رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم المرأة العالمى: 100 عام من الكفاح حتى النجاح

يحتفل العالم باليوم العالمى للمرأة فى 8 مارس من كل عام، انتصاراً لمسيرات طويلة من المطالبة بحقوق المرأة أسوة بالرجال للمساواة بينهما فى الحقوق والواجبات، بداية من عام 1908، حيث احتجت المرأة وخرجت عن صمتها إلى الشوارع فى مدينة نيويورك الأمريكية للمطالبة بتقليل عدد ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت فى الانتخابات. وبدأت شعلة الأمل حينها بمظاهرة لـ15 ألف امرأة عاملة ضد الظلم والقهر وعدم المساواة التى تقع على المرأة الأمريكية. 

بدأ تاريخ المرأة حديثاً فى النضال وإثبات حقها ومكانتها التى تستحقها باقتراح قدمته كلارا زيتكين (المهتمة بحقوق المرأة) خلال المؤتمر الثانى للسيدات العاملات فى كوبنهاجن بالدنمارك سنة 1910 بتخصيص يوم عالمى للمرأة، لتكريس مطالب المرأة بشكل عام لتتحمل المرأة سنوات طويلة من المطالبات بالموافقة على تخصيص يوم للاحتفال بالمرأة عالمياً حتى تم اقراره من الأمم المتحدة سنة 1977، وليصبح بعد ذلك 8 مارس من كل عام عطلة رسمية فى بعض دول العالم.

ومن أمريكا إلى مصر أم الدنيا، تمثل المرأة المصرية قصة كفاح حتى النجاح.

بعد 11 عاماً من خروج المرأة الأمريكية إلى الشارع لتعبر عن حقوقها ومطالبها، خرجت المرأة المصرية للدفاع عن وطنها ضد الاحتلال البريطانى خلال ثورة 1919. خروج ضد الاستعمار وضد الظلم وضد الاستحمار المقنن بقيود العبودية، لتروى قصة نضال الرائدة هدى شعراوى، والعظيمات الذين تصدوا لمحتل، وسقط منهن مجموعة من الشهيدات المصريات لتروى دمائهن أرض الكنانة تحت شعار (الهلال مع الصليب). ويرتفع صوت المرأة المصرية لتعبر عن وحدة المصريين بصوت الألم والحزن والفراق والتحدى المستمر والمشروع لاسترداد الأرض وحفظ مكانة المرأة فى المجتمع المصرى.

شعلة الأمل والتحدى تستمر لنحتفل هذا الأسبوع بمرور مائة عام على تأسيس أول اتحاد نسائى مصرى فى 16 مارس 1923، والذى يعد علامة فارقة وذكرى سنوية مجددة للاحتفال بعيد المرأة المصرية.

من المهم الآن، أن نتذكر المطالب التى حددها الاتحاد النسائى المصرى عند تأسيسه، كما جاء فى مذكرات هدى شعراوى، وهى:

1 – رفع مستوى المرأة الأدبى والخلقى لتحقيق المساواة السياسية والاجتماعية من وجهتى القوانين والآداب العامة.

2 – منح الطالبات حرية الالتحاق بالمدارس العالية.

3 – إصلاح العوائد الجارية فيما يتعلق بطلب الزواج حتى يتيسر للطرفين أن يتعارفا قبل عقد الزواج.

4 – إصلاح منظومة القوانين وتطبيقاتها الخاصة بالزواج التى يستمد تفسيرها من القرآن.

5 - وقاية المرأة من الظلم الواقع عليها من تعدد الزوجات الذى لا مبرر له.

6 – وقاية المرأة من الطلاق الذى ينطق بغير روية أو باعث جدى.

7 – قانون للمطالبات يجعل سن البنت 16 عاماً.

 

فما الذى تحقق بعد قرن من الزمان؟

وماذا بعد؟!!

لقد بحثت كثيرا لكى نبدأ الرحلة بعد تأسيس أول اتحاد نسائى مصرى. 

لقد نجحت المرأة المصرية فى تحقيق ريادتها منذ قبول أول دفعة من الفتيات بجامعة القاهرة فى 16 مارس 1928. ثم التحقت العظيمة سهير القلماوى كأول فتاة بكلية الآداب فى عام 1929، وهى التى حصلت على درجة الدكتوراه تحت إشراف طه حسين (عميد الأدب العربى) فى اطروحتها عن "ألف ليلة وليلة". ولم تتوقف المسيرة، وتبعتها عدة طالبات تخرجن في كليات الطب والحقوق والآداب. والآن تتخرج آلاف الطالبات من الجامعات كل عام. وأصبح التعليم الجامعى للفتيات حق بعد أن اقتصر لسنوات طويلة على الطلاب فقط. وتحقق حلم العلم والمعرفة، ولأن المعرفة قوة لا تفضل العقلية الذكورية للمرأة أن تتملكها لتكون أسيرة الظلم والظلام وليس النور والأفكار. وتوالت مسيرة النجاحات بمساواة المرأة بالرجال فى الحقوق حسب نص الدستور. وبعد ثورة يوليو 52، تم إقرار حق المرأة بالترشح والانتخاب للبرلمان سنة 1956، فأصبحت المرأة نائبة فى البرلمان سنة 1957 للمرة الأولى فى الحياة النيابية المصرية. وتحقق ارتفاع سن الزواج إلى 18 عاماً، ولكن القانون أعطى لولى الأمر فى ذلك الوقت طريق الباب الخلفى للتحايل على القانون من خلال (التسنين) إذا لم تكن لها شهادة ميلاد، وهو ما أراه أهم وسيلة للظلم والقهر والتمييز ضد الطفلة المصرية.

نقطة ومن أول الصبر..

رغم أن 16 مارس يعد تتويجاً لجهود المرأة من اسهامات ونجاحات وتحديات إلا أن 11 سبتمبر 2021 يعتبر يوماً تاريخياً، فهو تاريخ إطلاق (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التى اعتبرت المرأة جزءا لا يتجزأ من عملية النهضة الشاملة لتحقيق وبناء الجمهورية الجديدة والعادلة وليست الغاشمة، وتمكين المرأة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. 

سلاماً لأرواح المناضلات اللواتى بدأن طريق الإصلاح لأحوال المرأة المصرية منذ 100 عام. وسلاماً واحتراماً وتقديراً لمن تعهدن باستكمال خطوات الأسلاف للوصول إلى ما نتمناه لتحقيق مكانة أفضل للمرأة.

المرأة المصرية تستحق فى عصرها الذهبى الآن أن تكون من أولويات النهضة الشاملة.

المرأة المصرية من أولويات الجمهورية القوية. 

المرأة المصرية هواها علم وعمل، وشعارها الحب والأمل والتحدى، وعقليتها استراتيجية وطنية، وأحلامها العدل.

ولا يأس مع الحياة.