رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأساطير.. تسالى فى نهار رمضان «4-5»

الأفعى البيضاء.. الحب يجعل الحية ملاكًا

تقول لنا الأساطير الصينية القديمة إن جميع الأشياء قابلة للتغير والنمو، فمن الممكن للحجر أن يتحول إلى نبتة، والنبتة إلى حيوان، ويحتمل أن يصبح الحيوان إنسانًا وبالعكس.

أسطورة الأفعى البيضاء هى واحدة من أشهر أساطير الفلكلور الصينى، وهى معروفة أيضًا فى اليابان. تم استلهامها فى العديد من الأعمال الفنية مثل الموسيقى، الشعر، المسرح، الأدب، الرسوم والجداريات.

وكان الصينيون يعتقدون أن حية الزيزفون، أو كما تسمى الحية البيضاء، تمتلك خواص خارقة للطبيعة، وإذا ملكها الإنسان أو لمسها فإنه يكتسب حكمة وفهمًا واسعًا. 

توجد الحية البيضاء فى المناطق النائية عن البشر، ومن النادر رؤيتها، ربما مرة واحدة كل مئة عام.

ويقال إن من يجدها يجب أن يمسكها من بطنها بيديه، وحينها ستقوم الأفعى بالانشقاق عن جلدها تاركة إياه فى اليد. ولحس هذا الجلد يغرس العلوم فى نفس الإنسان، فيعلم خفايا الأعشاب وأنواع التراب والحجارة، فيعالج بها أمراضًا شتى. 

وتحكى أسطورة الحية البيضاء أن طبيب الأعشاب الموهوب «شو سيان» وقع فى مأزق، فقد افتتح متجرًا للأدوية، لكنه كان قد اشترى بضائعه من مديره السابق، الذى باعه أعشابًا فاسدة.

فكر «شو سيان» كيف سيتصرف فى الأعشاب الفاسدة، فالمدينة قد أصابها الطاعون، ولم يكن لديه ما يداويها به. وعندما بدأ الذعر يسيطر عليه، قامت زوجته «باى سو جين» بتحضير وصفة علاجية تجعل من الأعشاب الفاسدة دواءً، حيث ساعدت وصفتها فى شفاء كل من أصابه الطاعون وبسرعة، حتى مدير «شو سيان» السابق أتى ليشترى بعضًا من الأعشاب الفاسدة ليداوى أسرته.

وبعدها بفترة، جاء «شو سيان» راهب يحذره من أن زوجته «باى سو جين» هى روح شريرة تسكن منزله، ضحك «شو سيان»، فلم يتصور أن زوجته الطيبة الذكية روح شريرة.

أصر الراهب على ذلك، وطلب منه أن يقدم لزوجته نبيذ «رهج الغار» فى اليوم الخامس من الشهر الخامس، حيث تكون قوى الأرواح الشريرة أشد ضعفًا. وأوضح: إن لم تكن روحًا شريرة، فلن يمسها الضرر.

طلب «شو سيان» بأدب من الراهب الانصراف، ولم يكن فى نيته تقديم النبيذ لزوجته، ولكن عندما اقترب الميعاد، قرر أن يجرب الأمر.

وفور أن لمس النبيذ شفتى «باى سو جين» أسرعت إلى غرفة النوم مدعية أنها تشعر بأنها ليست بخير. قام «شو سيان» بتحضير بعض الأدوية وذهب ليلقى عليها نظرة، ولكن بدلًا من أن يجد زوجته فى الفراش، وجد أفعى بيضاء عملاقة ذات لسانٍ دامٍ مشقوق، فوقع صريعًا ميتًا على الأرض من هول الصدمة.

وعندما فتحت «باى سو جين» عينيها، أدركت فورًا ما حدث، فقد كانت أفعى خالدة ذات قوى سحرية خارقة، وقد استعملت قواها لتصبح على هيئة البشر ولتقوم بتحسين معيشتها هى وزوجها.

لم يكن سحر «باى سو جين» قادرًا على إعادة «شو سيان» للحياة، ولكن خطرت لديها فكرة أخرى تمكنها من إنقاذه، فهناك عشب يضمن لآخذه حياة أطول، بل باستطاعته أيضًا إعادة الأموات إلى الحياة. رحلت إلى القطب الجنوبى ووصلت على سحابة إلى جبل «كون لون»، وأكملت الطريق على قدميها لتمر ببوابات ومنعطفات، حتى وصلت إلى لافتة مكتوب عليها «طريق الخلود» معلقة فوق جسر من الفضة.

تنكرت «باى سو جين» على هيئة راهب، وأخبرت حارسىّ العشب بأنها جاءت لدعوة العجوز لاجتماع دينى. وعندما ذهبا ليوصلا رسالتها، انتزعت بعض الأوراق من العشب وهربت.

طاردها الحارسان، وقبضا عليها، اندهش العجوز الحكيم من مخاطرتها بحياتها من أجل سرقة أعشابه وهى فى الأصل خالدة، أوضحت «باى سو جين» حبها الشديد لشو سيان، حتى وإن لم يرغب بعد ذلك بأن يظلا سويًا، بعد أن أدرك أنها روحٌ شريرة، فقد أصرت أن تعيده إلى الحياة. رق قلب العجوز الحكيم بعد أن رأى استعدادها للتضحية من أجله، فسمح لها بمغادرة الجبل ومعها العشب الخالد.

عادت «باى سو جين» إلى الديار لإعادة «شو سيان» إلى الحياة، وعندما فتح عينيه، تحولت نظرات الرعب على وجهه إلى ابتسامة. سواء أكانت روحًا شريرة أم غيرها، فهو سعيد لرؤية زوجته.

وعندما حذره الراهب «فا هاى» ثانية من أن زوجته ما زالت روحًا شريرة، نهره الزوج ووصفه بأنه هو الروح الشريرة؛ لأنه يريد التفريق بين حبيبين. 

وبقى حبهما مثلًا لقدرة الحب على فعل المستحيل، وأن القدر يمكنه أن يغير من طبائع الأشياء ويبدلها.. ويرجع أهالى الصين سر هذا الترابط بينهما إلى وجود اتصال روحى قدرى يعود إلى أكثر من ألف عام، عندما كانت أفعى صغيرة، وأوشك أحد المتسولين على قتلها، قام أحد المارة الطيبين بإنقاذها، وكان مُنقذها هو «شو سيان» فى حياة سابقة.

وهناك من يقول إن «باى سو جين» و«شو سيان» كانا من الخالدين الذين وقعوا فى الحب، وتم نفيهما من السماء؛ لأن القوانين السماوية قد منعت الحب، حيث تجسد هو فى روح بشرية وهى فى روح أنثى ثعبان أبيض لتبدأ قصتهما على التوالى.

وللأساطير بقية...