رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قوة الحوار.. والإقناع

أولًا: الإقناع.. هو عملية تحويل أو تطويع آراء الآخرين نحو رأي مستهدف، يقوم المرسل أو المتحدث بمهمة الإقناع أما المستهدف أو المستقبل فهو القائم بعملية الاقتناع.
وتحتاج عملية الاقتناع ليس إلى مهارة القائم بالحديث والمسئول عن الإقناع فقط ولكن أيضا إلى وجود بعض الاستعداد لدى المستهدف، أو مساعدته على خلق هذا الاستعداد لديه.

لماذا نفشل في الإقناع؟ 
كثير منّا يفشلون في عمليّة الإقناع، لأنهم لا يدركون أنّها مهارة لا بدّ من تعلّمها والتدرب عليها، صحيح أنّ البعض يتقن فن الإقناع والتأثير على الآخرين بالفطرة، إلاّ أنّ البعض الآخر بحاجة للعمل بجدّ من أجل اكتساب هذه المهارة. قد يلجأ الشخص في بعض الأحيان لاتباع أساليب خاطئة بهدف تغيير وجهات نظر الأطراف الأخرى مثل: 

1- الإلحاح: هذا الأسلوب خاطئ تمامًا، وهو أبعد ما يكون عن فن الإقناع. فحتى لو نفّذ البعض ما تطلبه منهم بعد تذكير وإلحاح، قد يغضب منك البعض ويصدّونك بقوّة.

2- المبالغة في تقييم قدراتك على الإقناع: عندما تكون واثقًا للغاية من قدراتك على الإقناع، ستتوقّف على الأرجح عن محاولة تطوير مهاراتك في الإقناع والتأثير على الآخرين. يجب عليك إذن، ومع التغيرات التي يشهدها عالمنا، أن تقيّم مهاراتك من وقت لآخر وتحدّد ما إذا كانت بحاجة إلى مزيد من التحسين والتعزيز.

3- الحماس المبالغ فيه: يُخيّل للبعض أنّ إظهار الحماس والشغف هو السبيل الوحيد لإقناع الآخرين والتأثير عليهم، لكن الحماس الزائد سيأتي بنتائج عكسية. 

4- التحدّث دون الاستماع للطرف الآخر:
 يستمرّ البعض بالتحدث لفترات طويلة فى محاولة منهم لإقناع الطرف الآخر بوجهات نظرهم، دون أن يحسبوا حسابًا لهذا الطرف أو ما يريد قوله، وهي الحالة الشائعة التي نلاحظها لدى الكثيرين.

5- إساءة فهم الطرف الآخر:
تقودك إساءة فهم الطرف الآخر الذي تريد إقناعه، إلى إعطائه ملاحظات أو معلومات مغلوطة، ممّا قد يسبب لك خسائر فادحة. لأن هذا الطرف إمّا أن يقتنع بداية بما قلته ثمّ يكتشف بعد بعض الوقت أنّ ما قدّمته من معلومات لم يكن دقيقًا ويغيّر رأيه مرّة أخرى. أو ألاّ يقتنع نهائيًا لأن معلوماتك لا ترضي حاجته ولا تهمّه.

كيف تطوّر مهاراتك في فن الإقناع؟
العمل على فهم وجهات نظر الآخرين من خلال:

1- اعثر على نقاط مشتركة
العثور على النقاط المشتركة هو إحدى أقدم الوسائل المستخدمة في بناء التواصل الإنساني. بناء الثقة المتبادلة التي تعدّ عنصرًا أساسيًا من عناصر الإقناع. فلن تتمكّن من إقناع أحدهم بأمر ما إن لم يكن واثقًا بك.

2- بيّن للطرف الآخر كيف يمكنك أن تخدمه، وذلك من خلال البحث المتعمق وطرح وجهة نظرك بطريقة تقدّم له حلًا يخدمه.

3- تحدّث عن الجوانب الإيجابية والسلبية في وجهة نظرك 
ناقش معهم السلبيات المحتملة لوجهة نظرك، ثمّ وضّح لهم بعدها كيف تسعى للتغلّب عليها. سيصبح الآخرون أكثر اقتناعًا بكلامك حينما يلحظون أنّك تدرك احتمالية الخطأ فيها، لأنّك في هذه الحالة قد وضّحت لهم بطريقة غير مباشرة أنّك درست جميع جوانب القضية ومستعدّ لجميع الاحتمالات. 

تصفح على موقع فرصة التعرض الاختيارى للإقناع.

تتطلب عملية الإقناع أن يكون تعرض الفرد للرسالة اختياريا دون ممارسة أي ضغوط عليه.. إن ممارسة الضغوط بهدف الإقناع تؤدي إلى استثارة عوامل الرفض الداخلي لمضمون الرسالة، ما يصعب مهمة القائم بالإقناع.

تأثير الجماعة التي ينتمي إليها الفرد
تقوم الجماعة الأساسية التى ينتمى إليها المستهدفون أو حتى الذين يرغبون فى الانضمام إليها بدور قوى فى التأثير على عملية الإقناع لديهم.

تأثير قيادات الرأي
قيادات الرأي هم الأفراد ذوو التأثير الذين يساعدون الآخرين ويقدمون لهم النصيحة.
ويتأثر بهم الأفراد أحيانا أكثر من تأثرهم بوسائل الاتصال أو الإعلام.
ويعمل قادة الرأي دورا هاما في تغيير اتجاهات الأفراد.

فن الكلام ثانيًا:  
قواعد اللباقة في الكلام: لا تتكلّم عن نفسك طوال الوقت، سواء كنت تشعر بالسّعادة أو الضّيق.
ابدأ بالإيجاب في القضيّة ثمّ اذكر رأيك المخالف.
لا تقدّم النّصيحة لأحدٍ إلّا إذا طُلب منك ذلك.
إذا لم تكن راضياً عن الحديث لأسباب عقائديّة أو سياسيّة أو أخلاقيّة، فقم بتحويل موضوع الحديث بذكاء وأدب. 
إذا كنت تحادث شخصاً يكثر من مقاطعة الآخرين أثناء الكلام وتكرّرت مقاطعته لكلامك أكثر من مرة، فالحل لذلك أن تنظر إليه وأن تقول له بتهذيب:
لحظة من فضلك، إذا سمحت أودّ أن أشرح وجهة نظري.

فن الحوار ثالثا: 
الحِوار أحدُ أهمّ أساسيّات الحياة البشريّة؛ فهو وسيلة التّواصل والاتصال بين النّاس، وطريقةُ نقل الثّقافات والحضارات، والتّعايش بين كافة أجناسِ البشر؛ فبالحوار تَتَحققُ معاني التَّفاهم وحلِّ المُشكلات.
فالحوار هو تبادل الحديث مع طرفٍ، أو أطرافٍ آخرين مع مراعاةِ الاحترام، وعدم التّعصب للرأي أو الفكرة، وإنمّا الهدف هو استعراض ما لدى المتحاورين من ثقافاتٍ. 

تعلُّم فن الحوار.. يُعد الحوار مهارةٌ كغيرها من المهارات التي يُمكن اكتسابها بالتَّمرين والتّدريب.

فنُّ الحوار يُكتَسبُ بتطبيق بعضٍ أو كُلٍّ ممّا يلي:
أعطِ الأولوية للطّرف الآخر بالبدء بالحديث، خاصّةً إنْ كان أكبرَ منك سنًّا، أو مكانةً علميّةً، أو اجتماعيّةً. أنصت باهتمامٍ وتركيزٍ لِكلِّ ما يقول، وتَجنّب مُقاطعته في أَثناء كلامه.
تحدّث بكلامٍ يَتَناسب مع الفئة التي تَتَحدّث إليها من النّاحية العُمريّة والعِلميّة والثَّقافيّة، ومصطلحاتٍ مفهومةٍ للجميع. 

هناك قصة حوار شهيرة للسيد المسيح.. 
يومًا ما وقد كان الجو حارا جدا وفي منتصف النهار جلس المسيح على بئر ماء وجاءت امرأة غريبة لها عقيدة مختلفة.. امرأة سامرية لتستقي ماء من هذه البئر...
تخيلوا الظروف التي واجهها المسيح في حديثه مع المرأة السامرية: 
هو رجل وهي امرأة، وفي عاداتنا الشرقية لا يصح لرجل أن يتحدث مع امرأة لا يعرفها
في الشارع...
كما أنه معلم عظيم بار وهي امرأة منبوذة.
.. لكن دعونا نرى ونستوعب كيف فتح المسيح الحديث معها..
فجاءت امرأة من السامرة لتستقي ماء فقال لها يسوع أعطيني لأشرب.
 لقد أشعرها بكل بساطة أنه محتاج لها ولمساعدتها.... 
أحيانا نتعامل مع الجدد عنا كفئران التجارب.
بل يجب أن يكون التعامل بكل قلب محب وأحشاء نقية، فالذي يتحدث معه هو إنسان مثقل بهموم ومصاعب كثيرة، لذا الرفع من شأنه يشعره بأنه في ذاته له قيمه هامة وأنه مهم، وهو ليس عددا في تعداد البشرية بل هو شخص متفرد جدير بالاحترام.. الإنسان أهم من المنهاج.. 
اخلق بأي شكل جوًا من الصداقة مع الناس، حينئذٍ يمكنك أن تصل إلى قلبهم.