رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«توعية مفقودة».. كيف يؤثر غياب «الإخصائي النفسي» داخل المدارس؟

تنمر المدارس
تنمر المدارس

دور كبير للغاية تفتقده أغلب المدارس في الوقت الحالي، ففي السنوات الأخيرة، اختفت مكاتب الإخصائيين النفسيين داخل المدارس، ونشبت النزاعات بين الطلاب بكثرة، لنجد في نهاية المطاف أطفال مشوهين نفسيًا، لا يدركون ما يقترفونه من أخطاء في غياب التوعية النفسية.
في الأيام القليلة الماضية، تقدمت النائبة شيماء نبيه، عضو لجنة التضامن الاجتماعي، بمجلس النواب، بطلب إحاطة للمستشار الدكتور حنفي جبالي، موجه لوزير التربية والتعليم الدكتور طارق شوقي، بشأن مدى تواجد إخصائي نفسي أو تربية نفسية داخل كل مدرسة، مشيرة إلى دوره الفعال والمؤثر في حياة الطلاب سابقًا.

وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن ارتفاع حالات الإدمان والتعديات الجسدية ترجع لغياب دور الإخصائي النفسي في التوعية والنصح والإرشاد وتقديم الدعم النفسي، خاصة للطلاب في بداية سن المراهقة، بعد أن تحول دور الإخصائي النفسي إلى العمل الإدارس والإشرافي، في ظل العجز الكبير  في المعلمين.

إخصائية نفسية

نزاعات أوقفها "الإخصائي النفسي" داخل المدارس

في عام 2018، نُشبت مشاجرات كلامية بين طلاب مدرسة جلال الدين الإبتدائية بمدينة المحلة الكبرى، وتصاعدت إلى تشابك بالأيدي بعد ذلك، وكانت المدرسة على وشك التعرض لكارثة كبرى، خاصة حين ظهرت الأسلحة البيضاء في الصورة.

لم تكن تلك الواقعة هي الوحيدة بل إنها تكررت العديد من المرات داخل مدارس عدة، وبنفس الطريقة المعتادة من استخدام الأسلحة البيضاء بين الطلاب الصغار، ولكن دور "الإخصائي النفسي" كان هو طوق النجاة الوحيد قبل اندلاع أي مشكلات داخل المدارس.

مشاجرات المدارس

تواصلنا في السطور التالية مع "الإخصائي النفسي" داخل مدرسة طلعت حرب الثانوية العسكرية بالمحلة، التي شهدت مشكلات عدة بسبب تشاجر الطلاب من حين لآخر، واطلعنا على تفاصيل الحوادث التي كانوا يتعرضون لها.

أوضح محمد مختار، الإخصائي النفسي بالمدرسة، أن النزاعات بين الطلاب دائمًا ما تحدث بسبب المزاح المبالغ، ويتطور الأمر تدريجيًا لحدوث اشتباكات بالأيدي بين الطلبة وبعضهما البعض، وقد يستمر لأيام عدة.

وأضاف: "هنا يأتي دور الإخصائيين النفسيين والاجتماعيين للدخول بين جذور المشكلة، ومحاولة فضها بالطرق الصحيحة قبل أن تتطور، ويبدأ ذلك بعقد جلسات منفردة للطلاب المتسببين في المشكلة، وسماع وجهات نظرهم بشكل كامل، ثم توجيه النصائح لهم، وتوعيتهم حول مدى الضرر الذي سيلاحقهم في حال تطور الأزمة".

وبناءً على وقائع حية شهد عليها "مختار"، قال في حديثه لـ"الدستور"، إنه في السنوات الماضية كانت لا تخلو المدارس من مكاتب الإخصائيين النفسيين، وكان لهم دورًا كبيرًا في توعية الأطفال، وتطوير تفكيرهم بأفضل شكل ممكن، فكان يتردد على مكتبه العديد من الطلبة الذين يواجهون مشكلات أسرية، أو حتى مع زملائهم بالمدرسة، لكنهم يخرجون من المكتب وهم يشعرون براحة نفسية كبيرة.

جلسات نفسية للأطفال

شرح أيضًا دور الإخصائي داخل المدرسة: "المهام التي يتبعها الإخصائيين هي الفحص والإرشاد النفسي، والتدخل العلمي كالتشخيص والعلاج، والتوجيه التربوي والتعليمي، فالحالات التي تتطلب ذلك هي المعرضة للعنف والعدوان، وأيضًا حالات الانطواء، و الحالات السيكوباتية، والتدخين والمخدرات، وصعوبات التعلم".

طالبت عضو مجلس النواب، بضرورة أن يكون هناك إخصائي نفسي في كل مدرسة مثلما يجب أن يكون هناك طبيب، كما من الضروري تخصيص حصة أسبوعية للصحة النفسية والتوعية، خاصة مع زيادة حالات  الانتحار وارتفاع معدل الجريمة والاستخدام السيئ للتكنولوجيا الحديثة.

إخصائية نفسية تحمي الطالبات من تداعيات "التحرش"

بدأت صفاء عبدالبارى، إخصائي نفسي بإحدى مدارس محافظة الغربية، حديثها لـ"الدستور"، موضحة أنها كانت تخصص عملها بالمدرسة لمناهضة ظاهرة التحرش الجنسى بالأطفال، من خلال استخدام أساليب تعليمية بسيطة لمعالجة الأطفال، مثل عرض مقطع فيديو يوضح الأماكن التى لا يجب أن يسمح الطفل لأى شخص بملامستها.

ونظمت بالفعل العديد من الورش التوعوية، التي استهدفت توعية الأطفال وتعليمهم طرق الدفاع عن أنفسهم فى مواجهة المتحرشين، خاصة داخل المدارس والأماكن العامة، حتى وإن لم يقتصر الأمر على التعرض لهذه الأزمات داخل المدرسة.

التعدي على الأطفال

استطاعت السيدة علاج العديد من الأطفال ضحايا التحرش الجنسي، مشيرة إلى طريقة التعامل الصحيحة معهم في ذلك حين:"لا بد من معاملة الطفل ضحية التحرش بشكل مناسب، فمن الصعب حبس الطفل فى المنزل ومنعه من التعامل مع الناس، وهذا خطأ كبير، لأن تعنيف الطفل الضحية يجعله ساخطًا على كل من حوله".
وطالبت في ختام حديثها، بإعادة توفير الإخصائيين النفسيين داخل جميع المدارس، لدورهم الكبير في حماية الأطفال من أي خطر قد يتعرضون له، وسرعة التدخل في حل الأزمات التي قد تنتهي بكارثة،