رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تعرفون مصرنا يا من لا تعرفونها؟

سؤال يبدو غريبًا أو عجيبًا.. مصري يسأل عن وطنه عاش فيه جل عمره تعلم وعلم وافتخر بوطنه، وعاصر رؤية القائمين من الدول القريبة والبعيدة التي ترسل أبناءها للتعلم فيه، وهذا لم يكن بعيدًا.

فقد استقبلنا وفودا قريبة وبعيدة عشقت مصر وأرسلت أولادها للتعلم فيها ومنها خرج معلمون يشهد لهم حتي تنافست الدول القريبة والبعيدة للاستفادة من معلمي مصرنا، وإذ بي أجد هذا الهرم المتفرد غير موجود بين دول منطقتنا، بل وفي آخر القائمة من حيث التعليم عام ٢٠٢١ وتقول الصفحة ما يلي :

احتلت مصر المرتبة الأخيرة عربيا وكذلك احتلت المرتبة رقم ١٣٩ عالمياً، وهو الرقم الأخير وفق الترتيب النهائي لجودة التعليم حول العالم، وهذا يأتي من أصل ١٤٠ دولة تواجدت في تصنيف مؤشر دافوس الخاص بجودة التعليم، في الوقت الذي تقوم به مصر بالعمل علي الوصول لأفضل ترتيب في جودة التعليم عالميًا.

وهذا يتم وفق مجموعة من الخطط التعليمية الحديثة التي يتم العمل عليها، واتباعها باستمرار.

وجاء ترتيب الدول بداية من قطر ونهاية القائمة العربية بموريتانيا بمجموع ثلاثة عشرة دولة عربية، وخلت القائمة من مصرنا الغالية.

وهنا السؤال أين مصر التي علمت أبناء وبنات الدول الثلاثة عشرة؟

والقائمة تبدأ بقطر وتنتهي بموريتانيا ولا مكان فيها لمصرنا، فهل صمت معلمونا ونسوا تاريخنا ولقبنا التليد (مصر أم الدنيا) وقائمة الدنيا لم تنس مصرنا، وإن وضعت في ذيل القائمة، أما القائمة العربية التي لم تخل دولة واحدة منها من إرسال أولادها للتعلم معنا في مصر-  ونحمد الله أننا لا نزال نفخر بمصر معلمتنا المتفردة في عصرنا - ومن مسافة بعيدة أنادي لماذا صمتنا أمام قائمة أغلقت علينا من جيراننا فيما بين القائمة العالمية لم تنس مصر، وإن بدت في نهاية القائمة على استحياء، فهل لنا أن ندعو إلي صحوة؟.

كتبت هذا المقال منذ عدة أسابيع ولست متأكدا من وصوله إلى القارئ مما جعلني أرسله مرة أخرى مع ثقتي أن القائمين علي الإعلام والإعلان يمكنهم أن يردوا علينا بما وضع من برنامج يمكن عنونته بصحوة واجبة، ولا بديل عنها فنحن من جيل عاش يفخر بمدارسنا ومناهجنا عبر التغيرات العديدة في برامج التعليم ومناهج التعليم، وكنا نرسل معلمينا إلى غالبية الدول العربية إن لم يكن جميعها حتي تنافست الدول الاثني عشرة علي من يحصل علي معلمي مصر، وكانوا فخرا يرفع رؤوسنا.

والكاتب زار جميع الدول العربية الشقيقة ولا يزال يفخر بالدور الذي قام به المعلمون المصريون ولا أزال أذكر زيارتي إلي المملكة العربية، واستضافة طيب الذكر الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحديثي مع جلالته عن دور المعلمين المصريين، وكيف تكرمهم المملكة لأنهم يقدمون أفضل سبل التعلم، وكيف تقدرهم المملكة للدور الذي يقومون به في مدارسهم.

هذه هي مصر التي تعد من أقدم الحضارات في العالم لأكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد أي أن تاريخها يزيد علي خمسة آلاف عام، وبأية مصر كانت على طول مجري نهر النيل، وعرفت كأقدم دولة حضارية على مستوي العالم، وكان سر كيانها ودوام وجودها هو نهر النيل الذي لا يزال شريان حياتها، والأهرامات تشهد عن هذا التاريخ الذي لا يوجد له مثيل عالميًا.

كما وضع المصريون نظامًا متطورًا في الرياضيات وصناعة الأدوية مع تقنيات رائعة في الزراعة، كما صنعوا أول القوارب بالألواح الخشبية، كما عقدوا أول معاهدة سلام مع الحيثيين فتركت حضارة مصر إرثًا لا يزال قائمًا يحكي تاريخ حضارتها القديمة التي تدرس، ليس فقط في مناهج التعليم المصرية بل وعلى مستوي العالم كله.

وأعود إلي عنوان هذا المقال بسؤالي أين مصرنا الغالية؟ والجواب المبدئي إنها في القلوب قبل كل ما هو مكتوب وبرجالها ونسائها يصطفون علي قلب واحد؛ لنقوم ونبني ونجدد بالجهد والعرق حتي تعود مصر إلى مكانتها التي نشأت عليها، وليس هذا بالعسير باتحاد الصفوف وقيادة حكيمة يعتز بها؛ لتعود مصر أم الدنيا لكنها لم تهرم، فكما أقامت الأهرامات تبني الجديد والعديد بعزم من حديد.