رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عيد مختلف فى الهند!

فى الهند ٢٠٠ مليون مسلم سيحتفلون، اليوم، طبعًا، بعيد الفطر المبارك. لكن كان من المتوقع أن يحتفل كل الهنود بحدث آخر، أو عيد مختلف، هو انتزاعهم لقب «الدولة الأكثر سكانًا فى العالم»، الذى ظلت تحتفظ به الصين، منذ أن بدأ الإحصاء السكانى الأممى، وطوال ٧٢ سنة متصلة. غير أن الحكومة الهندية بدت متحفظة تجاه هذا الحدث، ولم يصدر عنها، إلى الآن، أى تعليق على الأرقام التى توقعتها الأمم المتحدة!

التوقعات التى أعلنها «صندوق الأمم المتحدة للسكان»، أمس الأول الأربعاء، قالت إن عدد سكان الهند سيصل إلى مليار و٤٢٩ مليون نسمة تقريبًا، فى أول يوليو المقبل، بزيادة قدرها ثلاثة ملايين نسمة عن الصين التى سيبلغ تعدادها نحو مليار و٤٢٦ مليونًا، والتى تحركت بشكل حازم، منذ ثمانينيات القرن الماضى، للحد من النمو السكانى، بعدة إجراءات أبرزها سياسة الطفل الواحد التى أنهتها سنة ٢٠١٦ وبدأت سنة ٢٠٢١ السماح للأزواج بإنجاب ثلاثة أطفال، بعد تراجع عدد الأشخاص فى الفئة العمرية الكلاسيكية لسن العمل.

تقديرات الصندوق قد تصيب مرة، وتخيب مرات، إذ كانت قد توقعت أن يصل تعداد سكان العالم إلى ٨ مليارات سنة ٢٠٢٥، وهو الرقم الذى تجاوزناه بالفعل فى نوفمبر الماضى، أى قبل ثلاث سنوات من الموعد المتوقع. والطريف هو باتريك جيرلاند، رئيس قسم التقديرات والبيانات السكانية فى الأمم المتحدة، الذى قال إن أى أرقام متعلقة بالعدد الحقيقى للسكان فى الهند هى «افتراضات ساذجة تستند إلى معلومات متناثرة». وعليه، نرجح ألا تعلن الأمم المتحدة بشكل رسمى عن الدولة صاحبة اللقب، فى ١١ يوليو المقبل، خلال احتفالها بـ«اليوم العالمى للسكان»، اليوم الذى وصل فيه عدد سكان العالم، سنة ١٩٨٧، إلى خمسة مليارات نسمة.

الهند، ذات الأغلبية الهندوسية هى ثالث أكثر بلد من حيث عدد المسلمين فى العالم، بعد إندونيسيا وباكستان، وسابع أكبر دولة من حيث المساحة، وتحتل المركز الخامس من حيث الاحتياطيات الدولية، بعد الصين واليابان وسويسرا وروسيا. كما تقدمت على بريطانيا واحتلت المركز الخامس فى قائمة أكبر اقتصادات العالم، بعد أن كانت معدمة، نسبيًا، وهى تحت الاحتلال البريطانى، وهناك توقعات، أو ترجيحات، بأن تسبق ألمانيا، ثم اليابان، خلال سنوات قليلة، لتصبح فى المركز الثالث، بعد الولايات المتحدة والصين.

الثابت، هو أن الهند لم تصدر إحصاء رسميًا لسكانها، منذ تعداد سنة ٢٠١١، الذى سجّلت فيه مليارًا و٢١ مليونًا فقط. إذ تم تأجيل التعداد الذى كان مقررًا إجراؤه سنة ٢٠٢١ بسبب «كورونا المستجد»، ثم حالت «صعوبات لوجستية» دون إجرائه فى ٢٠٢٢، وفى خطابه بمناسبة «عيد الاستقلال» العام الماضى، تمسّك ناريندرا مودى، رئيس الوزراء، بأن «الهند بلد الـ١.٣ مليار نسمة»، وهو الرقم الذى تم تجاوزه، طبقًا للإحصاءات الأممية، منذ سنوات. والأكثر من ذلك هو أن خبراء السكان فى الأمم المتحدة يتوقعون أن يصل عدد الهنود إلى ١.٧ مليار نسمة سنة ٢٠٦٤، مرجحين أن هذا الرقم سيكون أكبر بنسبة ٥٠٪ من الصين!.

تأسيسًا على ذلك، ربما يكون عدد سكان الهند، حاليًا أو فى يوليو المقبل، أكبر من التوقعات الأممية. كما قد يكون أكبر من الإحصاءات الهندية الرسمية نفسها، لأن شهادات الميلاد لم تصبح إلزامية هناك إلا سنة ١٩٦٩، وهى السنة التى تصادف أن يتأسس فيها صندوق الأمم المتحدة للسكان»، UNFPA، وهو غير «شعبة السكان فى الأمم المتحدة» التى تجمع معلومات بشأن قضايا الهجرة الدولية، والتنمية، والتوسع الحضرى، والآفاق والسياسات السكانية العامة، وإحصاءات الزواج والخصوبة، و... و... وغيرها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الليلة التى تسبق العيد، يسميها المسلمون فى الهند «تشاند رات» ومعناها «ليلة القمر»، وفيها يقومون، غالبًا، بالتسوق. أما اليوم، فقد اعتادوا بعد صلاة العيد، أن يزوروا المقابر، قبل أن يتوجهوا إلى منازل أقاربهم وأصدقائهم، وفى غالبية المناطق يزورهم أصدقاؤهم وجيرانهم غير المسلمين لتهنئتهم.