رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الجندى الساحر».. كيف لعب أنطوان جريزمان الدور الأهم فى تشكيلة فرنسا؟

جريزمان
جريزمان

مَثل أنطوان جريزمان، نجم منتخب فرنسا، علامة استفهام كبيرة، بعد ما قدمه مع منتخب بلاده طوال مشوار بطولة كأس العالم قطر ٢٠٢٢، كواحد من أهم اللاعبين مع «الديوك»، إن لم يكن أهم هؤلاء اللاعبين، لما له من أدوار مركبة ومحورية فى الشكل والنتائج حتى هذه اللحظة.

«جريزمان» الذى لم يرضَ عنه أحد فى برشلونة، اجتمع حوله العالم فى فرنسا، وبات بين أكثر ٣ إلى ٥ لاعبين يتلقون إشادات وثناءً لا محدود على ما يقدمه مع منتخب فرنسا، وهو ما زاد التساؤلات حول أسباب فشله مع الفريق الكتالونى، ونجاحه هنا مع فرنسا.

السبب الأول فى تألق «جريزمان» يعود إلى فلسفة اللعب التى يقوم عليها منتخب فرنسا، تحت قيادة ديديه ديشامب، مقارنة بفلسفة «التيكى تاكا» فى برشلونة، التى لم يُجدْ فيها النجم الفرنسى.

لدى برشلونة كل شىء محسوب، التحرك، التمرير، التمركز، والتكتيك هو سيد الموقف، ومساحة العمل الفردى محدودة للغاية، كما أن فلسفة اللعب تقوم على الحيازة الكاملة، ما يضيق المساحات حينما يعود الخصوم للتكتل فى الخلف.

بينما فى فرنسا تظهر المساحات، حيث الاعتماد على التحولات دفاعيًا وهجوميًا، ففرنسا ليس الفريق الذى يفضل التحكم طوال الوقت، ويسعى «ديشامب» لسحب الخصم إلى الأمام، عبر ترك الحيازة فى أوقات كثيرة، مراهنًا على الضغط القوى وصناعة التحول فى المساحات التى تظهر.

هنا يبرز دور «جريزمان» فى ربط خطوط اللعب الثلاثة، فهو المحطة التى يجب أن يمر من خلالها الجميع ويتحولون من الدفاع إلى الهجوم، والعكس تمامًا. يبذل «أنطوان» جهدًا كبيرًا من الناحية الدفاعية، عبر التحول إلى لاعب وسط ثالث مع لاعبى الارتكاز تشاومينى ورابيو، قبل أن يصاب الثانى ويدخل بدلًا منه فوفانا، فتجده دائمًا يدافع إلى جوار أحد الظهيرين أو فى عمق الملعب، رغم أن مركزه الأساسى صانع لعب، ومن المفترض أن يكون اللاعب الأقرب إلى المهاجم الصريح جيرو.

لكن لأن «مبابى» لا يعود كثيرًا، يعوّل «ديشامب» على تحويل رابيو خلفه للدفاع فى الجهة اليسرى، ويعود جريزمان لأداء مهام الوسط الدفاعى بجدية كبيرة، ونجح بالفعل فى منح فريقه حالة اتزان وصلابة كبيرة فى الوسط.

ورغم هذا الجهد الكبير، إلا أنه يكون الركن الأساسى للعملية الهجومية، فـ«جريزمان» هو اللاعب الذى يحقق الكثافة العددية فى منطقة الكرة، فإذا أراد «ديشامب» خلق تفوق ناحية «ديمبلى» تجده ثالثًا مع الظهير الأيمن المتقدم، وإذا أراد تحويل الأمر فى الجهة الأخرى، ستجده قريبًا من «مبابى»، ولما يريد اللعب فى العمق مباشرة، يتحول «جريزمان» لمهاجم ثان بالقرب من «جيرو»، إن لم يكن هو صاحب التمريرة الأخيرة.

دون «جريزمان» سيفشل كثير من أفكار «ديشامب»، فمعظم لاعبى فرنسا يمتاز بالروتينية، ويمكن استبدال أى منهم ومنح المهمة لشخص آخر، بينما «جريزمان» هو اللاعب الوحيد الذى لا يمكن تعويض أدواره فى الفريق، أو على أقل تقدير هو أكثر لاعبى فرنسا أهمية وضرورية، وإذا غاب سيكون بحاجة لاستبدال أشياء كثيرة.

أحد أهم أسباب تألقه أيضًا، حالة الثقة الكبيرة التى منحها له «ديشامب»، والتعويل عليه فى أدوار القيادة داخل الملعب، وجعله المتحكم الفعلى فى شكل الفريق، بخلاف ما كان عليه فى وجود ليونيل ميسى مع برشلونة، وهنا إجابة أخرى عن سر الاختلاف بين «جريزمان فرنسا» و«جريزمان برشلونة».