رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى رحيلها.. كيف فسرت نوال السعداوي اتهامها بالشر والجنون؟

نوال السعداوي
نوال السعداوي

لم تتلقى امرأة في العصر الحديث هجومًا واتهامات مثلما تلقت الكاتبة والطبيبة المصرية نوال السعداوي-التي تحل ذكرى رحيلها اليوم- وعلى قدر شجاعتها في تناول قضايا حساسة تخص المرأة والسلطة المجتمعية والدينية، على قدر الجبهات التي انفتحت في وجهها بالهجوم الضاري.

 في كتابها "الأنثى هي الأصل" فسرت الكاتبة نوال السعداوي أسباب الهجوم"التاريخي" على المرأة الذكية التي تواجه بشجاعة، وتخالف القواعد الظالمة، تكشف نوال السعداوي أنه في العصور الوسطى كان رجال الدين يتهمن النساء اللآتي يخترعن طرقا للعلاج الطبيعي"غير الديني" بالشعوذة والسحر، لأنهن يخلقن مساحة للتفكير العلمي والشفاء، لا تعتمد على التعاويذ الدينية، لذا كان يُحكم على أي امرأة تفكر من خلال العلم أو الفلسفة بالموت حرقًا.

تقول نوال السعداوي" المرأة الحكيمة مهددة لسلطتهم، وكانوا يحكمون عليها بالتعذيب ويسمونها "الساحرة الشريرة" أو المجنونة، وهي المرأة الذكية المتمردة التي اكتشفت بذكائها الفطري ذلك الظلم الفادح الواقع على جنس النساء لمجرد أنهن نساء ويذكر التاريخ أن وضع المرأة في مصر من أختها "الساحرة الشريرة المجنونة" في العصور المظلمة الأوروبية، بل إن عقابها في معظم الأحيان كان أشد". 

رأت الكاتبة نوال السعداوي أن الصفة الوحيدة التي كان يمكن أن تدمر حياة المرأة تماما هي صفة الذكاء وقدرتها التفكير العلمي. ولقد دهشت حين وجدت في تاريخ تلك العصور ما يثبت أن المرأة الحكيمة كانت مكروهة من الكنيسة أكثر من الساحرة الشريرة؛ لأنها كانت أكثر تهديدًا لسلطة الكنيسة، وأكثر منافسةً لأعضاء مهنة الطب في ذلك الوقت وهم الكهنة ورعاة الكنيسة. إن أحد هؤلاء واسمه “وليم بريكنيز” وهو “صياد الساحرات” الإنجليزي الشهري كان يُلقب «صياد الساحرات» يُعطى لهؤلاء الرجال الذين كانت مهنتهم اصطياد الساحرات والتفتيش عنهن بين الناس بشتى الطرق. هذا الكاهن كان يقول: "إن شفاء الأجسام والأرواح من اختصاص الإله وحده، وهؤلاء الذين عينهم ممثلني له فوق الأرض، ألا وهم الكهنة؛ لهذا فإن الموت هو الجزاء العادل للساحرة الحكيمة، كان هؤلاء الكهنة يعدون أنفسهم طبقة الحكام الأسياد، ولم تكن كرامتهم الدينية تسمح بأن يندس بني صفوفهم أحد من الطبقات المحكومة، خاصة إذا كان من جنس النساء "الشيطاني".

تقول نوال السعداوي في كتابها "الأنثى هي الأصل": "ورث بعض رجال العصر الحديث عن رجال العصور السابقة كراهيتهم الشديدة لذكاء المرأة. إنهم يفضلون عليها المرأة الغبية، التي تعتقد أن سيادة الرجل وخضوع المرأة إنما هي أشياء طبيعية لمجرد أنه ذكر وهي أنثى، وهناك كُثر من الرجال لا زالوا يعتقدون أن عقل المرأة يشوه أنوثتها، وأن ذكاءها يفسد طبيعتها؛ و أن عقل الرجل إنما هو جزء من عقل الإله، وأن الإله قد اختص جنس الذكور وحدهم بذلك العقل والحكمة، أما المرأة فهي بطبيعتها أقرب إلى الجنون منها إلى العقل. 

وقد سيطرت هذه الفكرة على رواد علم النفس القديم سيطرة شديدة؛ والدليل على ذلك أنهم أطلقوا اسم “الهسترييا” وترجمتها الحرفية “رحم المرأة” على حالات الجنون التي صادفتهم، كأنهم بذلك يقولون إن كل امرأة لها رحم فهي حالة من حالات الهسترييا، وإن كل حالة من حالات الهسترييا لا بد أن يكون لها رحم.

خاضت نوال السعداوي معركة ضد ختان الإناث بداية من عام 1972 بإصدار كتابها الشهير "المرأة والجنس" الذي حكت فيه تجربتها مع هذه القضية وتأثيرها على الفتيات، كما أنها انتقدت الحجاب وطالبت بحظر النقاب بدعوى أنه " لا يعبر عن الأخلاق" وأكدت في الوقت ذاته على موقفها الرافض للتعري ومحاولة تسليع المرأة.