رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصطفي البلكي: يحيي الطاهر عبد الله يتحرك والتاريخ يصاحبه

يحيي الطاهر عبد الله
يحيي الطاهر عبد الله

في حديثه لـ “الدستور” عن القاص يحيي الطاهر عبد الله والذي تحل اليوم ذكري رحيله عن الحياة، قال الكاتب الروائي مصطفي البلكي: يحيي الطاهر عبد الله الحكاء الذي نبت من طين وتراب الجنوب معجونا بكل ما يتصل به.

وتابع: «عوده الذي يشبه أصلابهم النحلية التي تتميز بصلابة الرأس والفكرة والعناد في أن يصل الواحد منهم إلى ما يريد من حيث يعرف، لا يمكن للصعيدي الذي تربى على طبلية والده أن يتحول عندما يفارق منبته إلى عود عليق أو هالوك، بل يصبح أينما حل وكان شجرة باسقة وارفة الظلال نافعة».

وأضاف: «يحيي الطاهر عبد الله الساحر الذي حمل الحياة الجنوبية، راح يعيدها من وجهة نظره هو وما يميز بنية القصة لدية أنها في مرحلة من مراحل كتابتها لديه أصبحت تعتمد على القول والسماع، مستعيدا طريقة الحكي الشفاهي فأصبح الاسلوب مختلفا عن البدايات التي اعتمد فيها على الكتابة البصرية».

وأوضح “البلكي” في تصريحات خاصة لـ الدستور: واكتشافي ليحيي الطاهر عبد الله في نهاية المرحلة الجامعية في تسعينيات القرن الماضي جعلني انتبه إلى الاسطورة في حياة الجنوني، الذي يتحرك وكل مكوناتها داخله يحملها من خلال المكان وناسه، يتحرك والتاريخ يصاحبه يضفي عليه قدرا من المهابة والاختلاف.

واستطرد: «يحيي قدم الجنوبي في صورته الحقيقة التي تقترب من الاسطورة، ولأنه منهم لمس عن قرب أحلامهم وأحزانهم وعلاقاتهم في حلهم وترحالهم، ففي ثلاث شجرات تثمر برتقالا وانتهاء بالرقصة المباحة، نصوصه فيها أفكاره والشتات الذي كان يعيش فيه كل واحد صدق عاش حلم الثورة وبنى أحلامه الخاصة على تطلعاتها، وفيها ما يعرفه هو عن ناسه في قريته الكرنك كما كان يراها حياة كاملة، عالم كامل وكل ما وقع على الوطن وقع عليها والسعي الدائم وهو في غربته للكتابة عنهم هو في حقيقة الأمر كان من أجل قتل الغربة التي أوجدها في الكثير من أعماله، ومن خلال تلك المعرفة قدم نفسه للعالم في صور صادقة ومنحوتة بعناية من واقع يعرفه واقع تقتله الخرافة وتسكنه الاسطورة، قدم هذا العالم برؤيته هو للحياة رافضا كل الأشكال التي كانت سائدة وقتها، وذهب مع الكتابة من منطوق يعرفها هو الحب والصدق، مارس الكتابة من مخزون حبه، فكانت كتابته صادقة قريبة من كل من يقرأ القصة».

وأتم: «أتخيله دائما ماذا لو امتد به العمر ماذا كان سيقدم أقول لنفسي، هو جاء بنبوءة وحفنة من الوجوه التي كان عليه أن يخرجها من خلف الستارة للعلن، لتكون بهيئتها ورسالتها وحكمتها وما حدث لها، بتفاصيل يصعب وجودها في رواية ممتدة هو جمعها بمقدرة من لا يملك الوقت ولديه ما يقوله جعل الحكاية في متن يسرد ويقرأ في دقائق, لكن أثره يظل قائما لسنوات ليكون ضمن الحقائق القديمة صالحة لإثارة الدهشة متى تم تلاوتها».