رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطيب مسجد باليرمو بإيطاليا: يجب تربية الأبناء فى دول المهجر على الآداب الإسلامية

 بدري المدني خطيب
بدري المدني خطيب جامع باليرمو

قال الدكتور بدري المدني، خطيب وإمام مسجد باليرمو بإيطاليا، خلال خطبة الجمعة، اليوم، إنه كان لزامًا علينا، نحن الآباء والمربين وأولياء الأمور- أن نهتمّ بشأن تربية الأولاد، وأن نبحث عن كل ما مِن شأنه أن يعيننا على القيام بهذه المسؤولية.

 

وتابع "المدني" خلال خطبة الجمعة اليوم : وإن مما يحزن له القلب، أن ترى كثيرًا من الناس قد أهملوا تربية أولادهم، واستهانوا بها، وأضاعوها، فلا حفظوا أولادهم، ولا ربوهم على البر والتقوى، بل ومع الأسف الشديد فإن كثيرًا من الآباء -أصلح الله أحوالهم- يكونون سببًا لشقاء أولادهم وفسادهم.


واضاف : إليكم هذه الوصايا وهذه المعالم التي تعينكم على القيام الحق بتوجيه أولادكم وتربيتهم التربية التي تسعدون بها في الدارين:


أولاً: سؤال الله الذرية الصالحة: فهذا العمل دأب الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، كما قال تعالى عن زكريا -عليه السلام"رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ" آل عمران: 38، وكما حكى عن الصالحين أن من صفاتهم أنهم يقولون"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"الفرقان: 74.


ثانيًا: غرس الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوس الأولاد: فمما يجب -بل هو أوجب شيء على الوالدين- أن يحرصوا كل الحرص على غرس العقيدة الصحيحة، وأن يتعاهدوها بالسقي والرعاية، كأن يعلّم الوالد أولاده منذ الصغر أن ينطقوا بالشهادتين، وأن يستظهروها، وينمي في قلوبهم محبة الله -عز وجل-، وأنّ ما بنا من نعمة فمنه وحده، ويعلمهم أيضًا أن الله في السماء، وأنه سميع بصير، ليس كمثله شيء، وأن ينمي في قلبه محبة نبيه سيدنا محمد –صلى الله عليه وسلم-... إلى غير ذلك من أمور العقيدة.


ثالثًا: غرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم؛ مِن صدق ووفاء واحترام وبذل وحسن خلق وطيب معشر وحُسن حديث وحبّ للعلم والعلماء وصبر وحِلم... وغيرها من الصفات الحميدة؛ فالطفل منذ نعومة أظفاره جوهرة لامعة، فمتى حرصت على هذه الجوهرة بقيت غالية وثمينة، ومتى أهملتها فقدت قيمتها ولمعانها، وأصبح من الصعب إعادتها إلى ما كانت عليه.


رابعًا: تنشئتهم على الآداب الإسلامية وتدريبهم عليها؛ من آداب الأكل والشرب، وآداب النوم، وآداب الضيافة، وآداب المجلس، وآداب السلام، ، وآداب الجار، فمتى إعتادها في الصغر نشأ عليها في الكبر، وسهل عليه القيام بها، وسرّ الأب بها، وأثنى الآخرون على حسن تربيته. :"وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى"طه: 132.


خامسًا: الحرص على استعمال العبارات المقبولة الطيبة مع الأولاد، والبعد عن العبارات المرذولة السيئة؛ فمما ينبغي للوالدين مراعاته أن يحرصا على انتقاء العبارات الحسنة المقبولة الطيبة، البعيدة عن الإسفاف في مخاطبة الأولاد، وأن يربوا أنفسهم بعيدا عن السب والشتم واللجاج، وغير ذلك من العبارات البذيئة والسيئة.


سادسًا: الحرص على تحفيظهم كتاب الله -عز وجل-: فهذا العمل من أجلّ الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الوالدان؛ فالاشتغال بحفظه والعمل به اشتغال بأعلى المطالب وأشرف المواهب، ثم إن فيه حفظًا لأوقاتهم وحماية لهم من الضياع والانحراف، فإذا حفظوا القرآن أثَّر ذلك في سلوكهم وأخلاقهم، وفجر ينابيع الحكمة في قلوبهم.


سابعًا: أن تكون قدوة صالحة لأولادك؛ يقول الله تعالى"وَكَانَ أُبُوهُمَا صَالِحًا"الكهف:82، فينبغي للوالدين أن يكونا قدوة صالحة لأولادهما في الصدق والاستقامة وجميع شؤونهم، وأن يتمثلا ما يقولانه، ومن الأمور المستحسنة في ذلك أن يقوم الوالدان بالصلاة أمام الأولاد؛ حتى يتعلم الأولاد الصلاة عمليًّا من الوالدين.


ثامنًا: إبعاد المنكرات وأجهزة الفساد عن الأولاد: فمما يجب على الوالد تجاه أولاده أن يحميهم من المنكرات، وأن يطهر بيته منها، حتى يحافظ على سلامة فطر الأولاد وعقائدهم وأخلاقهم، ويجدر به أن يوجد البدائل المناسبة المباحة، سواء من الألعاب أو الأجهزة التي تجمع بين المتعة والفائدة، حتى يجد الأولاد ما يشغلون به وقت فراغهم.


تاسعًا: أن تقدر مراحل العمر للأولاد: فالولد يكبر وينمو تفكيره، فلا بد أن تكون معاملته ملائمة لسنه وتفكيره واستعداده، وأن لا يعامل على أنه صغير دائمًا، ولا يعامل أيضًا وهو صغير على أنه كبير؛ فيطالب بما يطالب به الكبار، ويعاتب كما يعاتبون، ويعاقب كما يعاقبون. لقد كان النَّبي صلى الله عليه وسلم المثلَ الأعلى في ذلك، وكان يحذِّر من القسوة في التعامل مع الأولاد، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسنَ بن علي وعنده الأقرع بن حابِس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرةً من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "مَن لا يَرحم لا يُرحم".

عاشرًا: الجلوس مع الأولاد في المنزل: فمما ينبغي للأب -مهما كان له من شغل- أن يخصص وقتًا يجلس فيه مع الأولاد؛ يؤنسهم فيه، ويسليهم، ويعلمهم ما يحتاجون إليه؛ لأن اقتراب الولد من أبويه ضروري جدًّا، وله آثاره الواضحة، فهذا أمر مجرب، فالآباء الذين يقتربون من أولادهم ويجلسون معهم ويمازحونهم يجدون ثمار ذلك على أولادهم، حيث تستقرّ أحوال الأولاد، وتهدأ نفوسهم، وتستقيم طباعهم.