رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستأجرون.. ولا أعز

لا يزال القانون سيئ السمعة «والذي لا يوجد مثله في كل أنحاء العالم إلا عندنا» يخرج لسانه للجميع .. متحديًا كل المنطق والشرع والعدالة الاجتماعية.. إنه قانون الإيجار القديم.

آخر ما تمخض به جبل النواب عندنا هو إعادة طرح نفس ما سبق عرضه منذ ثلاثة أعوام وتم رفضه لوجود عوار دستوري به.. للأسف تم عرضه عن عمد بنفس الصيغة والاشتراطات مع تغيير في الاسم.. واختاروا تطبيقه على الاعتباري وليس السكني، وهو نفس الاختيار الذي كان سببا في رفض الاقتراح السابق.

أضافوا عبارة للتمويه وهي «الاعتباري في ضوء آثار وتداعيات كورونا»، فعلوا مثلما فعل أحمد الجحش بتغيير اسمه إلى محمد الجحش.. منتهى الاحترافية في قتل وإهدار الوقت واستمرار الظلم على مُلاك العقارات لصالح فئة من المستأجرين ولسان حالهم يتحدث بفكر الرئيس الإخواني الراحل بضرورة المحافظة على الخاطفين والمخطوفين، أي الجناة والمجني عليهم، الجناة معظمهم أحفاد المستأجر الأصلي وميسوري الحال، والبعض منهم يمتلك شققا وفيلات أخرى في أماكن راقية. 

والمجني عليهم معظمهم يعيش بالكاد ولا يجد سكنا لأبنائه ويضطر لاستئجار مساكن لهم بأرقام فلكية.. منتهى الظلم الاجتماعي.
المشكلة يعاني منها قطاع عريض من أبناء مصر منذ أكثر من سبعين عاما.

دار الإفتاء أفتت بعدم شرعية توريث الإيجار، ونادت بضرورة تحريره.. لكن لا حياة لمن تنادي.. مئات الألوف من المساكن إيجاراتها لا تتعدى العشرة جنيهات شهريا في أرقى أحياء مصر.. يستمتع بها الوجهاء وأصحاب المناصب، وبالطبع تخسر الدولة المليارات سنويا من عدم تحصيل الضريبة العقارية المناسبة لتلك الإيجارات الهزيلة.

الكيل طفح.. والمنتفعون يتحايلون بدهاء لاستمرار الوضع كما هو عليه، ولا بد من تدخل رئاسي لوضع حل جذري لهذه المهزلة.. على الدولة أن تتحمل مسئولياتها وتتكفل بالمستأجرين البسطاء، وكفى على الملاك «رغم ما يعانونه» تحملهم وتحمل أبنائهم وأحفادهم حتى اليوم.. الحلول سهلة وليست كما يصورها طابور المنتفعين من القانون القديم، وأتصور أن تكون كالتالي:

كل عقد إيجار مضى على توقيعه ٥٠ عاما أو أكثر يتم إلغاؤه، ويتم تقييم الإيجار الجديد حسب قانون العرض والطلب ورغبة الطرفين في التجديد بقيمة إيجارية مناسبة.

  • عقود الإيجار التي لم يمض على توقيعها ٥٠ عاما تعطى مهلة لتوفيق أوضاعها بحد أقصى ثلاث سنوات، ويتم بعدها معاملتها مثل البند السابق.
  • يتم عمل بحث اجتماعي للمستأجرين غير القادرين والذين لا يمتلكون مساكن أخرى، وتقوم الدولة بتوفير مساكن مناسبة لهم وفقا لإمكانياتهم ووضعهم المالي، مع مراعاة توفير تسهيلات بنكية لمن يرغب.
  • إلغاء العمل تماما بقانون الإيجار القديم، وتطبيق ذلك على الجميع.. سواء سكانًا عاديين أو اعتباريين.