رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الرؤية الصائبة.. والإدارة الناجزة

قد يعتقد البعض أن ما سوف أعرضه هنا يأتى فى إطار الإشادة بتلك الإجراءات التى تتخذها الدولة حالياً لرفع المعاناة الاقتصادية عن كاهل المواطن المصرى تجاه تلك الأزمة الاقتصادية الضاربة التى يتعرض لها العالم كله، وبالطبع فإن الدولة المصرية تمثل جزءًا هاماً من هذا العالم، خاصة وأنها ترتبط فى الأساس بعلاقات اقتصادية فى المقام الأول مع كل من روسيا وأوكرانيا، والذى ترتب على نزاعهما معًا تلك الأزمة الطاحنة، سواء سياسياً أو اقتصادياً وأيضًا إنسانيًا من منطلق تلك الأعداد الكبيرة التى نزحت من أوكرانيا إلى الدول المجاورة.

ولكن ما سوف أتحدث عنه هو تلك الرؤية البعيدة التى استشعرها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ أن تنبأ باقتراب حدوث أزمة كبيرة نتيجة تلك التطورات السريعة التى بدأت من قبل الجانب الروسى حيث قام سيادته باستقراء ما سوف يترتب عليه من تأثيرات كبيرة على الاحتياجات الأساسية من السلع الضرورية التى تستوردها البلاد من هاتين الدولتين خاصة من القمح.

ويبدو أن استشراف المستقبل كان واضحًا لدى السيد الرئيس حتى من قبل تلك الأزمة، حيث كانت توجيهات سيادته واضحة تمامًا فى التوسع فى إنشاء قلاع للأمن الغذائى وصوامع لتخزين القمح واستصلاح وزراعة مساحات شاسعة من الأراضى، سواء فى سيناء أو شرق العوينات وكذلك الدلتا الجديدة وتوشكى ومعظم تلك المشروعات كان ينصب على زراعة المنتجات الاستراتيجية خاصة القمح.

ومن هنا فإن سيادته لم يكتف بتلك التطمينات التى تؤكد أن المخزون الاستراتيجى منه يتراوح  بين 4-6 أشهر بل إن ما حدث كان بمثابة إعطاء إشارة قوية بضرورة العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتى من محصول القمح لتقليل الاعتماد على الخارج، بالإضافة إلى الاستفادة من تكلفة الاستيراد بالعملات الصعبة.

واليوم ونحن نشاهد، خلال هذه الأيام، بدء موسم حصاد القمح فى مشروعى توشكى وشرق العوينات نتأكد من هذه الرؤية الصائبة للسيد الرئيس وتلك الإدارة الرشيدة الحاسمة والناجزة التى تسعى إلى العبور بالبلاد من عواصف الأزمات إلى واحة السلام والأمن الغذائى لأبناء الدولة المصرية.

كان إحياء فكرة استصلاح الأراضى فى توشكى وشرق العوينات وتخصيصها لهذا المنتج الاستراتيجى صائبة تماماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. جميعنا شاهدنا يوم الخميس الماضى نتاج ذلك من خلال تطبيق أعلى درجات العلم والتكنولوجيا للحصول على أعلى وأجود كمية من محصول القمح بشكل غير مسبوق قد يجعل مصر قريبًا من تلك الدول التى تقوم بتصدير هذه السلعة الاستراتيجية، وكل ذلك يأتى من خلال تلك القرارات التاريخية التى اتخذها السيد الرئيس، والتى تؤكد يوماً بعد يوم أنه قريب من كل مواطن مصرى يشعر بآلامه ويعمل على تحقيق آماله من خلال توفير احتياجاته الأساسية ومتطلباته المعيشية.

إن الفكرة الرشيدة والرؤية البعيدة للسيد الرئيس فى الاهتمام بزراعة القمح، خلال الفترة السابقة، جعلتنا لا نشعر بأى أزمة حتى الآن أو ازدحام أمام المخابز والمحلات المختلفة وأيضاً على مستوى معظم المنتجات الأخرى خاصة ونحن نعيش حاليًا أجواء شهر رمضان المبارك، والذى تتسم أيامه بالكرم والعطاء وتبادل الخيرات بين العائلات المختلفة.
لم تتوقف الدولة المصرية عن جهودها لتخفيف العبء على المواطن على كل المجالات الأخرى وذلك لتخفيف الآثار السلبية عليه وعلى الاقتصاد الوطنى.

فكانت التوجيهات بزيادة المرتبات والأجور والمعاشات، بالإضافة إلى التخفيضات الضريبية على دخل المواطن وإصدار شهادات استثمار لبنكى الأهلى ومصر بفائدة قدرها 18% .. وكلها إجراءات تهدف إلى امتصاص تداعيات الأزمة وتحريك وتنشيط الاقتصاد والحفاظ على معدلات الإنتاج.. يأتى هذا فى الوقت التى يتزايد فيه قيام أجهزة الدولة على رقابة الأسواق وجودة المنتجات وتوفيرها بشكل مستمر والضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب بأقوات ومقدرات الشعب من خلال إخفاء بعض السلع أو رفع أسعار بعضها خاصة وأن معظم المؤشرات والتوقعات تشير إلى عدم القدرة على توقع انتهاء الأزمة الروسية- الأوكرانية وأبعادها وتأثيراتها المستقبلية الجديدة فى ظل تطورات نشهدها يومياً تؤكد صعوبة التوصل إلى إيجاد حل قريب للأزمة فى المستقبل المنظور.

إن ما تقوم به الدولة المصرية من جهود جبارة نلمسها جميعاً لرفع المعاناة عن شعبها يفرض علينا التزامات وواجبات لا بد أن نتحلى بها لنعاون قيادتنا على التعامل مع تلك الأزمات لعل من أهمها تغيير سلوكيات الاستهلاك اليومى ومشاركة الأجهزة الرقابية فى أداء دورها وتفعيل الوعى لكل ما تتعرض له البلاد حتى من تلك الأبواق المأجورة التى تحاول التأثير السلبى على الشعب المصرى وإشعال المواقف وترويج الأكاذيب والشائعات.

فى الحقيقة إن هذا النجاح الكبير الذى حققته الدولة المصرية حتى الآن لم يأت من فراغ أو اجتهادات فردية، بل إن ما نراه اليوم هو نتاج فكر ثاقب ورؤية مدروسة وكوادر مخلصة مؤمنة بدورها فى حماية الوطن وتوفير الحياة الكريمة لأبنائه....اليوم ننتظر نتاج حصاد محصول القمح تلك السلعة الاستراتيجية، والتى وضع فكرتها واهتم بمتابعتها فى توشكى وشرق العوينات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى يتمتع دائماً بأفكار استباقية معظمها من خارج الصندوق بعيداً عن روتينية الأفكار ورتابة الأداء.

هكذا هى مصر قائدًا وحكومة وشعبًا فى مواجهة المحن والأخطار ولنحتفل جميعًا بموسم حصاد الخير والأمل وبمرحلة تاريخية جديدة من تاريخ مصر الاقتصادى الريادى سوف يقف أمامها العالم ويتحدث عنها كثيرًا بإذن الله.. وتحيا مصر.