رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة «الحجاب» تشتعل من جديد.. «الهلالى» ينفى فرضيته و«شومان» يرد

الحجاب
الحجاب

أثار الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الجدل من جديد، بعد التصريحات التي أدلى بها خلال لقاء تليفزيوني، الأحد، حول "الحجاب".

وبحسب ما جاء في حديث "الهلالي"، فإن الحديث الشريف الخاص بالتوجيه بارتداء الحجاب للمرأة يعد أكثر من ضعيف"، وأن تفسير قوله تعالي: "إلا ما ظهر منها" يحتاج إلى ما يوضحه؛ بحيث يكون إلا ما ظهر منها عرفًا، أو ما ظهر منها شرعًا.

ولفت إلى أن "تيار الإسلام السياسى لا يريدون وجه الله بل يريدون وجه الجهات التى تحميهم، وكأنهم هم من نشروا الإسلام في مصر"، مضيفًا: "لما قالوا هنعمل مليونية النقاب، ومليونية الحجاب والشريعة، والمليونيات التى تتعامل مع العبادات والعادات، ويجعلونها كأساس مظهري".

وتابع: "تحدثوا عن الحجاب ويقولوا تحمى نفسك من الذباب والذبح، ويمنع من التحرش، وإنتى عليكى تعترفى إنك عاصية وتخرجى من غير حجاب"، متسائلًا: "هل تريدون أن تخرج المرأة غير المحجبة وتشعر أنها عاصية لله؟.. أو تعلم أنها غير مقتنعة أن ستر الرأس يكون فرضًا دينيًا، وفهمت أن الحشمة هى الأساس، وتلقى الله بقلبها أم بقلب غيرها؟".

وأردف: "الآية التى تقول: يدنين عليهن من جلابيبهن، ليس لها علاقة بالرأس، كيف يلبس الجلباب؟ عند الرقبة والجلباب وإنت نازل، إيه دخل دى بالحجاب؟".

وذكر أن "حديث الحجاب، الوجه والكفين، رواه أبوداوود ومات 275 هجرية، وسيدنا النبي مات 11 هجرية، ولم يظهر الحديث إلا بعد وفاة الرسول بـ240 سنة، وكان أبوداوود أمينًا، وقال عن خالد بن دريك، عن عائشة، أن أسماء بنت أبوبكر الصديق دخلت على الرسول، وعليها لباس رقاق، وقال: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، قال أبوداوود: خالد بن دريك لم يدرك عائشة، فالحديث أكثر من ضعيف".

واستطرد سعد الدين الهلالي: "النساء في عهد الرسول والصحابة كانت حرة طليقة وتتعامل عرفيًا، لأن الله يكرم الإنسان بإعطائه سلطته على نفسه".

الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف السابق، رد على تصريحات "الهلالي"، بأن "الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، وذلك بعد إجماع فرضيتها من قبل علماء المسلمين في كل العصور".

وكتب "شومان"، عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "الحجاب فريضة محكمة كالصلاة، ولا ينكر فرضيته إلا جاهل ضال، فقد أجمع على فرضيته علماء المسلمين في كل العصور، فكفوا عن إرضاء البشر على حساب دينكم".

وأضح مركز الأزهر العالمي للفتوى في وقت سابق، حكم فرضية الحجاب، وذلك عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وذلك على النحو التالي:

-الحجاب فرضٌ بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة، وانتشرت في الآونة الأخيرة بعضُ الأفكار والفتاوىٰ التي تدَّعي عدمَ فرضية الحجاب، ولا شك أن مثل هذه الأفكار إنّما هي ادعاءاتٌ لا تمت للإسلام بصلة.

 -  فالحجاب فرضٌ ثبت وجوبُه بنصوص قرآنيةٍ قطعيةِ الثبوتِ والدلالة، وليس لأحدٍ أن يخالف الأحكام الثابتة، كما أنه لا يُقبل من العامة أو غير المتخصصين- مهما كانت ثقافتهم- الخوض فيها.

-ومن الآيات القرآنية قطعية الثبوت والدلالة التي نصت علىٰ أن الحجاب فرضٌ علىٰ كل النساء المسلمات، قول الله ﷻ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...} [النور: 31]، وقوله ﷻ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59].
- وإن المتأمل بإنصافٍ لقضيةِ فرضِ الحجابِ يجدُ أنه فُرض لصالح المرأة؛ فالزِّيُّ الإسلامي الذي ينبغي للمرأة أن ترتديه هو دعوة تتماشىٰ مع الفطرة البشرية قبل أن يكون أمرًا من أوامر الدين؛ فالإسلام حين أباح للمرأة كشفَ الوجه والكفين، وأمرها بستر ما عداهما، فقد أراد أن يحفظ عليها فطرتها، ويُبقي علىٰ أنوثتها، ومكانِها في قلب الرجل.
 

-إضافةً إلىٰ أن الطبيعة تدعو الأنثىٰ أن تتمنَّع علىٰ الذكر، وأن تقيم بينه وبينها أكثرَ من حجاب ساتر؛ حتىٰ تظل دائمًا مطلوبةً عنده، ويظل هو يبحث عنها، ويسلك السبل المشروعة للوصول إليها؛ فإذا وصل إليها بعد شوق ومعاناة عن طريق الزواج، كانت عزيزة عليه، كريمة عنده.
 

-ونوضح من خلال ما سبق أن الذي فرضه الإسلام علىٰ المرأة من ارتداء هذا الزي الذى تستر به مفاتنها عن الرجال لم يكن إلا ليحافظ به علىٰ فطرتها، ونحن لا نُلزمُ به مسلمةً أسلمت وجهها لله ﷻ؛ فمن ارتدتْهُ فقد أدَّتْ فرض اللهِ عليها، ومن تركته فقد فرطت. 
 

-ونهيب بمن يروِّجون مثلَ هذه الأحكام والفتاوىٰ أن يكفُّوا ألسنتهم عن إطلاق الأحكام الشرعية دون سند أو دليل، وأن يتركوا أمر الفتوىٰ للمتخصصين من العلماء، وألا يزجّوا بأنفسهم في أمور ليسوا لها بأهل، وأن ينتبهوا لقول الله ﷻ: {وَلَا تَقُولُوا۟ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلࣱ وَهَـٰذَا حَرَامࣱ لِّتَفۡتَرُوا۟ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَفۡتَرُونَ عَلَى اللهِ ٱلۡكَذِبَ لَا یُفۡلِحُونَ} [النحل: 116]، ولقول بعضِ السلف: «أجرؤكم علىٰ الفُتيا أجرؤكم علىٰ النار» أخرجه الدارميُّ في سننه.