رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل سرقة وصلات الأطباق الفضائية المشفَّرة لمشاهدة المباريات حرام؟.. الإفتاء تجيب

الإفتاء
الإفتاء

انتشرت خلال الفترة الماضية سرقة أطباق التليفزيون ووصلاتها بسبب المباريات الرياضية وغيرها من الأحداث الحصرية التي تنفرد بها بعض القنوات الفضائية وتكون مدفوعة الأجر لمن يريد أن يتابعها، مما يجعل البعض ممن لا يملكون ثمن الاشتراك يسرقون تلك الوصلات لمشاهدة المباريات ومتابعتها.

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية من أحد المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي يقول: هل سرقة وصلات الأطباق الفضائية المشفرة لمشاهدة المباريات الرياضية حرام؟

من جانبها، قالت الدار، إن خدمة توصيل "الأطباق الفضائية المشفرة" تُعَدُّ مِن المنافع المتقوِّمة أي: التي لها قيمة في عُرْف الناس، والفقهاء مختلفون في كون مثل هذه المنافع أموالًا على قولين: 

  1. القول الأول: وهو لجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، حيث يرون أَنَّ المنافع أموال؛ قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (5/ 87، ط. دار الكتب العلمية): [والمعروف من كلام العرب أن كل ما تُمُوِّلَ وتُمُلِّكَ فهو مال].
  2. وأما القول الثاني: وهو للحنفية، حيث يرون أنَّ المنافع ليست أموالًا، وإنما تَتَقَوَّم بالعقد، أو في باب الإجارة للضرورة.

وأضافت أن الاحتيال بالاستيلاء على خدمة الأطباق الفضائية المشفَّرة التي لا يسمح أصحابها لغيرهم الدخول عليها إلا بعد إذنهم، يُعَدُّ من قبيل السرقة، وهو عملٌ محرّمٌ شرعًا، لما فيه من الاعتداء على حقوق الناس وأكل أموالهم بالباطل.

وأشارت الدار إلى أنه من المقرر شرعًا أنَّ المال والحق والملك مما لا يجوز الاعتداء عليه، ولذلك حرَّم الله تعالى السرقة والغصب وأكل أموال الناس بالباطل، وأوجب عقوبات دينية ودنيوية لمن يعتدي على أموال الآخرين وحقوقهم، فيجري فيها -أي: الأطباق الفضائية المشفَّرة، ما يجري في الملك الذي هو حقٌّ خالصٌ يختص به صاحبه مِن جواز انتفاع صاحبها بها على أي وجه مِن الوجوه المشروعة، وجواز معاوضتها بالمال إذا انتفى التدليس والغرر، وتحريم انتفاع الغير بها بغير إذن أصحابها، وحرمة الاعتداء عليها بإتلاف عينها أو منفعتها أو تزويرها أو انتحالها زورًا وكذبًا.

واستدلت الدار، بما قاله الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾.

وتابعت الإفتاء: أَمَّا إذا كانت هذه الخدمة غير مُشفَّرة فإن استعمال الشخص لها حينئذ جائزٌ، وذلك لأن عدم تشفيرها من قبيل صاحبها أمارةٌ عُرْفًا على إذنه في الاستعمال؛ والإذن العرفي في الإباحة أو التصرف كالإذن اللفظي، تنزيلًا لدلالة العادة منزلة صريح القول، وذلك مشروطٌ بعدم الإضرارِ بصاحب الخدمة، لأنَّ الإباحة هنا ضمنيةٌ لا صريحةٌ، وهي على خلاف الأصل، فلا يُتوسَّع فيها، ولا يُتَصَرَّف فيها تَصرّف المالك في ملكه.