمتتبع لمسيرة أشقائها هي مفيدة عبد عبد الرحمن، التي كانوا يدللونها" أمومة.

حصلت مفيدة عبد الرحمن على البكالوريا "الثانوية العامة" من المدرسة السنية بحي السيدة زينب عام1934. صرفها زواجها المبكر عام 1933عن دراسة الطب، الذي ولعت به كشقيقتها، الدكتورة توحيدة، وقنعت مفيدة بدراسة القانون بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة" حيث التحقت بها 1935وتخرجت عام 1939، في ذلك الوقت كان دخول الجامعة محظورا على المرأة المتزوجة، لكن تدخل الدكتور محمد كامل مرسي باشا والسنهوري باشا لتكون بذلك أول أم  وزوجة تدخل الجامعة.

لتتخرج مفيدة عبد الرحمن وتكون أول سيدة مصرية تعمل بالمحاماة، وأول محامية تقيد أمام محكمة النقض، وأول سيدة تنضم إلى لجان تعديل القوانين، وأصبحت رئيس الاتحاد الدولي للمحاميات والقانونيات بالقاهرة.
الوطن أغلى من الأبناء

 هل هناك أغلى من الأبناء؟

 كانت الإجابة حاضرة ودون تردد وعملية في حياة الدكتورة توحيدة، وهذا ما سرده الكتاب حول كيف كانت الدكتورة توحيدة مثالا للأم المصرية التي تعرف أن الوطن أبقى من  أنفسنا، ورغم أنها بذلت عمرها حرفيا في خدمة أبنائها، ومن أجل رفعتهم ومصلحتهم لم يكن وقتها ولا أموالها ولا صحتها ولا متعتها ولا لياليها ولا أيامها أغلى عليها من أبنائها، لكن في وقت الحسن، كان الوطن أغلى.

عندما اندلعت حرب أكتوبر 1973المجيدة، التي عبرنا فيها القناة واسترددنا الأرض والكرامة، كان اثنان من أبناء الدكتورة ضابطين بالقوات المسلحة وهي كانت تدعمها دائما، وتدعم زملاؤهما.

يتذكر أبنها محمد، أن الأوامر صدرت لهم يوم  الحرب بأن يذهبوا إلى بيوتهم ليحضروا مستلزمات مطلوبة في الميدان، لم يكن وقتها تزوجا، كان مقيما معها، ركب سيارته الجيب، وتوجه إلى البيت، عندما صعد إلى الشقة وفتحت له الباب، فوجئت به واقفا أمامها، فكان ردها التلقائي: لماذا أنت هنا؟ أن مكانك هناك على الجبهة، فاذهب.

عرف بعد ذلك أنها كانت تبحث عن سيارات القوات المسلحة، كانت تنزل إلى جروبي بمصر الجديدة، حيث تلتقي سيارات القوات المسلحة المتجهة إلى السويس والاسماعيلية وتشد من أزر الجنود والضباط.

رحلت الدكتورة توحيدة عبد الرحمن في العاشر من سبتمبر 1974 وذلك بعد رحلة طويلة مليئة بالنجاحات في البيت والعمل، ليصبح اسم توحيدة عبد الرحمن تردده الاجيال كاول طبيبة مصرية.