رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوبيل الـ«CIA» الماسى

 

الرئيس الأمريكى جو بايدن زار المقر الرئيسى لوكالة المخابرات المركزية، CIA، مساء أمس الأول الجمعة، للاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لتأسيسها، بحسب وكالة «أسوشيتد برس»، التى نقلت عن مسئول أمريكى، طلب عدم ذكر اسمه، أن بايدن وصف الوكالة بأنها الأفضل فى العالم، وأثنى على عمل ضباطها وموظفيها فى الملف الأوكرانى، بزعم أن هذا العمل نال إشادات واسعة، وأعاد الوكالة إلى دائرة الضوء!

الموقع الرسمى للوكالة يقول إنها تأسست فى ١٨ سبتمبر ١٩٤٧، ما يعنى أن بايدن قرر الاحتفال بيوبيلها الماسى، قبل موعده بأكثر من شهرين، وقبل أسبوعين ويومين من ذكرى توقيع الرئيس هارى ترومان على «قانون الأمن الوطنى»، الذى نص على إنشاء الوكالة، التى حلّت محل مكتب الخدمات الاستراتيجية المنحل.

تم إنشاء ذلك المكتب، الذى كان معروفًا باسم «OSS»، خلال الحرب العالمية الثانية، لجمع المعلومات وتنفيذ بعض العمليات الخاصة والسرية، خلف خطوط دول المحور أثناء الحرب. ونجح فى تلك المهمة، إلى جانب قيامه بتجنيد وتهريب العلماء الألمان، قبل أن تصل لهم القوات السوفيتية، كما استطاع تجنيد بعض الصينيين، لتنفيذ عمليات ضد القوات اليابانية. و... و... وقام أيضًا بأعمال الدعاية والتأثير على الرأى العام.

قبل مكتب الخدمات الاستراتيجية، كانت عمليات التخابر عبارة عن مهام إضافية تقوم بها عدة وزارات من بينها الخارجية والخزانة والدفاع، بينما كان مكتب التحقيقات الفيدرالى مسئولًا عن الأمن الداخلى ومكافحة التجسس. وخلال ولايته الثالثة، شعر الرئيس فرانكلين روزفلت بالقلق إزاء أوجه القصور فى أداء تلك المهام، فاقترح عليه وليام ستيفنسون، وهو ضابط مخابرات بريطانى كبير، أن يقوم الجنرال وليام دونوفان بإنشاء جهاز مخابرات، يشبه مكتب المخابرات البريطانية الخارجية، «MI6»، وهو ما حدث فى ١٣ يونيو ١٩٤٢، وتم إنشاء «مكتب الخدمات الاستراتيجية»، الذى عمل ثلث موظفيه، لاحقًا، فى وكالة المخابرات المركزية. 

التعاون المخابراتى بين الولايات المتحدة وبريطانيا، فى ذلك الوقت، كان وثيقًا للغاية، بموجب اتفاق تبادل معلومات تم توقيعه خلال الحرب العالمية الثانية. وبعد سنوات جرى توسيع هذا التعاون ليضم كندا، أستراليا، ونيوزيلندا، فى تحالف اختير له اسم «العيون الخمس»، أو «FVEY». ما أتاح أقصى استفادة من تكنولوجيا التجسس الحديثة فى الولايات المتحدة والقدرات البشرية التقليدية القوية للمخابرات البريطانية. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن الدول الخمس لديها قوانين لمكافحة الإرهاب، تجيز استجواب المتهمين تحت التعذيب، واحتجازهم دون محاكمة، كما تمنح أجهزتها الأمنية والمخابراتية سلطات واسعة فى تعقبهم أو تصفيتهم.

مع كل ذلك، نشرت جريدة «نيويورك تايمز»، فى ٦ أكتوبر الماضى، تقريرًا نقلت فيه عن مذكرة أرسلتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى كل المحطات التابعة لها حول العالم، أن الكثير من عملائها تعرضوا مؤخرًا للقتل أو الاعتقال أو الإجبار على تغيير الولاء. كما أشارت المذكرة، وفقًا للجريدة الأمريكية، إلى أن مركز مكافحة التجسس التابع للوكالة، قام بتحليل عشرات حالات القتل والاعتقال وتغيير الولاء، وانتهى إلى أنها تعود إلى قلة الكفاءة، أو الثقة الزائدة فى المصادر، أو الاستهانة بمهارات أجهزة المخابرات المعادية.

اللافت أن الوكالة أعلنت بعد ٢٤ ساعة من نشر هذا التقرير، أى فى ٧ أكتوبر، عن تشكيل وحدة مهام خاصة لمتابعة الصين. وقال مديرها، وليام بيرنز، فى بيان، قرار تأسيس تلك الوحدة جاء بعد سلسلة من المراجعات الاستراتيجية، التى ركزت على «الصين وشركاتها وقدراتها التكنولوجية». وأوضح أنها تهدف إلى تعزيز العمل الجماعى بشأن أهم تهديد جيوسياسى تواجهه الولايات المتحدة فى القرن الحادى والعشرين، ومعالجة التحدى العالمى، الذى تفرضه جمهورية الصين الشعبية، والذى يشمل جميع مناطق عمل الوكالة. 

.. أخيرًا، وسواء كان اليوبيل الماسى لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى ٢٥ يوليو الجارى، أو فى ١٨ سبتمبر المقبل.. وبغض النظر عن كونها الأفضل فى العالم أو على مستوى أجهزة المخابرات الأمريكية الـ١٥ أو الـ١٦، فالثابت هو أن عمل ضباطها وموظفيها فى الملف الأوكرانى، تحديدًا، لم ينل أى إشادات واسعة أو ضيقة فى الداخل أو فى الخارج.