رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قمة «التجارة الحرة» الإفريقية

بسلسلة من البروتوكولات، تهدف إلى تسريع التنفيذ الكامل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، انتهت، أمس الأحد، أعمال القمة السادسة والثلاثين للاتحاد الإفريقى، التى تصدّرت جدول أعمالها تحديات الأمن الغذائى ومكافحة تغير المناخ، وناقش خلالها القادة الأفارقة ما تم إحرازه من تقدم، أو لم يتم، فى مبادرة «إسكات البنادق»، التى أطلقتها مصر خلال رئاستها الاتحاد الإفريقى، سنة ٢٠١٩، وغيرها من الأزمات المزمنة التى تعانيها دول القارة على المستويين الاقتصادى والسياسى.

سميناها «قمة التجارة الحرة الإفريقية»، ليس فقط لأنها حملت شعار «تسريع مسار تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية»، ولكن أيضًا لأن تنفيذ ما نصت عليه الاتفاقية سيعزز التعاون والتكامل بين دول القارة، لتعظيم المصالح المتبادلة وتحقيق الاستغلال الأمثل للفرص المتاحة، وسيكون إطارًا جاذبًا، أو أكثر جذبًا، لبناء علاقات أكثر عملية مع الدول الكبرى والمؤسسات والتكتلات الدولية، التى يمكنها أن تسهم، بفاعلية، فى مواجهة كل، أو على الأقل غالبية، التحديات الاقتصادية والأمنية والسياسية، القائمة أو المزمنة، التى تواجهها القارة السمراء، والتى تزايدت درجة تعقيدها، وباتت تتطلب أساليب أكثر فاعلية للتعامل معها.

ملف الغذاء، مثلًا، كان حاضرًا بقوة، ومكونًا أساسيًا، فى وعود مسئولى الولايات المتحدة والصين وروسيا، الذين زاروا القارة خلال الشهور أو الأسابيع الأخيرة. إضافة إلى أن القمة السابقة، القمة الخامسة والثلاثين، أقيمت تحت شعار «بناء المرونة فى مجال التغذية بالقارة الإفريقية». كما يمكنك أن تضيف أن الوفد الأمريكى، الذى شارك فى القمة، ضم كارى فاولر، المبعوث الخاص للأمن الغذائى العالمى، ومولى فى، مساعدة وزير الخارجية لشئون إفريقيا، الممثلة الرئاسية الخاصة لتنفيذ تعهدات القمة الأمريكية الإفريقية، التى استضافتها واشنطن، فى ديسمبر الماضى، وحرص خلالها الرئيس السيسى على تسليط الضوء على ما تعانيه إفريقيا من نقص فى الغذاء، وطرح رؤيته، رؤية مصر، لتعزيز الأمن الغذائى فى دول القارة.

جرى خلال القمة، أيضًا، تقييم خطة التنفيذ للسنوات العشر الأولى، ووضع خطة التنفيذ العشرية الثانية، من رؤية الاتحاد الإفريقى ٢٠٦٣، كما تم استعراض تقارير عدد من القادة بشأن الملفات التى يشرفون على تنفيذها وتفعيلها على مستوى القارة. وتركزت الأولويات المصرية، التى طرحها سامح شكرى، وزير الخارجية، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، على سبل مواجهة الأزمة الاقتصادية الدولية وتأثيراتها على دول القارة، وتكثيف جهود حشد الموارد المالية فى المجالات ذات الأولوية، وكيفية مواجهة الآثار المدمرة لتغير المناخ، والتعامل مع التحديات المرتبطة بالسلم والأمن، وتعزيز جهود وقدرات الدول الإفريقية فى مكافحة الإرهاب.

بيان مصر، حول البند الخاص بتقرير أنشطة مجلس السلم والأمن، تناول أيضًا أبرز أولويات العمل الإفريقى المشترك، كتضافر الجهود الإفريقية لاحتواء مواضع الصراع فى القارة وإيجاد الحلول الدائمة لها؛ وضرورة اتساق تلك الحلول مع مبادئ العدالة والإنصاف وإعلاء مصلحة الشعوب، إلى جانب أهمية أن يرتكن أطراف النزاعات لمبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية مع التنفيذ الأمين لتلك الحلول. وبشأن ملاءمة البدء فى انتهاج مُقاربة أكثر إيجابية وأكثر تفهمًا لطبيعة التفاعلات الداخلية فى دولنا الإفريقية التى تمر بمراحل انتقال سياسى، تناولت الكلمة الأوضاع فى السودان الشقيق، على ضوء ما تحققه من تقدم نحو إعادة الاستقرار والانتهاء من المرحلة الانتقالية، كما شدد على ضرورة توفير الدعم اللازم للأشقاء فى ليبيا، لعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، تحت مظلة سلطة تنفيذية محايدة، تعيد إلى ليبيا سيادتها وأمنها استقرارها.

.. وتبقى الإشارة إلى أن نسبة التجارة البينية، بين دول القارة، تبلغ حاليًا ١٥٪ فقط، مقابل أكثر من ٦٥٪ مع الدول الأوروبية. وعليه، تستهدف اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية، AfCFTA، التى تضم كل دول القارة باستثناء إريتريا، تعزيز التجارة بين الدول الإفريقية، والوصول بتلك النسبة إلى ٦٠٪، بحلول سنة ٢٠٣٤. والأهم هى أنها ستؤدى إلى بناء شراكات حقيقية، إقليمية ودولية، من أجل تنمية يقودها الأفارقة، واستئصال الفقر، الذى يغطى جزءًا واسعًا من الرقعة السكانية للقارة.