رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وقفة متأنية لنهاية حتمية

أبدأ مقالي بكلمات شعرية أراها حديث عصرنا، يقول فيها الشاعر، وهو يري أن الحياة في الدنيا قصيرة، حتي قيل أنها سبعون عامًا في غاية الصحة، وقد تمتد إلي الثمانين:

- سبعون عامًا والقضية سلعة.. والباحثون عن السلام هياكل.

- سبعون عامًا والصلاة عادة.. ومنا من يواري ويختال.

- إن أوغلوا في الحرب خاضوا غمامة.. واذا تمادى الخطب قال القائل.

- سنرد في الأوقات في حينها.. يدنو القصي ويستقيم المائل.

- والقدس تعلم أنها ليست لهم.. أني يثور على الهوان مقاول.


أما الكلام الاختباري القديم في كلمات صادقة لا مجال لتناسيها فيقول الشاعر :

- أيام سنين هي سبعون عامًا وان كانت مع القوة فثمانين سنة، واخرها تعب وبلية لأنها تقرض سرعة فتطير.. لذا ليتنا ندرك ان للحياة نهاية تمضي السنون وتنطفئ العيون.

وفي هذا السياق يقول أحد المفكرين: في صيف جميل والهواء عليل نستنشقه بعمق طويل، ظانين أن المناخ الاصيل سوف يدوم عبر السنين، واذ به كالشمس تشرق وجمال الأصيل، لكن النهار يمضي ويخيم ظلام ليل وكانه النهاية دون تعديل.

ومن الجميل أن نصغي لصوت الحكمة دون تأجيل صوت عاقل يقول: "عند مراجعة الماضي ونري كم انقضي منه الكثير، وكان الأجدر أن نزيد جماله بإغاثة مريض أو غريق وكان بالإمكان أن نزرع الورد، وأن لحقه بعض من شوك.

وحتي لا يكون كل الحديث يميل الي الغمام أو الظلام، فدعونا نعمل وكأننا نعيش أبدًا ونحن ندرك ان الحياة ليست إلا بخار يظهر قليلا ثم يضمحل سريعا، لكن ياتي السؤال :

- ماذا نحن فاعلون فيما بقي فينا وما بقي لنا من جهد وادراك وقدرات في شتي المجالات، وصوت الاحتياج وذويه ينادي بكل النغمات اليمة كانت أو حانية....؟؟، ويتردد الصوت:

- وماذا نحن فاعلون فيما تبقي من جهد وقدرات وامكانات حتي نصحح الماضي ونحرك المياه التي توقفت عن الجريان حتي فقدت المياه جمالها، ويعطش الفقراء والضعفاء الي جرعة ماء نظيفة في كلمة حانية ويد سخية معطية وحب صادق لا مفتعل...؟؟

ألم يحن الوقت بعد لنحيي ما أمتناه في قلوبنا، ولنجري المياه التي توقفت عن الجريان او امتدت اليها ايدي بعيدة كل همها أن تحرم الآخرين منها، وليمت العطاش ويحيا من حاز المياه ويريد وقفها عن الجريان دون اهتمام بجيران، أيها الإنسان الجحود وإن بعدت المسافات، ليتك تدرك معني وقيمة الحياة حتى تبذل الجهد للحفاظ علي مصدر الحياة.

وفي الختام لا أملك إلا القول الصادق والأمين :" من باب الحكمة والعقل السليم، ألا يمتلك غالبية المياه جانب واحد، أما الجانب الآخر الذي يعيش علي ذات الخط والقرابة الطبيعية والتاريخ، يُخطط له الحرمان من تلك المياه الربانية، وأعني هنا مصرنا الحبيبة التي لم تبخل يوما على من يلجأ إليها سواء أكانوا طالب علم أو عمل، أو طالبي أمن وسلام، فالماء – كما نعلم جميعا – هو حياة، والماء منحة ربانية لا يجوز حرمان الآخر منها لأي سبب كان، هو صوت الحكمة الذي يجب على الجميع الانصات إليه قبل فوات الاوان، فلن يقبل شعب بتاريخ وحضارة مصر أن يُحرم من حقه الرباني والطبيعي من المياه.