رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«فورين بوليسى»: «زيلينسكى» يتحدى «بايدن» فى إظهار المزيد من القيادة

بايدن
بايدن

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" تحدى الرئيس الأمريكي "جو بايدن" أن يظهر المزيد من القيادة في الوقت الذي تواجه فيه أوكرانيا معركة وجودية، فقد وجه زيلينسكي نداء قويًا إلى الكونجرس الأمريكي عن طريق الفيديو، مرددًا خطاب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق "ونستون تشرشل" في زمن الحرب إلى نفس القاعة، حيث ناشد الأمريكيين أن يتذكروا صدماتهم السابقة، من "بيرل هاربور" حتى "الحادي عشر من سبتمبر 2001".

وقال زيلينسكي موجهًا حديثه لبايدن بعد عرض مقطع فيديو ظهر فيه صور أطفال ملطخين بالدماء وأجساد ملقاة في الخنادق "أنت قائد الأمة..أتمنى أن تكون قائد العالم، أن تكون زعيم العالم يعني أن تكون زعيم السلام"، وتلقى زيلينسكي ترحيبًا حارًا من قاعة مزدحمة بالمشرعين الأمريكيين، حيث طالب كثير منهم بايدن بفعل المزيد.

وجاء خطاب زيلينسكي بعد مناشدات شخصية لبريطانيا وكندا، استند فيها إلى خطاب تشرشل الشهير "لن نستسلم أبدًا"، إلى جانب مناشدة لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو قائلًا: "تخيل أنت وأطفالك تسمعون كل هذه الانفجارات الشديدة!" إذا تم قصف مطار أوتاوا الدولي.

دون شك، سلطت مناشدات زيلينسكي البليغة الضوء على مدى ضيق الوضع الجيوسياسي لبايدن في الوقت الحالي، وهو أمر لم يواجهه سوى عدد قليل من الرؤساء الأمريكيين، كما يجد بايدن نفسه تحت ضغط أكثر لمساعدة أوكرانيا في حرب تبث على وسائل التواصل الاجتماعي، والفيديو، والأخبار المسائية، وكلها تحت عناوين الكاريزمي زيلينسكي (الممثل التليفزيوني السابق).

وعلى مدار أسابيع من العمليات العسكرية الروسية، حافظ بايدن على المسار الذي حدده بعناية للتعاطي مع الأزمة، ولكن مع تزايد الضغط السياسي على بايدن، أصبح المسار الذي ينتهجه أكثر غموضًا وربما أكثر خطورة.

وما عقد الأمور على بايدن هو أن رؤساء وزراء بولندا وجمهورية التشيك وسلوفينيا (ثلاثة أعضاء في الناتو) سافروا إلى العاصمة الأوكرانية (كييف) واجتمعوا مع زيلينسكي، مخاطرين بحياتهم لإظهار الدعم لأوكرانيا، ويشير ذلك إلى أنه قد يكون هناك بعض التشققات داخل الحلف نفسه، على الرغم من أن الأمين العام لحلف الناتو "ينس ستولتنبرج" أكد مؤخرًا على ما سبقه إليه بايدن من أنه لن تكون هناك أية منطقة حظر طيران في أوكرانيا.

ويقول "ريتشارد إمرمان" المؤرخ وخبير الأمن القومي في جامعة "تمبل" (Temple University) الأمريكية "إنه وضع غير مسبوق بشكل أساسي وجد بايدن نفسه فيه، مثلما تحدثنا في فيتنام عن كونها الحرب التليفزيونية الأولى، لدينا الآن أول حرب على وسائل التواصل الاجتماعي".

وعقب خطاب زيلينسكي، دعا السيناتور "جيمس ريش" الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بايدن إلى "النهوض والقيادة".

وقال في بيان: "دعونا نرسل لهم طائرات، دعونا نرسل لهم أنظمة دفاع جوي، ولنفعل ذلك بشكل أسرع".

كما طالب السيناتور الديمقراطي "مارك وارنر" رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بمزيد من الإجراءات، قائلًا "يجب أن نصغي إلى دعوة الرئيس زيلينسكي لتقديم مساعدات دفاعية إضافية بما في ذلك الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات".

ودعا زيلينسكي مرة أخرى بايدن إلى فرض منطقة حظر طيران، والتي يمكن أن تضع الطيارين الأمريكيين في مواجهة مباشرة مع الطائرات الروسية وأنظمة الدفاع الجوي، وهو ما رفضه بايدن.

وقال زيلينسكي: "إذا كان هذا طلبًا كبيرًا جدًا، فنحن نقدم بديلًا.. أنت تعرف نوع أنظمة الدفاع التي نحتاجها"، ويتعرض بايدن لضغوط لتقديم أنظمة صواريخ أرض- جو أكثر تطورًا، بما في ذلك الأنظمة السوفيتية السابقة مثل S-300s التي يستخدمها بعض حلفاء الناتو، والتي يمكن أن تصل إلى أعلى من Stingers وJavelins المستخدمة بالفعل.

ووفقًا لشبكة CNN الإخبارية الأمريكية، فإن الأنظمة الأخرى التي قد تكون في طريقها بالفعل تشمل أنظمة الدفاع الجوي المتنقلة من الحقبة السوفيتية SA-8 وSA-10 وSA-12 وSA-14، القادرة على ضرب صواريخ كروز، ومع ذلك، فإن كل نظام أسلحة إضافي يمر عبر الحدود من دول الناتو -خاصة إذا كانت روسية الصنع- يخاطر بالتصعيد الذي كان بايدن يسعى بشدة إلى تجنبه.

بدوره، تحدث بايدن بعد زيلينسكي، وأعلن عن 800 مليون دولار كمساعدة أمنية جديدة لأوكرانيا بالإضافة إلى 200 مليون دولار تم الإعلان عنها في وقت سابق.

وقال بايدن أيضًا إن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطي يعملان على مساعدة أوكرانيا في الحصول على أنظمة صواريخ بعيدة المدى، دون أي توضيح حول ماهية هذه الأنظمة، وإنه "ملتزم بزيادة الأسلحة والمعدات" إلى أوكرانيا، بما في ذلك 800 نظام مضاد للطائرات و9000 نظام مضاد للدروع، غير أن (بايدن) ظل حازمًا في معارضة فرض منطقة حظر طيران أو نقل طائرات مقاتلة.

ورغم ما سبق، إلا أن المأزق السياسي لبايدن أصبح أكثر إلحاحًا بسبب النهج الخجول لرئيسه السابق (الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينما كان بايدن نائبًا له)، والذي رفض حينها مرارًا التعامل مع بوتين بعد ضمه لشبه جزيرة القرم في عام 2014، وفرضت الولايات المتحدة حينذاك عقوبات محدودة على روسيا بما في ذلك قطاعات الطاقة والدفاع والتمويل، لكنها قللت من أهمية التهديد الذي تمثله موسكو.

ولكن الأهم من ذلك كله وفقًا لفورين بوليسي، هو أنه ربما يمكن لبلاغة زيلينسكي أن تغير طريقة الحسابات الدقيقة التي يتعامل بها بايدن حيال الأزمة، ففي خطابه، دعا زيلينسكي ليس فقط إلى المزيد من المعدات الدفاعية، ولكن إلى فرض عقوبات على كل سياسي ومسئول روسي لم يتنصل علانية من العملية العسكرية الروسية، كما ناشد (الرئيس الأوكراني) أعضاء الكونجرس، إغلاق الموانئ الأمريكية أمام جميع البضائع الروسية والتأكد من مغادرة كل شركة أمريكية السوق الروسية على الفور.

ويبدو أن أفضل أمل لبايدن في هذه المعضلة هو تعثر العلمية العسكرية الروسية بعد أسابيع من الحرب، وتعزيز الجهود الدبلوماسية، خاصة أن زيلينسكي لم يعلن في خطابه للكونجرس أنه يريد الانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي أو الاتحاد الأوروبي، وهو مطلب روسي رئيسي لإلغاء عملياتها العسكرية.