رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أساطين المجد في تفهيم ولي العهد

بعد كتابي السابق (الجدار) احترت في الموضوع الجديد لكتابي الجديد، ومنبع حيرتي حرصي على تقديم مادة تفيد القراء وتقدم رؤية لما يحدث في العالم، لكن الأمير ويليام حفيد ملكة بريطانيا وابن الراحلة الأميرة ديانا وابن ولي العهد الأمير تشارلز وصاحب الترتيب الثاني في تولي العرش، منحني إلهاما نيرا للموضوع الجديد.

 

Prince William | Ukraine Crisis: Did you forget World War 1 & 2? Prince  William says bloodshed not normal in Europe amid Ukraine crisis; Twitter  users give him history lessons

 

لقد قررت أن أكتب كتابا عن "تعليم التاريخ لطبقة النبلاء في أوروبا" وأولهم الأمير ويليام، ورغم أن مثل هذا الموضوع يبدو مضحكا على اعتبار أن هذه الطبقة بالتأكيد تلقت أفضل وأعلى وأحدث تعليم في العالم ليستحقوا اللقب الملكي الذي يحملونه وأنهم بالطبع درسوا تاريخ العالم كله وخاصة تاريخ أوروبا في أفضل المدارس والجامعات.

لكن تصريحات الأمير التي تقول "اعتدنا رؤية الحرب في أفريقيا وآسيا.. لكن من الغريب جدا رؤية هذا في أوروبا" جعلتني أرصد مدى عدم المعرفة الذي قد يعشش في دماغ الأمير وكيف أن كل ما حصل عليه من تعليم ملكي لم يكن بالمستوى المطلوب، لذا فمن باب العطف يمكنني أن أصحح له المعلومة التي هي معكوسة تماما وأثبت في كتابي القادم كيف أن أوروبا كانت منبعا للحروب، والعنصرية والتمييز والعنف في العصر الحديث، بل وربما القديم (فقط أتحدث عن العصر الحديث لأن الحروب كانت منتشرة بشكل بديهي في العصور القديمة في كل العالم بما فيها أوروبا طبعا)

وبداية أشير لسموه أن تقديرات الضحايا في الحرب العالمية الثانية في أوروبا هي 70 مليون قتيل، بحسبة بسيطة يمكن أن تدرك أن ضحايا الحروب والمجاعات والأوبئة والإرهاب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن لن تصل لهذا الرقم المروع.

Sept. 2 marks end of World War II, bloodiest war in human history -  EgyptToday

 

أما الحرب العالمية الأولى فضحاياها 16 مليون قتيل واستمرت أربعة سنوات لكن من أسبابها المباشرة حروب البلقان التي استمرت عامان. 

وأود أن أذكرك أن ما يطلق عليه الإمبريالية الجديدة والتي استمرت من (1870-1914) عبارة عن التوسع غير المسبوق من العديد من الدول الأوروبية لاستعمار دول العالم وخاصة في أفريقيا وفرض الهيمنة وترسيخ العنصرية وتفوق العنصر الأوروبي، بالإضافة إلى استنزاف ثروات هذه المستعمرات وإحكام القبضة السياسية عليها لكيلا تتطور ولا تنافس الهيمنة الغربية على الاقتصاد والسياسة والمستمرة حتى اليوم، ورغم ذلك تجاوزت أغلب هذه الدول مصائب الغرب إيمانا بالعيش في سلام وحتى لم تطالب بتعويضات عن فترات الاستعمار تلك.

New Imperialism - Wikipedia

 

لا ننكر أن أغلب الأوروبيون والغرب عموما، استفاقوا من العنصرية، والتفوق الأبيض المزعوم والذي كان علماؤهم ومفكريهم في فترة من الفترات يثبتونه علميا، لكن هناك الكثيرين لازالت تجري في دمائهم تلك النزعة، وبعضهم يظهرها بكل وضوح عن طريق القول والفعل ولعل الأحزاب المتطرفة التي تضاعفت وتضاعف مؤيدوها في أوروبا تثبت ذلك، لكن هناك فئة أخرى تدعي التسامح والمساواة لكن داخلهم هناك وحش استعماري عنصري أبيض ينتظر اللحظة المناسبة للفتك بالآخرين أيا كانوا وإثبات التفوق الوهمي الكاذب.

 

والملاحظ أن الحكومات الأوروبية تتهاون في التعامل مع هذه النزعات وتحت بند حرية التعبير تعطي زخما للمتطرفين وربما تساهم في ارتفاع أسهمهم بمجرد الصمت أو الخوف أو استمالتهم سياسيا.

التاريخ يقول أن الولايات المتحدة ساهمت بكل ما تملك في دعم نشاط المجاهدين في أفغانستان من طالبان والقاعدة وجميع المليشيات الدينية من أجل إجلاء الاتحاد السوفيتي، لكنها استهانت بالارتباط الشرطي بين الدين والسياسة الذي اخترعه هؤلاء لتنقلب الكرة عليها ومن ثم يهاجمون أمريكا ذاتها وتبدأ حقبة الإرهاب المعروفة، وها هي أوروبا تستهين بالمتطرفين من الأحزاب اليمينية داخل أراضيها ... لكن المستقبل ينذر بسيناريو مشابه قد يزعزع أوروبا ذاتها.

أما بالنسبة للأمير ويليام فنتمنى أن تكون الكلمة المأخوذة عنه غير حقيقية أو أخذت من سياقها.