رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الحياة صعبة".. كتاب يستكشف وصايا الفلسفة فى التعامل مع مصاعب الحياة

كتاب الحياة صعبة
كتاب الحياة صعبة وصايا الفلسفة لإيجاد طريقنا

بعيدًا عن الجوانب النظرية التي طرحها الفلاسفة في محاولتهم لفهم العالم من حولهم على مدار التاريخ، فإن الجانب التطبيقي للفلسفة بات قادرًا على جذب الكثير من الفلاسفة المعاصرين في محاولة للنظر إلى إشكاليات الواقع الراهن وقضاياه. 

من هذا المنظور، يأتي كتاب "الحياة صعبة.. وصايا الفلسفة لإيجاد طريقنا"، الصادر عن "دار الساقي" لـكيران سيتيا؛ أستاذ الفلسفة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، ومحرر مشارك في مجلة Philosophers' Imprint، والذي اشتهر بعمله على نظرية المعرفة وفلسفة العقل، والكتاب من ترجمة مالك سلمان. 

عزاء الفلسفة

"هل ثمّة عزاء بل أمل في الاعتراف بمصاعب الحياة؟ هل لذلك أن يعيننا في العثور على الدفء والأمان في الحياة التي نعيش؟ هل يمكن أن يلهمنا الرغبة في عالم أفضل؟" توضح تلك الأسئلة التي وضعها الناشر في نبذته عن الكتاب بعضًا مما يطرحه المؤلف في كتابه ويحاول أن يأتي عمله للإجابة عليه. 

ينطلق الكاتب من قناعة مفادها أن ليس ثمة علاج للوضع الإنساني بشكل كامل، وإنما يكمن أن تقدم بعض الأدوات المساعدة، ومنها الفلسفة الأخلاقية، فيقول "بعد عشرين سنة من تدريس ودراسة الفلسفة الأخلاقية أعتقد بقدراتها على مساعدتنا، وهذا الكتاب يشرح الطريقة التي تستطيع بها الفلسفة تقديم هذه المساعدة". 

التمتع بحياة أفضل

يؤمن الكاتب بأن الفلسفة الأخلاقية تنطوي على هدف عملي، فخلال معظم العصور التاريخية لم يكن هناك تمييز واضح بين الأخلاق الفلسفية والعون الذاتي، وأن الفلاسفة افترضوا أن التأمل الفلسفي في طرق العيش سوف يدفع بحيواتنا إلى الأفضل. 

يشير الكاتب إلى أن التمتع بحياة أفضل ليس الهدف وإنما التمتع بقدر أكبر من الصلابة ومواجهة الحقائق، موضحًا أن الكتاب يضع هدفه تقديم "خارطة للخوض في المناطق الوعرة، ودليل إلى المشقات من المعاناة الشخصية إلى الظلم والعبثية". 

ينطلق الكتاب من المحن والمصاعب ويقدم جهدًا لتقديم العزاء والمواساة، وفي خضم ذلك يطرح الكاتب تأملاته عن أوجه قصور فلاسفة الماضي، ارتكازًا على فكرة أن السعادة لا ترادف العيش الرغيد، فطلب السعادة ربما يتطلب في المقابل التركيز على المحن. 

وفي هذا الصدد يقول: "الحقيقة هي أن علينا ألا نسعى إلى السعادة بل أن نعيش بأفضل الطرق الممكنة، علينا أن نواجه المحن.. والحقيقة هي الوسيلة الوحيدة التي تمكننا من تحقيق ذلك، علينا أن نعيش في العالم كما هو وليس كما نرغب له أن يكون". 

الحاجة إلى المجتمع

من الأفكار الأخرى التي يرتكز عليها الكاتب في عمله أن العيش الرغيد لا يعني تحرير العدالة من المصلحة الذاتية أو الابتعاد عن الآخرين، خصوصًا وأن التأمل الصادق في المحن الخاصة يقود إلى الاهتمام بالآخرين وليس إلى الانغماس في الذات.  

ويجادل الكاتب بأن العزاء ممكن لكل من عانى أو يعاني من الألم سواء كان ألمًا جسديا أو نفسيا ناجما عن العزلة والفقد والفشل، فاستخلاص الأفضل من حالة سيئة ليس نوعا من التأمل وإنما هو سعى لتوصيف الوضع الإنساني بطرق تعمل على توجيه الرغبة.  

ويبين الكاتب أن الفرد بحاجة إلى المجتمع لدرء خطر الأنانية وللتغلب على الألم المتأتي من الوحدة، موضحًا: "ما يجعل من الوحدة شيئا سيئا بالنسبة إلينا لا يكمن في تدمير العزلة لوعينا الذات، إنها سيئة لأننا حيوات اجتماعية تحتاج إلى توليد المجتمع الذي تعيش فيه، إن ألم العزلة ينبثق من الطبيعة الإنسانية وليس من الطبيعة المجردة للذات".