رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لحمة مزروعة».. أحدث تقاليع مواجهة تغيرات المُناخ.. هل ستصبح البديل؟

لحم مزروع
لحم مزروع

 

في طفرة جديدة لعالم الغذاء تمكن علماء من توفير تقنية لزراعة اللحم في مختبرات للحفاظ على البيئة وتلبية الحاجة للحوم، ليتوفر للعالم ما يسمى باللحم المستنبت أو الصناعي، بدلًا من الحصول عليه بذبح الماشية والأبقار.

 

وعلى الرغم من غرابة هذه التقنية، التي تدفع البعض إلى عدم تصديقها إلا أن كثيرين وجدوا فيها مستقبل للحوم النظيفة في العقود القادمة، وحلا بديلا لنقص الغذاء العالمي، وكذلك تلوث المناخ.

  

 واللحم المستنبت Cultured meat، مأخوذ من خلايا حيوانية يتم استنباته في المختبر بدلاً من أخذه من اللحوم المذبوحة، وهو أحد أشكال الزراعة الخلوية.

 

وتُنتج اللحوم المستنبتة باستخدام العديد من تقنيات هندسة الأنسجة المماثلة والمستخدمة تقليدياً في الطب التجديدي.

 

وكان قد انتشر مفهوم اللحم المستنبت بواسطة جيسون ماثني في أوائل عقد 2000 بعد مشاركته في تأليف ورقة بحثية، عن إنتاج اللحوم المستنبتة وتأسيس نيو هارڤست، أول منظمة غير ربحية في العالم تخصص لدعم أبحاث لحوم المختبر.

 

في 2013، كان مارك پوست، أستاذ بجامعة ماستريخت، أول من عرض دليلاً على مفهوم إستنبات اللحوم في المعمل بعمل أول شطيرة برجر من لحوم مستنبتة في المعمل، ومنذ ذلك الوقت، حازت العديد من النماذج الأولية من اللحوم المستنبة اهتماماً عالمياً، إلا أنه بسبب محدودية الأنشطة البحثية المكرسة، لم يتم تسويق اللحوم المستنبتة تجارياً حتى الآن، بالإضافة إلى ذلك، لم يعرف بعد ما إذا كان المستهلكين سيقبلون باللحوم المستنبتة بديلاً للحوم.

 

ومؤخرًا نجح باحثون يابانيون في تفادي سلبيات الجهود البحثية السابقة للحوم المزروعة مختبرياً، وحصلوا على عينة لحوم بحبيبات وملمس لحم الحيوانات الحقيقية.

 

خبير زراعي: حل بديل لتقليل الانبعاثات

 

في حديثه "للدستور" قال المهندس الزراعي سيد فرج إن تلك تقنية إنتاج اللحوم من خلال المختبرات ظهرت نتيجة الحاجة إلى اللحوم حول العالم نظرًا لزيادة عدد السكان، إذ أصبحت اقتصاديات تربية الحيوانات غير مستدامة كما أنه من وجهة نظر خبراء البيئة فإن تكاليف الأراضي والمياه لتربية الماشية الضخمة الحديثة لا يمكن تحملها فضلًا عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن التربية، وتابع أن أحد الأسباب كذلك هو محاولة منع الاستغلال البشري للأنواع الصغيرة جداً من المواشي من أجل الغذاء.

 

وكانت قد بذلت جهودا بحثية على هندسة أنسجة اللحوم المستزرَعة في عدد من المراكز بجميع أنحاء العالم، ولكن كان معظم منتجات اللحوم المُصنَّعة حيوياً هي لحم مفروم غير متبلور أو حبيبي، وتفتقر إلى حبيبات وملمس لحم الحيوانات الحقيقي، وهي المشكلة التي تجاوزها فريق بحثي من جامعة طوكيو في الدراسة التي نُشرت أول من أمس في دورية "ساينس إن فوود.


 وبأستخدام التقنيات التي تم تطويرها للطب التجديدي، نجح الفريق البحثي في استزراع قطع بحجم مليمتر من اللحم تحاكي ملمس شرائح اللحم وإحساسها في الفم، حيث تم استزراع الخلايا العضلية المأخوذة من اللحم البقري التجاري في وحدات هيدروجيل يمكن تكديسها للسماح بحدوث الاندماج في قطع أكبر، ونجحوا باستخدام مواد مساعدة وتحفير كهربائي في المحاكاة التشريحية للأنسجة العضلية للوصول إلى ملمس اللحوم الطبيعية.

 

وقال الباحث الرئيسي يويا موريموتو، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة طوكيو بالتزامن مع نشر الدراسة: «أظهرت تحليلاتنا المورفولوجية والوظيفية والغذائية أن الأنسجة العضلية المستزرَعة تبشّر بالخير كبديل موثوق لشرائح اللحم، وكان التلوث الجرثومي غير قابل للكشف، وهذا له آثار على النظافة وقبول المستهلك وفترة الصلاحية».

 

 وأضاف شوجي تاكيوتشي المشارك بالدراسة: «طريقتنا تمهّد الطريق لمزيد من التطوير لأجزاء أكبر من اللحوم المستنبَتة الواقعية التي يمكن أن تكمل أو تحل محل المصادر الحيوانية».

 

وأشار تقرير حديث نشر في موقع إنسايدر إلى أن غالبية اللحوم التي سيتناولها الناس في عام 2040 لن يكون مصدرها حيوانياً.

 

كما توقع خبراء صناعة الشركات الغذائية العالمية أن 60 في المئة من منتجات اللحوم التي نستهلكها في عام 2040 إما ستستبدل بمواد نباتية تبدو كاللحم أو ستتم زراعتها داخل أحواض، وهذه الخطوة ستسلط الضوء على الآثار البيئية السلبية لإنتاج اللحوم التقليدية.

 

وتقدر قيمة صناعة اللحوم التقليدية، التي تضمّ مليارات الحيوانات، نحو ألف مليار دولار سنوياً، إلا أن الآثار البيئية الناتجة عنها أصبحت واضحة من خلال الدراسات العلمية الحديثة، خصوصاً مع الانبعاثات التي تسببت في أزمة المناخ ومختلف المشاكل البيئية التي تسببت في تدمير الأراضي الزراعية وتلوث الأنهار والمحيطات.