رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسجد أبو العباس.. حمى الإسكندرية أثناء الحرب وبني على الطراز الأندلسي

المرسي أبو العباس
المرسي أبو العباس

يتمتع بمكانة خاصة ليس فقط بين قلوب أهل الإسكندرية، لكن بين قلوب الصوفية ومحبي مساجد وأضرحة آل البيت والأولياء، فهو من أقدم مساجد عروس البحر المتوسط، وأهمها في قيمته التاريخية والأثرية، مسجد المرسي أبو العباس.

في منطقة الأنفوشي بالقرب من الحي الأشهر بالإسكندرية حي الجمارك، يقع حي أطلق عليه حي المساجد، والذي يضم مسجد المرسي أبو العباس، نسبة للقطب الصوفي وأحد أهم علماء الدين في عصره، هو الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عمر بن علي الخزرجي الأنصاري المرسى البلنسي، والذي يرجع نسبه إلى الصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري، والذي كان سيد الخزرج، وصاحب سقيفة بن ساعدة التي أخذت فيها البيعة لأبي بكر الصديق بالخلافة، وكان جده الأعلى قيس بن سعد أميرًا على مصر في عهد الخليفة علي بن أبي طالب.

ولد أبو العباس في 616 هجرية /1219 ميلادية في مدينة مرسيه، إحدى مدن الأندلس، لذلك نسب إليه وقيل له المرسي، وكان والده من تجار تلك المدينة، وحفظ أبو العباس القرآن في سن صغيرة، وفي عام 640 هجرية / 1242 ميلادية كان على موعد مع القدر حينما صحب والديه وأخيه لموسم الحج، وذلك عن طريق البحر من الجزائر، وانقلبت السفينة، لشدة الرياح لكن إرادة الله كتبت له وأخيه النجاة، وعاشا في تونس بعد ذلك والتقى في تونس القطب الصوفي الإمام أبو الحسن الشاذلي، وتعلم عليه يديه، وزوجه الشاذلي من ابنته منها محمد وأحمد وبهجة، واصطحبه الشاذلي معه إلى مصر، ليعيش أبو العباس في الإسكندرية.

وبعد الشاذلي أصبح أبو العباس خليفة له، وأصبح يلقي دروس العلم والفقه، وتعلم على يديه المريدين والعلماء، وعاش في الإسكندرية 43عامُا، حتى توفي بها في العام 685 هجرية / 1287 ميلادية، وظل قبره دون مسجد ومقام حتى عام 1307 ميلادية، حينما زار قبره كبير التجار في الإسكندرية الشيخ زين الدين القطان، الذي قرر بناء ضريح ومسجد صغير، وجعل له منارة مربعة، كما أوقف المال لخدمته.

المسجد والضريح تعرض للعديد من مراحل التطور بدءًا في 883 هجرية / 1477 ميلادية، فبعد فترة من التضرر والإهمال أعاد بناءه الأمير قجماس الإسحاقي، والي الإسكندرية في عصر الملك الأشرف قايتباي، وبني لنفسه قبرًا بجوار أبو العباس، ودفن فيه عام 892 هجرية، وجدد بناءه الشيخ أبو العباس النسفي الخزرجي مرة أخري في 1005 هجرية /1596 ميلادية، ثم جاء الشيخ أبو الحسن على بن على المغربي، ورأى ضيق الضريح فجدده كما جدد المقصورة ووسع المسجد في عام 1179 هجرية / 1775 ميلادية.

وتعرض المسجد لحالة من التهدم مرة أخري حتى جاء شيخ البنائين أحمد بك الدخاخني في عام 1280 هجرية / 1863 ميلادية، وقام بترميمه وتجديده، وظل على حالته حتى عهد الملك فؤاد الأول الذي أمر في عام 1927 ميلادية بإنشاء ميدان فسيح يطلق عليه ميدان المساجد على أن يضم مسجدًا كبيرًا للمرسي أبو العباس والإمام البوصيري والشيخ ياقوت العرش، ووضع التصميم المهندس الإيطالي ماريو روسي، وتم الانتهاء من البناء عام 1943 ميلادية وافتتح المسجد في 1945م وقد استغرق البناء نحو 18عامًا.

ووصلت مساحة المسجد في تلك التوسعة إلى نحو 3000 متر مربع، وبني على الطراز الأندلسي، وهو المسجد الأول من نوعه في مصر الذي يصمم على هذا الطراز متأثرُا، أيضًا، في قبته بمسجد قبة الصخرة في القدس، وقد جلب المهندس الإيطالي 16عموم جرانيت من إيطاليا، وقد كان يخشى من قبة المسجد لثقلها فقرر إلغاؤها ووضع مكانها ما يسمى بـ"الشخشيخة"، وتم وضع أعمدة الجرانيت في المنتصف و 8 جوانب المسجد وتم تصميم 4 قباب من الجوانب.

أما المنبر فهو ذو قبة مرصعة بآيات من القرآن الكريم، رسمت حروفها بالذهب الفرنسي، واستخدم خشب التيك والجوز المعشق ويقع المحراب ذ1و الإطار الرخامي المزين بالفسيفساء تحيط به الشهادة مكتوبة بالخط الكوفي، على جانبي القبلة، ويعد المسجد أقرب إلى المساجد المعلقة، فهو يرتفع عن الأرض ويتم الصعود إليه ببضع درجات، ويتواجد أسفله 11 من الأولياء مع المرسي أبو العباس منهم ولديه وابنته، ويعتبر أهل الإسكندرية المرسي أبو العباس حامي الإسكندرية فقد كان يحتمي الألف في الجزء الخاص بالضريح خلال الغارات أثناء الحرب العالمية الثانية بين عام 1940 إلى 1942.