رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خدعوه وقتلوه».. حكاية زكي مبارك مع عبد الحميد الديب «الأديب البائس»

زكي مبارك
زكي مبارك

التقى الكاتب الصحفي عبد القادر محمود بالأديب زكي مبارك في مقهى ميدان عرابي في صباح يوم من شتاء عام 1951 في قرية "سنتريس" بأشمون محافظة المنوفية، وسرد "مبارك" مقتطفات من حياته الشائكة.

روى زكي مبارك أنه عاش في حياته ثورة عاصفة على كل أساليب وأنماط الرياء والنفاق، فعندما ترك الجامعة وعمل في وزارة المعارف كبيرًا للمفتشين أو الموجهين في التعليم في الأجنبي، رفع لافتة كبرى في مكتبه كان مكتوبًا عليها "الحلم سيد الأخلاق"، وكتب لوحة أخرى مكتوب عليها "النفاق سيد الأخلاق"، وخرج من الجامعة ومن وزارة المعارف دون أية مكافأة أو معاش. 

عاش زكي مبارك أعوامه الأخيرة على إيراد يسير من إيجار داره في “سنتريس”، وما بقى من إيراد أرضه ومن المقالات التي كان يكتبها تحت عنوان "الحديث ذو شجون".

وسرد أنه وقف خطيبًا في تأبين الشاعر الذي عرف بالـ"بائس"، وقال إن عبد الحميد الدين كان على جانب من الأدب والذكاء لكنه ظلم نفسه حين انخدع بالرأي المنحرف وهو رأى من يتوهمون أن البؤس يزكي المواهب ويزيد في يقظة العقول وإذا “الديب” قد ظفر بلقب “شاعر البؤس”، فقد عاش محرومًا من نعمة التوفيق ينتظر صباح مساء رحمة المترحمين ولا يحتاج إلى الترحم غير المساكين وإذا كان الأدب لا يمته أهله بغير المسكنة فعليه اللعنة إلى يوم الدين.

وأشار "مبارك"، إلى أن عبد الحميد الديب لم يقتل نفسه عامدًا متعمدًا، بل قُتل وخُدع ثم بكى الناس عليه.

ولد زكي مبارك في قرية “سنتريس” بمحافظة المنوفية في عام 1892، التحق بالأزهر عام 1908 وحصل على شهادة الأهلية منه عام 1916، وليسانس الآداب من الجامعة المصرية عام 1921، الدكتوراه في الآداب من الجامعة ذاتها عام 1924 ثم دبلوم الدراسات العليا في الآداب من مدرسة اللغات الشرقية، في باريس عام 1931 ثم الدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون عام 1937.

وعمل في الصحافة أعوامًا طويلة ويحدثنا أنه كتب لجريدة البلاغ وغيرها من الصحف نحو ألف مقال في موضوعات متنوعة. وانتدب في عام 1937م للعراق للعمل في دار المعلمين العالية، وقد سعد في العراق بمعرفة وصداقة كثير من أعلامه، وعلى الرغم مما لقى في العراق من تكريم إلا أنه ظل يشعر بالظلم في مصر وهو يعبر عن ظلمه أصدق تعبير بقوله "إن راتبي في وزارة المعارف ضئيل، وأنا أكمله بالمكافأة التي آخذها من البلاغ أجرًا على مقالات لا يكتب مثلها كاتب ولو غمس يديه في الحبر الأسود، إن بني آدم خائنون تؤلف خمسة وأربعين كتاباً منها اثنان بالفرنسية وتنشر ألف مقالة في البلاغ وتصير دكاترة ومع هذا تبقي مفتشاً بوزارة المعارف".