رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«صور مقلوبة».. رابعة العدوية أيقونة صوفية شوهها الإخوان (5)

جريدة الدستور

ربما لا يعرف صغار شباب الإخوان من هي رابعة العدوية، ربما لا يعرف بعض قادتهم ما هي قصة الصمود وأيقونة العبادة الروحية، التي مارست سحر العبادة بالروح والجسد سابحة في ملكوت الله متمنية رضاه في أوج عنفوانها الجسدي ونشوتها الإنسانية.

رابعة البصرية هي البنت الرابعة في الترتب للرجل الصالح إسماعيل، ولدت في البصرة بالعراق ولذلك سميت بالبصرية وانتسبت إلي سيدها عتيك من بني عدوة فسميت بالعدوة ولقبت بأم الخير لسعيها في أوجه الخير والبر والعبادة.

رابعة عند الإخوان غير ذلك فهي رابعة المحن والصدام مع السلطة المصرية المحنة والصدام الأول كانت فى عام 1954م والتي أعدم فيها عبد القادر عودة والمحنة والصدام الثاني تنظيم 1965م الذي أعدم فيه سيد قطب والمحنة والصدام الثاني محنة 1981م والتي مات فيها كمال السنانيري، والمحنة الرابعة محنة رابعة ذلك الميدان الشهير وما أدراك ما رابعة.

زيف الإخوان قصة رابعة وأخذوا منها القشور وبدأت من هنا تأتي الصورة المقلوبة للتاريخ فدائما ما ينظر الإخوان للتاريخ ليس بالعدسات الصحيحة ولكن بالصورة المقلوبة فيرتدون دائما نظارة الحاضر المكسورة عدستها بعيون الماضي.

فبدل أن نستعمل كلمة الحب الإلهي في ملكوت الله بمدلولات كلمة رابعة استعمالا صريحا فيما تناجي به رب العالمين وتقبل عليه، نجدهم يستعملون قصة رابعة بعيون الانتقام وما جنت يديهم من أفعال وما بين أمير الدهاء والانتقام صورة دائمة مقلوبة في عيون الإخوان.

عاشت رابعة يومها وليلها بوجدان الحاسة الذهبية لا بالحاسة الغريزية، فكانت دائما في تسام وتصاعد وتحليق كما في الذكر والابتهال والتسبيح وفي تأمل وتفكر وتدبر.

كتب عن رابعة العدوية كما يقول الكاتب الصحفي سامح كريم، ثلاثة من كبار مفكرينا، وهم علي ترتيب الظهور رابعة العدوية شهيدة العشق الإلهي لعبدالرحمن بدوي، ورابعة والحياة الروحية في الإسلام لطه عبدالباقي سرور، والعابدة والخاشعة رابعة العدوية إمامة العاشقين والمحزونين لعبدالمنعم الحفني.

اختطف الإخوان رابعة العدوية السيرة والمسيرة وقدموا لنا رابعة حزينة ملوثة بالدماء ولديها الدوافع للانتقام، ولو طفنا مع فريد الدين العطار في سفرة العظيم "تذكرة الأولياء" (ترجمة اثنين وتسعين وليا من أولياء الله الصالحين) مع سيرة رابعة فنرى أنه يصورها فتاة نشأت مع النور، فقد كانت منذ طفولتها الباكرة عجبا، ذكاء وإيمانًا وشعورًا، حفظت كتاب الله وتدبرته، وقرأت الحديث الشريف وتدارسته، وحفظت علي الصلاة وهي في عمر الورود، حتي تكون لها وجدان ديني لماح وهي لم تزل طفلة صغيرة.

رسمت رابعة معالم طريق نهاية الإخوان في حكم مصر واندفع الموكب الصوفي ليحلق في سماء رابعة، لقد كان دور رابعة العدوية حاسما فعلي وقع خطواتها سار ابن الفارض والفارابي والحلاج وغيرهم من أعلام التصوف.

رابعة صاحبة مذهب وتاريخ وعلامات ومعالم وسياسات، فمشى على نهجها البعض وخرج علي نهجها البعض وحاربها البعض الآخر، لكنها حتي الآن باقية وتعرف طريقها جيدًا.