رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الإسلام في عصر العولمة».. كيف يرى حمدي زقزوق صراع الحضارات؟

جريدة الدستور

أصدرت مجلة الأزهر في عدد شهر شعبان الحالي كتاب "الإسلام في عصر العولمة" للدكتور "محمود حمدى زقزوق" عضو هيئة كبار العلماء، وزير الأوقاف الأسبق.

يقع الكتاب في قرابة الـ 100 صفحة، ويتناول مدى تأثير ثورة الاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا على الأديان بصفة عامة وعلى الإسلام بصفة خاصة، وهل لا يزال للدين دور مهم في خضم هذه التطورات المذهلة أم أن دوره أصبح على هامش الحياة؟.

يمتاز الكتاب بما يمتاز به صاحبه الدكتور زقزوق من قدرته على الخوض فى القضايا الشائكة بمنتهى الجرأة مع احتفاظه بجزالة الطرح وهدوء وعمق المناقشة.

ويطرح المؤلف رؤيتين لتيارين مختلفين أحدهما يرفض كل وافد من الغرب، أو الشرق ويعتبره غزوًا فكريا،ً وتيارا آخر يقبل كل ما يأتي ويتحمس له ويتهم الرافضين له بالجهل والتخلف والرجعية، ويهدرون أوقاتهم فى مناقشات عقيمة لا طائل من ورائها، ولعل الموقف من الاستشراق، أو قضية العولمة خير نموذج على هذه الطرح المختلف عليه بين هذين الفريقين.


ضياع الثقة بين الغرب والعالم الإسلامي

ويرى الدكتور"زقزوق" أن هناك عوامل متعددة أثرت على الثقة بين الشرق والغرب أهمها: الفتح العربي للأندلس على الرغم من هذا الفتح حمل أسباب الحضارة والتقدم للغرب، والغزو العثماني للبلقان وحصار العاصمة النمساوية فينينا، الغزو الاستعماري لبلاد العالم الإسلامى، ووعد بلفور عام 1917م والتحيز التام لإسرائيل، بالإضافة للغزو الأمريكي للعراق.

ويؤكد أن هذه الأسباب السابقة أصلت في ذهنية الغربى والشرقى الصورة العدائية المتبادلة، ومنها خرجت رؤية ما يسمى بصراع الحضارات، ولا يمكن تعديل هذه النظرة إلا بالتخلى عن نظرة الاستعلاء إزاء الآخر، والتخلى عن أطماع الهيمنة، واللجوء للحوار، والتركيز على القواسم المشتركة.

موقف الإسلام من العولمة

ثم يقرر الدكتور زقزوق أن الإسلام ليس تيارًا فكريًا أو ظاهرة وقتية حتى يخشى من التيارات الفكرة الوافدة، كما أن العولمة واقع لا يجدى معه الرفض، أو التجاهل فقد بدأت مظاهر العولمة بالمجال الإقتصادى ثم المجال السياسى وتحولت إلى اقتحام المجال الثقافى وهذا هو الأخطر أو التحدى الذى يواجه الأمم والشعوب والأديان من قبلها؛ إذ تهدف العولمة إلى إزالة الحواجز الزمانية والمكانية والثقافية والسياسية بين الأمم.

يوضح الدكتور زقزوق أن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها هكذا أوصانا رسول الله وجاء فى الأثر " اطلبوا العلم ولو فى الصين" هذه التوجيهات تجعلنا لا نأخذ موقفا سلبيا من كل ما وفد أو غريب على ثقافتنا، وتجعل الدين يقبل ويأخذ ويترك وفقما يرى دون تعنت ولا رفض مسبق، وقد استفاد المسلمون عند بناء حضاراتهم من كل الثقافات السابقة.

يأسف الدكتور "زقزوق" على حال العالم الإسلامى اليوم والذى يصفه بمنتهى الوضوح أنه فى حالة عجز بين وليس لديهم قدرة على المشاركة الفعالة فى القضايا المصيرية حتى التى تخصهم، والعصر الذى نحن فيه ليس فيه مكان للضعفاء ورغم أن المسلمين يساوون ضعف سكان أوربا وأمريكا الشمالية، ولكنهم أصبحوا أمة حائرة مما أدى ارتباك وانقلاب هرم الأولويات لديهم، ومن ثم يرى الدكتور زقزوق أن المسلمين اليوم فى حاجة ماسة إلى ممارسة النقد الذاتى وتحديد ما يريدون.