رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ناقدة: رواية "المحارم" للكاتب فكري داود أقرب إلى السيرة الذاتية لشاب مصري

جانب من الندوة
جانب من الندوة

قالت الكاتبة جيهان عوض البنا، خلال مناقشة رواية المحارم للكاتب فكري داود، والتي عقدت بقصر ثقافة دمياط: "مما حمسني لقراءة هذه الرواية معرفتي المسبقة للكاتب كروائي وهذا بقراءة رائعته "خلخلة الجذور" وكتابة مقال نقدي عنها، ولكني فوجئت بأسلوب مغاير تماما عن سالفه مما يؤكد لي براعة الكاتب في تطويع الفكرة واللغة ومن ثم السرد لتكوين عمل فني بديع يضاف لتاريخ الكاتب الأدبي..

رواية أقرب إلى السيرة الذاتية لشاب مصري أتى من قرية متطرفة ليُعار بديرة مجهولة الطريق ثم يقوم باستقدام أسرته محاولة منه للاستقرار وجدانيا، ويسرد لنا تفاصيله اليومية في الغربة حتى يعود وطنه مرة أخرى.

274333958_5148815991827867_6350006824396999421_n

وأضافت "البنا" موضحة: "المحارم" هو عنوان النص وكذا آلامه وأحزانه، هو الحسرة في زمن اللهث وراء لقمة العيش دون الاعتبار لما يتساقط في الطريق من مهانة وذل، هو القلة في كل شيء عدا الأوراق النقدية، هو صابر المخطط وزيدان الصيني وشكري وسعفان وعبد الرازق وبيومي... هو كل هؤلاء ومن سبقهم ومن سيلحق بهم في ذاك الدرب الشاق.. فكيف بعد كل ذلك أن يعنونها الكاتب بغير (المحارم)؟! رغم أني وددت لو أسقط الألف واللام لتصبح (محارم) دون تعريف، فما أنسب النكرة في مواضع الخزي ولا أسوأ من أن تراعي ما لا يقدر هو ذاته، لربما مزج كاتبنا قاعدته المذكورة بالنص "والجمل بعد المعارف أحوال.." ليسرد لنا أحوالا وآمالا بعد المُعرّف.

وعن شخصيات رواية المحارم للكاتب فكري داود، قالت "البنا": عوض مخزن الأسرار والمتصابي الذي يريد أن يتزوج بصغيرة عديمة السوابق في الزواج ليطبعها بطبعه وتكون أول من تنكشف عليه خشية المقارنة.
سهير زوجة صابر(المخطط) الذي يغبطه عبد البديع لامتلاكه امرأة بكل هذه المواصفات الجميلة فضلا عن حبه المكنون لها دون تلميح منه والعجيب أنها لم تجد في تصريحها له بحبها أي حرج وكأنما انفرط منها عقد الحياء حينما لملمت ثياب الغربة وألبست محرمها ثوب الاستخفاف!

274334753_5148815625161237_2114159499062340781_n

سعفان هذا "السعفو" كما ينادونه، رغم أنه يبدو لهم ضحوكا ولا يكف عن المزاح إلا أنه يخفي بصدره غصة، لم يبح بها إلا لعبد البديع، حيث اختصر حالة المحرم حينما قال "كلهم هنا لا يروني إلا بعين النقصان، لقبولي السفر محرما دون عمل، مثل ربات البيوت"، "أنا في الحقيقة أناوش ككلب غريق يتعلق بقشة عله يدرك البر"

ولفتت "البنا" إلي: لم يغفل الكاتب في إيضاح مدى تأثر الفرد والمجتمع بالموروثات والثقافات حال انتقاله من بلد لآخر وذلك في بعض الأمور الخاصة بالحياة اليومية مثل أمر إصلاح السيارة من قِبل الشرطة الذي أدهش عبد البديع وجعله يتذكر فوضى الحوادث بالبلاد ومنهم بلده مصر، لم يكن التباين فيما يخص الحوادث فحسب وإنما أيضا في تسجيل المواليد الذي يتوجب على الأب أن يذهب للمحكمة لتشهد بأبوته للمولود.

أما في مراسم العزاء فالاختلاف بيّن فيما يحدث في مصر من صراخ وندب وشق جيوب وما وجده من تباسط في المملكة، الوطنيون في مجالسهم تدار بينهم الأحاديث والحوارات، يتناولون القهوة الخضراء بالهيل مع التمر، المرئي مفتوح وكأن الميت لم يمت، مثل هذه الأشياء كانت تثير تعجب البطل حد الاندهاش، كما جاء على لسانه "العلاقة بينكم وبين المصالح الرسمية بسيطة، محكومة بنظام يسري على الجميع، والطقوس الاجتماعية لا مغالاة فيها لكنها صارمة".