رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أوراق ووثائق معركة "الإسلام هو القرآن وحده"

جريدة الدستور

شيخ الأزهر أعاد الحديث عنها فى الاحتفال بالمولد النبوى

فى كلمته خلال الاحتفال بالمولد النبوى الشريف الذى أقامته وزارة الأوقاف، أمس الأول، أعاد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، التذكير بمعركة عمرها 112 عامًا بالتمام والكمال.

كان الإمام الأكبر يتحدث عن «قيمة السُنة النبوية»، المصدر الثانى من مصادر التشريع فى الإسلام، فهاجم «الصيحات التى دأبت على التشكيك فى قيمة السُنة النبوية وفى ثبوتها»، منددًا بـ«المطالبة باستبعاد السُنة من دائرة التشريع والأحكام والاعتماد على القرآن الكريم وحده فى كل ما يأتيه المسلم من عبادات ومعاملات».

جاء الشيخ الطيب على «سيرة القرآنيين» بعنف، فذكر أن «هذه الدعوة بدأت من الهند فى بداية القرن العشرين.. ثم ما لبثت الفتنة أن انتقلت إلى مصر وتعصب لها طبيب بسجن طرة، نشر مقالتين فى مجلة (المنار) بعنوان (الإسلام هو القرآن وحده)، ولقيت فكرته دعمًا من بعض الكتّاب المتربصين بالسُنة النبوية، وهؤلاء على اختلاف أماكنهم وأزمانهم وتباينات أذواقهم يجمعهم قاسم مشترك واحد، هو الشك والريبة فى رواة الأحاديث».

إلى هنا ينتهى حديث الإمام الأكبر، أما القصة وراء حديثه فتستحق أن تروى.

فى عام 1906 طرح طبيب مصرى، كان يعمل بسجن طرة، مهتمًا بالبحث فى مجال الدراسات الدينية، وهو د. محمد توفيق صدقى- فكرته التى تقوم على أن السُنة ليست من أصول الدين، وأن المسلم ملزم باتباع ما جاء به القرآن الكريم فقط دون الالتزام بالسُنة النبوية والأحاديث.

كانت مجلة «المنار»، لصاحبها ومؤسسها المفكر الإسلامى الكبير محمد رشيد رضا، هى ساحة المعركة التى بدأت بمقال نشره د. محمد توفيق بعنوان «الإسلام هو القرآن وحده»، وقد نُشر فى المجلد التاسع من المجلة، مصحوبًا بدعوة من «المنار» لعلماء الأزهر وغيرهم إلى بيان الحق فى هذه المسألة بالدلائل.

وقد اكتسبت هذه الدعوة قيمتها مما كتبه د. توفيق فى نهاية مقاله: «هذه أفكارى فى هذه المواضيع أعرضها على عقلاء المسلمين وعلمائهم، وأرجو ممن يعتقد أننى فى ضلال أن يرشدنى إلى الحق، وإلا كان عند الله آثمًا».

كان أن تصدى لـ«دعوة توفيق» الشيخ طه البشرى، وهو من علماء الأزهر، ونجل الشيخ سليم البشرى، الذى كان شيخ الجامع الأزهر، رئيس المعاهد العلمية الدينية بمصر فى ذلك العهد- فكتب مقالًا تحت عنوان «أصول الإسلام.. الكتاب، السُنة، الإجماع، القياس» نشر فى المجلد التاسع نفسه، ومقالًا آخر عنوانه «الدين والعقل».

ثم رد د. توفيق على الشيخ البشرى فى رسالة عنوانها «الإسلام هو القرآن وحده- رد لرد» نشرت فى المجلد التاسع أيضًا.

ثم كان أن دخل الشيخ رشيد المعركة بتعليق على رسالة د. توفيق تحت عنوان «الإسلام هو القرآن والسُنة».

واقتنع د. توفيق بخطأ فكرته فكتب رسالة مختصرة عنوانها «أصول الإسلام- كلمة إنصاف واعتراف»، نشرت فى المجلد العاشر من مجلة «المنار»، صرح فيها بأنه ارتكب الشطط، حيث قال: «أنا أعترف بخطئى هذا على رءوس الأشهاد، وأستغفر الله مما قلته أو كتبته فى ذلك، وأسأله الصيانة عن الوقوع فى مثل هذا الخطأ مرة أخرى، وأصرح بأن اعتقادى الذى ظهر لى من هذا البحث بعد طول التفكر والتدبر، هو أن الإسلام هو القرآن وما أجمع عليه السلف والخلف من المسلمين عملًا واعتقادًا أنه دين واجب، وبعبارة أخرى أن أصلى الإسلام اللذين عليهما بنى، هما الكتاب والسُنة النبوية بمعناها عند السلف».. تعالوا معًا نقرأ فى فصول هذه المعركة.