رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدراما المصرية.. عودة إلى المقدمة

موسم درامي قوي تشهده شاشات العرض العامة والمشفرة رمضان هذا العام، مما يعيد للدراما المصرية مكانتها المستحقة، من خلال مسلسلات لا يستطيع أحد أن ينكر كم الجهد المبذول في أغلبها لخروج كل عناصرها الفنية بالشكل الأمثل، المهم هنا هو أن النتيجة مبشرة حتى الآن، حيث نستطيع بالفعل أن نلحظ تنوع المسلسلات المعروضة كمائدة قادرة على إرضاء كل الأذواق مع الاحتفاظ بالنكهة الخاصة لكل نوع، كمُشاهد من حقك ألا تُعجب بكل ما تحمله هذه المائدة في نفس الوقت، ولكن من المؤكد أنك ستجد أكثر من مسلسل سيفتح شهيتك لمتابعته ويحوز على إعجابك.   
الدراما التاريخية 
عودة الدراما التاريخية هذا الموسم من أهم عوامل تميزه، حيث غابت لسنوات عن مشهد الفن المصري، بالرغم من حاجتنا الماسة إلى تقديمها، خاصة في هذا الزمن بعد تقلص القراءة واتجاه الناس للمرور السريع عبر مواقع الإنترنت التي افتقر معظمها لمصداقية المعلومة أو أمانة وعمق الطرح، هذا العام نرى مسلسل "رسالة الإمام"، الذي يحكي سنوات عاشها الإمام الشافعي في مصر، اللافت هنا ليس عودة هذا النوع من المسلسلات فحسب، بل الجدية الشديدة الواضحة تمامًا خلف صناعة عناصر هذا المسلسل، تتر بدايته يؤكد لك أن صنّاعه على وعي تام بأن عنصر الكتابة هو العمود الفقري لأي عمل درامي، ستكتشف تحت هذا البند وجود 15 متخصص في السيناريو والحوار والبحث التاريخي وتطوير المعالجة وتدقيق اللغة، إذن نحن مبدئيًا أمام عمل يدرك صانعوه جدية التصدي لعمل تاريخي أو تاريخي ديني كما يصنفه البعض، الملاحظ هنا ليس فقط ضخامة الفريق المتخصص، بل اللجوء لمشرفين موهوبين لخلق منتَج نهائي متناغم غير مصاب بالتشتت، هنا كان الدور لمحمد هشام عبية للإشراف على الكتابة والحوار، ومريم نعوم وأحمد بدوي للإشراف على تطوير المعالجة الدرامية، بعد المشاهدة وإعمالا بقاعدة العبرة بالنتائج، سنجد أننا بالفعل أمام كتابة متميزة للغاية، حوار بليغ وسلس، وبطل من لحم ودم، يحب ويكره، يخاف ويغضب، يفحم ببلاغة، ويناقش بوعي وحكمة، جدير بالذكر هنا الإشارة إلى الاختيار الذكي لشخصية الشافعي بالتحديد لتجسيد حياته وعرض أفكاره في مسلسل، بهدف تأصيل الاشتباك مع التطرف ومواجهته بذكاء وشجاعة، وهو ما يفسر جنون الإخوان ورموز الظلام المتجلي على منصاتهم حيث وصفوا المسلسل من خلالها بالجريمة التي لا تغتفر! 
حرفية الكتابة 
من الواضح تماما في هذا الموسم التعامل بجدية أيضًا مع عنصر الكتابة بشكل عام، هناك حرفية واضحة في صناعة الشخصيات، وخلق أحداث لاهثة و قوية تشوق المشاهد لمعرفة جديدها بعد نهاية كل حلقة، أخص بالذكر "جعفر العمدة، خيانة مشروعة، عملة نادرة، الكتيبة 101"، فبالرغم من تنوع المسلسلات الأربعة مابين الدراما الاجتماعية والشعبية والصعيدية والحربية، إلا أن صنعة الكتابة جاءت متميزة للغاية في كل منها، وهو ما ينطبق على مسلسلات جيدة أخرى مثل "مذكرات زوج، سوق الكانتو، رشيد، الهرشة السابعة" أتوقع أن يعاد اكتشافها عند إعادة عرضها بعد انتهاء رمضان.
الكوميديا
قدم موسم هذا العام عددا من المسلسلات الكوميدية أبرزها "الكبير7، كامل العدد، الصفارة"، بالإضافة إلى "جت سليمة، كشف مستعجل" في النصف الثاني من رمضان، للعام السابع حاول  صُنّاع مسلسل "الكبير" الحفاظ على شعبيته من خلال خلق مواقف جديدة لشخصياته المحببه لدى الجمهور مربوحة وجوني ونفادي، بالإضافة إلى مواكبة الظواهر الاجتماعية الجديدة، وهو ما ميز المسلسل خاصة في جزئه السادس، هذا العام يعرض المسلسل ظاهرة هوس الشهرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وغيرها، حيث قدمت أيتن عامر دور بلوجر شهيرة تدعى شروق، تتعرف إلى جوني من خلال أحد برامج صناعة المحتوى، لنكتشف من خلالها زيف وسطحية عدد من أفراد هذه الفئة،  قدم مسلسل "كامل العدد" أيضا معالجة حديثة لفيلم "عالم عيال عيال" "المأخوذ عن أحد الأفلام الأمريكية" اتسمت باللطف والعذوبة ونجحت في إمتاع المُشاهد رغم تكرار الفكرة، وهو ما ينطبق على مسلسل "الصفارة" حيث استطاع أحمد أمين بصفته بطل العمل، والمشرف على كتابته، أن يخلق كوميديا حقيقية تؤكد استحقاقه لحمل مسئولية البطولة المطلقة التي أتمنى أن تمتد للسينما في السنوات المقبلة.