رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فردة حذاء تبرئ سفاح بني مزار من ذبح 10 أشخاص

سفاح بني مزار
سفاح بني مزار

10 جثث لرجال ونساء وأطفال "أعضاء تناسلية مبتورة" يجاورها طيور "الحمام" المذبوح لغز عمره 17 عامًا، المتهم الوحيد الذي خضع لمحاكمة عرف حينها بـ"سفاح بني مزار" برأته المحكمة لعدم معقولية تمكنه من قتل 10 اشخاص والتمثيل بجثثهم في وقت قليل ومتقارب وتظل القضية غامضة بعد مرور كل تلك السنوات. 

مجزرة بشعة 

فجر 29 ديسمبر 2005 بعزبة شمس الدين التابعة لمركز بني مزار وقعت الجريمة التي راح ضحيتها 10 اشخاص "رجال ونساء وأطفال"، المواطن أبو بكر عبد المجيد هو أول من كشف المأساة عندما متجهاً لأداء صلاة الفجر في مسجد القرية كعادته كل يوم، قبل ذهابه إلى عمله في مخبزه، اعتاد المرور بمنزل شقيقه طه المحامي ليوقظه فيترافقان لأداء صلاة الفجر، طرق الباب مراراً وتكراراً ولا جواب على غير العادة، تسللت الشكوك إلى نفسه فاقتحم المنزل ليفاجئ بمشهد مروّع كاد يفقده وعيه، شقيقه ووالدته غارقين في دمائهما صرخ كالمجنون مستغيثا بالجيران، فهرعوا إليه من كل حدب وصوب.

كان المحامي طه عبد المجيد (27 عاماً) مسجى على الأرض مقتولاً  قرب جثة أمه السيدة هند أحمد حسن إبراهيم (63 سنة). 

ما هي إلاّ دقائق حتى تعالى صراخ مصدره منزل المزارع السيد محمود محمد عبده (50 عاماً) ما إن استيقظت ابنتاه زينب وأم هاشم على وقع الضجيج في منزل المحامي حتى فوجئتا بجثة والدهما وشقيقيهما في الغرفة المجاورة. 

بعد أقل من ساعة، كان محمد يحيى أبو بكر (تلميذ في الصف الأول الإعدادي) في طريقه إلى منزل والده قادمًا من منزل جدته حيث كان يبيت ليلته وحين بلغ المنزل فاجأه مشهد والديه وشقيقه وشقيقته.

قربان للجن 

كانت جريمة غير مسبوقة فالقتلى لا يربطهم أي صلة أو ثأر ومنازلهم لم يسرق منها شيء، لكن العامل المشترك في الجرائم كلّها كان الاستيلاء على أعضائهم التناسلية، سيطرت حالة من الرعب على سكان القرية فاضطرت أسر كثيرة إلى القيام بنوبات سهر أثناء الليل، لم يغمض للبعض جفن خوفاً من تسلل المجرم الشبح فيذبحه ويمثل به. 

وسرت شائعات أن القتلة هم من السحرة الباحثين عن الكنوز الفرعونية يحتاجون إلى أعضاء بشرية بغية تقديمها قربانًا للجان؛ لتسهيل الوصول إلى الكنوز الأثرية وانتشرت شائعات أخرى مفادها أن الفاعل عصابة تتاجر بالأعضاء البشرية، خاصة أن عدداً وافراً من سكان القرية أكد ظهور سيارة قبل الحادث بأيام، تحمل فريقاً طبياً لأخذ عينات دم من بعض الأسر، وترك علامات على بعض المنازل ثبت لاحقاً أن وزارة الصحة لم ترسل أي وفد طبي إلى القرية حينئذٍ أصبح اللغز معقدًا وازداد الرعب بين السكان.

ومما زاد من شائعة أن البحث عن كنز أثري وراء الجريمة هو العثور على "حمام" مذبوح بجوار جثث الضحايا. 

 الجاني مختل عقليًا

بعد أيام من الجريمة وحالة الفزع التي عاشها أهالي القرية أعلنت وزارة الداخلية خلال مؤتمر صحفي ضخم أن الجاني أحد أهالي القرية وتربطه ببعض الضحايا صلة قرابة ونسب وأنه مختل عقليًا يدعى محمد أحمد عبد اللطيف (27 عاماً)، عاطل عن العمل وغير حائز أي شهادة مدرسيّة.

صرّح المصدر الأمني حينها: "اعترف المتهم بالواقعة بكل تفاصيلها وهو مختل عقليًا ويعاني فصاماً في الشخصية، تسلل إلى منازل الضحايا ليلًا مستخدماً السلم الخشبي فقتلهم وتوصلت إليه الشرطة عن طريق فردة حذائه التي عثر عليها في مسرح الجريمة" وأجرت النيابة العامة تحقيقات موسعة معه وأطلق عليه خلالها "سفاح بني مزار". 

محاكمة 

يوم الخميس في الأول من يونيو 2006 قرر النائب العام الراحل المستشار ماهر عبد الواحد إحالة محمد علي عبد اللطيف الى محكمة الجنايات بتهمة قتل عشرة أشخاص في قرية شمس الدين في مركز بني مزار في محافظة المنيا في التاسع والعشرين من ديسمبر 2005 وتبين سلامة قواه العقلية وفي ضوء اعترافه واعتراف عدد من الشهود بارتكابه المجزرة البشعة.

نسبت النيابة إلى المتهم تهمة القتل عمداً مع سابق الإصرار والترصد حيث توجه إلى ثلاثة منازل وتسلق أسوارها وقتل من فيها وأصدرت النيابة العامة بيانًا أكدت فيه سلامة القوى العقلية للمتهم أثناء ارتكاب جريمته في ضوء تقرير بهذا الشأن صادر عن مستشفى الأمراض العقلية في القاهرة بعدما أودع المتهم فيه عقب ارتكابه الجريمة، وأفادت النيابة أن المتهم اعترف في التحقيقات بتفاصيل جريمته ومكان الأعضاء مشيرة إلى أن المتهم ارتكب جريمته تحت تأثير «هاتف» دعاه إلى ذلك وتنقل بين المنازل الثلاثة تحت جنح الظلام ليقتل من كان فيها.

أكد تقرير الأدلة الجنائية أن نتيجة فحص الجلباب والحذاء الخاصين بالمتهم المذكور كشف عن كون الآثار الموجودة عليهما من دماء الضحايا أنفسهم، كما كشفت الصفة التشريحية عن أن سبب وفاة المجني عليهم إصابتهم في الرأس والوجه والعنق وأن الأعضاء التناسلية التي عُثر عليها اعلى اسطح المنازل خاصة بهم فطالبت النيابة بتطبيق مواد قانون العقوبات على المتهم المذكور بإعدامه شنقاً.

لغز الحذاء والبراءة 

عقب تداول القضية عدة جلسات بالمحكمة وتطوع المحامي الراحل طلعت السادات للدفاع عن المتهم قام خلال إحدى الجلسات بالاستعانة بفردة الحذاء الذي عثر عليه بمسرح الجريمة وطلب من المتهم ارتدائه فلم يستطع إدخاله في قدمه حيث أن الحذاء المحرز كدليل مقاسه 42 في حين أن مقاس قدم المتهم 45 واستدعت المحكمة خبير أحذية لإجراء مقارنة بين حذاء المتهم وفردة الحذاء التي عثر عليها في مسرح الجريمة وثبت ما سبق. 

أصدرت محكمة جنايات المنيا حكمها ببراءة المتهم لعدم تصور ارتكابه للجريمة بمفرده من دون استيقاظ أي من المجني عليهم. 

في الجلسة التي حددتها محكمة النقض للنطق بالحكم برأت المحكمة وبشكل نهائي محمد علي عبداللطيف من تهمة قتل 10 اشخاص ليظل الجاني مجهولًا حتى الآن.