رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تكشف ما يحدث فى السوق الموازية للدولار

الدولار
الدولار

حالة من التدهور والانهيار أصابت السوق الموازية للصرف فى مصر، عقب موافقة صندوق النقد الدولى على حزمة التمويل الخاصة بمصر، ما انعكس على تراجع سعر صرف الدولار خارج السوق الرسمية، ليصل إلى مستوى ٢٩ جنيهًا، بعدما وصل إلى ٣٨ جنيهًا فى يوم الجمعة الماضى.

«الدستور» تواصلت مع عدد من خبراء الاقتصاد، للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع المفاجئ للسوق الموازية، وكيف أسهمت الإجراءات الأخيرة للدولة فى تحقيق ذلك الانخفاض.

فخرى الفقى:الفجوة ستقل أكثر بين السعرين الرسمى والخارجى 

قال الدكتور فخرى الفقى، أستاذ الاقتصاد، والمستشار السابق بصندوق النقد الدولى وعضو مجلس إدارة البنك المركزى المصرى سابقًا، إن الاقتصاد المصرى أثبت قوته بعد الموافقة النهائية لصندوق النقد الدولى على إقراض مصر ٣ مليارات دولار، مؤكدًا أن تلك الموافقة كانت العامل الرئيسى وراء تراجع سعر الدولار فى السوق الموازية.

وأضاف «الفقى» أن الموافقة النهائية لصندوق النقد تعنى اعترافًا صريحًا من الصندوق بأن مصر لديها من الإمكانات والقوة ما يجعلها قادرة على تسديد الديون، وتنفيذ إصلاحات كمية وهيكلية بالدولة، وهما المعياران الأساسيان اللذان يقيس عليهما صندوق النقد قوة الدولة التى سيقرضها.

وتابع أن من بين أهم الإصلاحات الهيكلية التى بدأت بها مصر هو قرارها الإلغاء التدريجى للتعليمات الصادرة بتاريخ ١٣ فبراير ٢٠٢٢، والخاصة باستخدام الاعتمادات المستندية فى عمليات تمويل الاستيراد، والتى من المتوقع أن يتم إلغاؤها بالكامل خلال الشهر الحالى، مشيرًا إلى أن هذا القرار سيكون سببًا فى حدوث انفراجة كبيرة فى أزمة توافر السلع وأسعارها.

وأضاف أنه نتيجة الموافقة النهائية لصندوق النقد الدولى أيضًا، رفع البنك المركزى سعر الصرف، وهذا الأمر مثل ضربة قاضية لتجار السوق الموازية الذين اضطروا إلى تخفيض السعر حتى سجل ٣٠ جنيهًا، بعدما وصل إلى ٣٧ جنيهًا منذ أيام، وهو ما يعنى أن السوق الموازية للدولار تتبع لأول مرة السعر فى البنك المركزى المصرى، متابعًا: «هذا ما يؤكد أنه فى الأيام القليلة المقبلة، ستقل الفجوة أكثر بين سعر الدولار فى البنك المركزى وسعره فى السوق السوداء».

وذكر أن استقرار سعر الدولار فى البنك المركزى وتداوله بقيمته العادلة، سيخلق اطمئنانًا لدى المواطن العادى، الذى كان يحجب الدولار انتظارًا لزيادة قيمته، وتحقيق الربح فيه بالسوق الموازية، حيث سيعود ليتداوله مع البنك المركزى، لأنه سيعلم أنه سيحصل على قيمته الحقيقية منه، وهذا الأمر سيزيد من احتياطى الدولار فى البنك، وسيؤثر إيجابًا على الاقتصاد المصرى والسوق بأكملها.

كريم رضوان:الشائعات وراء زيادة سعر «الأخضر»

كشف كريم رضوان، الباحث والمحلل الاقتصادى، عن أن هناك العديد من الممارسات التى أحدثت توترًا وقلقًا لدى المواطن حول سعر الدولار، لما له من أهمية على كل الأصعدة الاقتصادية، إلى جانب تأثير سعره المباشر على حياته اليومية، وتداخله فى جميع قطاعات الحياة.

وأوضح أن بين هذه الممارسات زيادة حدة الفجوة بين سعر صرف الجنيه فى السوق السوداء والسوق الرسمية، ما أدى إلى تجاوز سعر الدولار حاجز الـ٣٣ جنيهًا فى السوق الموازية، وبالتالى إثارة حالة من القلق لدى الجميع، حتى رجّح البعض عقد البنك المركزى اجتماعًا استثنائيًا لتحرير سعر الصرف بشكل كامل قبل اجتماع صندوق النقد الدولى، وهو ما لم تفعله الحكومة.

وأضاف أن من بين هذه الممارسات أيضًا، ما تم افتعاله من قبل بعض المستفيدين من إثارة البلبلة حول ارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه، خاصة فى السوق السوداء، وإقدامهم على عمليات مضاربة لتحقيق مكاسب هائلة، ولعل ذلك ما كان سببًا رئيسيًا نحو دفع الدولار ليصل إلى نحو ٣٨ جنيهًا فى السوق السوداء.

وواصل: «تعمُّد هؤلاء كذلك نشر العديد من الشائعات حول الاقتصاد المصرى يعد من أبرز الممارسات التى تسببت فى قلق المواطن، ومن بين هذه الشائعات أن الدولة بصدد تنفيذ تعويم آخر للجنيه، وهو أمر غير صحيح بالمرة».

وأكمل: «ليس هناك تعويم ثالث للجنيه، وذلك لكون الدولة قد اعتمدت سعر صرف مرنًا للجنيه، وفقًا لطلب صندوق النقد والمناقشات التى جرت للحصول على القرض الأخير، وهو ما يعنى أن سعر صرف الجنيه أمام الدولار سيكون مرنًا حسب العرض والطلب خلال الفترة المقبلة».

واختتم بقوله إن هذا يؤكد وجود تحسن اقتصادى قادم فى كل العوامل المكونة للنقد الأجنبى داخل مصر، مثل تحويلات المصريين فى الخارج، وإيرادات قطاع السياحة، وإيرادات قناة السويس، وكل تلك المؤشرات ستدفع سعر الدولار أمام الجنيه نحو التراجع.

أسامة السعيد:قرار صندوق النقد صفعة على وجه «المُضاربين»

رأى الدكتور أسامة السعيد، العميد السابق لكلية التجارة جامعة بنى سويف، أن هناك العديد من الأسباب التى تقف وراء انهيار أسعار الدولار فى السوق الموازية، بعدما ارتفع بشكل غير مبرر فى نهاية نوفمبر وأوائل ديسمبر الجارى.

وقال «السعيد» إن سعر الدولار ارتفع بشكل غير مبرر فى الفترة سالفة الذكر نتيجة لاتجاه العديد من التجار وأصحاب معارض السيارات وأصحاب محال الذهب والمضاربين إلى «الدولرة»، ومحاولة التخلص من الجنيه المصرى بالبيع وشراء الدولار بأى ثمن، حتى لو كان هذا السعر غير منطقى، ما أثار حالة من الهلع غير المبرر لدى العديد من المواطنين، ولهم العذر فى ذلك لعدم تخصصهم.

وأضاف: «نما شعور جمعى لدى فئات كثيرة من المواطنين بأن الدولار أو الذهب هو الملاذ الآمن لثرواتهم ومدخراتهم، وأسهم العديد من المضاربين فى الارتفاع المختلق للطلب على الدولار والذهب، بحيث زاد السعر مرات عديدة نتيجة طلب غير حقيقى، حقق منه هؤلاء المضاربون مكاسب غير شرعية قائمة على الشائعات وتداول معلومات غير صحيحة».

وواصل: «المفاجأة كانت قرار صندوق النقد الدولى الأخير، الذى مثل صفعة على وجه كل المضاربين فى الأسواق الموازية، لأن هذا القرار مثل شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، واعترافًا بأن الإجراءات المتخذة سابقًا كانت على الطريق الصحيح، مع الإشارة إلى ضرورة دعم مظلة الحماية الاجتماعية خلال السنوات الأربع المقبلة مدة عقد القرض».