رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من محمد على إلى عبدالفتاح السيسى: المؤامرة على تحديث مصر

- «الفارق بين الزمالك والوراق هو التخطيط».. الرسالة التى لم يفهمها الخائفون من التطوير 

- كل مشاريع تطوير مصر يتم توارثها من عهد لعهد ولم يمتلك أحد الجرأة لتنفيذها سوى الآن 

- «العاصمة الجديدة» حلم بها عبدالناصر والسادات وعطّلها مَن تلاهما وحوّلها السيسى إلى حقيقة 

- الخوف والطمع والغرض.. ثلاثة أسباب ترسم صورة الدعاية السوداء ضد مشاريع التطوير 

أتابع الدعايات التى تروج ضد مشروع تحديث مصر حاليًا وأحاول أن أعود للجذور.. هناك جذور ثقافية لهذا بكل تأكيد يلعب عليها انتهازيون وأذناب لقوى داخل وخارج مصر.. فى العمق توجد الأفكار الظلامية التى عادت مشروع بناء مصر الحديثة منذ عهد محمد على وحتى الآن، بعض أبناء هذا الشعب الطيب اعتادوا على الارتياب فى السلطة عبر عهود متتالية من الاحتلال والمعاملة القاسية، ورغم أن محمد على كان اختيار المصريين أو نخبتهم المتعلمة إلا أن مشاريعه للتحديث وُوجهت بالخوف من الناس، قرر الرجل أن يؤسس أول جيش وطنى وأن يعيد المصرى لخدمة علم بلاده بعد قرون من الاحتلال والهوان وعدم وجود جيش مصرى يحمى مصر، ورغم أن التجنيد كان يعنى فرصة للتعليم والراتب والرعاية الصحية وخدمة الوطن والإحساس بالذات كان بعض الفلاحين يهربون منه، والأكثر من هذا أن بعضهم كان يقطع إصبع السبابة فى يده اليمنى حتى لا يصبح لائقًا طبيًا!، فى كتابه «السعى للعدالة» يتحدث المؤرخ خالد فهمى كيف حاول أحد طلاب الطب اغتيال «كلوت بك» أبوالطب الحديث فى مصر، لأنه أقدم على تدريس علم التشريح وهو ما اعتبره الطالب المتخلف مساسًا بحرمة الجسد الإنسانى، رغم أن الطب الحديث نفسه أحد دلائل رحمة الله بعباده، ولولاه لمات مليارات البشر وتعذبت مليارات أكثر.. الأكثر من هذا أن أسر بعض الطلاب النابهين فى الكتاتيب كانت ترفض إرسالهم لبعثات الوالى لأوروبا لدراسة العلوم الحديثة وتفضل أن يبقوا لفلاحة الأرض.. هذا هو الجذر التاريخى لما نراه حولنا من مظاهر ارتياب وتشويه لكل مخططات التحديث العملاقة والطموحة بدلًا من الامتنان لها وللقائمين عليها.. هذا الجذر القائم على الارتياب يجد عناصر انتهازية ورخيصة ومغرضة من النخب تلعب عليه وتضخمه وتستغله فى الكيد السياسى والتشويه والدعاية السوداء، يتزايد هذا كلما تعارض مشروع التطوير مع مفاهيم غائمة وغير واضحة مثل «حق السكان فى البقاء فى أماكنهم الطبيعية»، قبل يناير ٢٠١١ عزفت عدة صحف ومراكز حقوقية ممولة هذه المعزوفة حول مشروع تطوير ماسبيرو.. كانت المنطقة التى تحتل سُرة القاهرة منطقة عشوائية خطرة تدعى «عزبة الشيخ على».. بيوت غير آدمية ومسجلون خطرًا وشوارع غير مخططة، وكان كل شىء يقول إن المنطقة يجب أن تخضع للتطوير، لعب الرطان اليسارى ومصالح بعض المتمولين وتحريض شركات التطوير العقارى ضد بعضها دورًا فى خلق رأى عام معادٍ للتطوير صادف حكومات ضعيفة وسيولة سياسية، تم تنفيذ المشروع وتم تعويض السكان ومنح مَن يريد منهم وحدات بديلة، ولم يكن ثمة اعتراض لدى أحد، انتقلت لجان الدعاية السوداء للمرحلة التالية مثل البكاء على محل ساعات قديم تم هدمه فى المنطقة، رغم أن المحل نفسه كبناء ليس قيمة، القيمة فى نشاط صاحبه نفسه والساعات التى يملكها واللافتة القديمة، وهذه كلها يمكن وضعها فى بناء جديد.. انتقلت الدعاية للمرحلة الثالثة وهى نشر صور للأبراج قبل أن تكتمل، أو استغلال أن لون واجهاتها الخارجية لون رمادى غامق «فى رأيى أنه لون سيئ» ومحاولة تشويه المشروع على طريقة «الورد أحمر الخدين».. تكرر نفس السيناريو بشروط أفضل لمحترفى الدعاية السوداء مع مشروع «تطوير جزيرة الوراق».. بشكل عام فإن كل مشروعات التطوير فى مصر تتميز بأنها مدروسة جيدًا ويتم توارثها من عهد لعهد، أى حكومة ستأتى كانت ستنفذ هذه المشاريع من أول حكومة صدقى سليمان فى عهد الرئيس عبدالناصر وحتى حكومة مصطفى مدبولى فى عهد الرئيس السيسى مرورًا بحكومات السادات ومبارك، على سبيل المثال فإن مشروع توشكى عطله وقوع النكسة وتم البدء فيه فى عهد مبارك وتم إنجاحه وتعويمه فى عهد الرئيس السيسى، أما العاصمة الإدارية الجديدة فقد بدأ بناؤها عام ١٩٦٠ وأطلق عليها مدينة نصر وكانت الإعلانات تصفها بأنها عاصمة مصر الجديدة، وكانت فيها مشروعات تبدو وقتها غير منطقية مثل استاد القاهرة الدولى.. فى عهد السادات تم بناء عاصمة جديدة بالفعل هى مدينة السادات وبُنيت مقار للوزارات بالفعل، لكن خوف الرئيس مبارك من التغيير منعه من نقل الوزارات لهذه المدينة التى بقيت مهجورة بعدها لسنوات طويلة، مشروع تطوير جزيرة الوراق هو باقى جزر النيل ينطبق عليه نفس الأمر، هناك عدم عدالة فى أن يستولى البعض على جزر النيل بوضع اليد وأن يحوّلوها لملكية خاصة دون سند من قانون أو منطق، على طول الطريق من الوراق إلى القناطر الخيرية سترى بيوتًا قبيحة وضخمة بناها أصحابها داخل النيل تقريبًا وعلى أراضى طرح النهر كنوع من استغلال النفوذ، إذا عدنا للوراق سنجد أن جزءًا من الدعاية السوداء يحركها أصحاب مصالح كانوا يحلمون بالفوز بالمشروع فيما سبق من عهود، وسنجد أيضًا جماعة الإخوان التى يؤرقها أى نجاح يتحقق فى مصر لأنه يؤكد خروجها من تاريخ مصر إلى الأبد.. فى الوراق دخلت هيئة المجتمعات الجديدة منذ أربع سنوات لتبدأ تنفيذ المشروع الذى تم إعداد دراساته منذ عشرين عامًا على الأقل، تم اللجوء للتفاوض مع السكان الموجودين بالفعل رغم أن وجودهم أساسه التعدى على الأراضى الزراعية ووضع اليد، التطوير يتم على أساس استثمارى وتجارى، وبناء عليه تم شراء فدان الأرض بستة ملايين جنيه، تم أيضًا عرض مبادلة الفدان الواحد بتسعة عشر فدانًا فى مدينة السادات، وبالنسبة لحائزى الشقق السكنية عرض عليهم بدائل مختلفة، الفكرة أن جماعة الإخوان لها أذناب بين أهالى الوراق كما فى جحور كثيرة فى أرض مصر، هؤلاء يعتبرون إثارة المشاكل واجبًا سياسيًا وتعبيرًا عن عقيدة ثابتة لأنه يؤدى لتعطيل مشروع عام أو على الأقل تشويه صورة الدولة وتحويلها من صاحبة مشروع للتحديث لدولة تقمع مواطنيها وتطردهم من مساكنهم، هناك تفكير آخر نفعى يقول للمواطن إنه لو استطاع الصمود لما بعد تطوير السبعمائة فدان التى اشترتها وزارة التعمير بالفعل فسيتضاعف ثمن أرضه أو وحدته مئات المرات.. هذا لن يحدث لأن مشروع التطوير يهدف لتطوير الجزيرة كلها على بعضها، أتوقف كثيرًا جدًا أمام حلم الرئيس السيسى حين قال إن كلًا من الزمالك والوراق جزيرتان فى النيل وإن الفارق بينهما هو أن الزمالك تم تخطيطها بينما الوراق تُركت للنمو العشوائى فوصلت لوضع مزرٍ، هذا رجل يحلم بأن يرى بلاده أجمل بلاد الدنيا، لكن ماكينات الدعاية السوداء تشوه الصورة بكل ما تستطيع.. المثل نفسه يتكرر فى شرح الفارق بين حى مثل المهندسين تم تخطيطه وحى ملاصق له هو «بولاق الدكرور» تُرك دون تخطيط فأصبح يسمى بالصين الشعبية إشارة إلى زحامه «ليتنا نصبح مثل الصين الشعبية الآن»!!. إذا عدنا للوضع فى الوراق.. لا مانع بالطبع من أن يكون هناك تفاوض ودى مع الأهالى بعد استبعاد العناصر التابعة للإخوان، ربما من المفيد أن يلعب نواب المنطقة والأحزاب الموجودة فيها دورًا فى التفاوض، وأن يشمل ذلك السعر فى حدود سعر السوق العادل، من المهم أيضًا أن تعلن الدولة عن الفوائد التى تعود من التطوير على خزانة الدولة، وعلى وضع البلد، وعن صيغة الشراكة بين الدولة وشركات التطوير العقارى لسد الباب أمام مروجى الشائعات، وأنصار نظرية المؤامرة، وممارسى الارتياب التاريخى فى كل خطوة تقوم بها الدولة حتى لو كانوا متأكدين أنها فى مصلحة الجميع.

عبد الفتاح السيسي - ويكيبيديا
الرئيس السيسي
جزيرة الوراق
التصميم النهائي لجزيرة الوراق

 

تل العقارب قبل

 

تل العقارب بعد 

 

نزلة السمان قبل 
نزلة السمان بعد

 

ماسبيرو قبل 

 

ماسبيرو بعد
محمد علي
جمال عبد الناصر