رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«العربى للنشر» تطرح «الأرمن على ضفاف النيل» للباحث عزت ماجد إسرائيل

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدر حديثا عن دار العربية للنشر والتوزيع، كتاب "الأرمن علي ضفاف النيل"، من تأليف الباحث دكتور ماجد عزت إسرائيل، والمقرر أن يشارك به في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وعن كتابه "الأرمن علي ضفاف النيل"، قال الباحث ماجد عزت إسرائيل ل"الدستور": يقع الكتاب في خمسة فصول، استعرض خلاله وجود الأرمن على ضفاف نيل مصر، من حيث النيل والحياة في مصر، وجذور الجالية الأرمينية في مصر، والهجرات والمذابح الأرمينية.

وأردف "إسرائيل": بالإضافة إلى الحياة السياسية للأرمن على ضفاف نيل مصر، فيلقي الضوء على تسلق الأرمن للوصول للسلطة السياسية، وخاصة زمن بدر الدين الجمالي، وفترة الحكم العثماني لمصر، وأيام محمد علي باشا، وأيضًا ما بين الحربين العالميتين وحتى يومنا هذا.

وبعدها يتناول الكتاب دور الأرمن في إنعاش السوق المصرية، وأيضًا الزراعة والرعي والمهن والحرف والصناعات، وكذلك التجارة وحياة التجار الأرمن اليومية داخل الأسواق المصرية، ومهنة الصيارفة والعاملين بها من الجالية الأرمينية في مصر، وأيضًا مشروعات الأرمن الاقتصادية. ومن بعدها يعرض الكتاب حياة الأرمن قبل مرسوم ميلانو، أي قبل عام 313 م، وطبيعة الإيمان عند الأرمن، والكنيسة الأرمينية على ضفاف نيل مصر، والرهبنة الأرمينية في مصر، والأديرة الأرمينية في مصر، ودير الأرمن بوادي النطرون، والأرمن وفن الأيقونات القبطية. 

وفي النهاية يتناول الكتاب الحياة الثقافية ونوابغ الأرمن على ضفاف نيل مصر فيما يتعلق بالتعليم من حيث المدارس والمكتبات والفنون والطباعة، والمؤسسات الخيرية والجمعيات الثقافية الأرمينية على ضفاف نيل مصر، ومشاهير ونوابغ الأرمن.

ــ الأرمن جزء لا يتجزأ من مصر وشعبها
وفي مقدمة الكتاب التي كتبها الأسقف أشود مناتسكنيان، مطران طائفة الأرمن الأرثوذكس في مصر يقول:
إن مصر من أهم مراكز الحضارة في العالم. بلد الفراعنة الرائع الذي بعجائبه وآثاره التاريخية والثقافية استقبل وجذب العديد من الزوار، والذي كان من بينهم أيضا الأرمن.

وخلال القرون الماضية، وليس فقط بكامل إرادتهم، بل وأيضا بسبب الظروف التاريخية والحياتية الصعبة، أخذ العديد من الأرمن من مصر ملجأ لهم، متمتعين بطيبة ودفء معاملة الشعب المصري الكريم. ووجدوا فيها حياة آمنة وفي ظروف ملائمة عاشوا فيها جيل بعد جيل حتى يومنا هذا.

وفي وسط هذه الظروف الإستثنائية، وبالرغم من الحفاظ على حياتهم وقيمهم الوطنية، أصبح الأرمن جزءًا لا يتجزأ من هذا البلد وهذا الشعب. وأيضا على الصعيد الشخصي، لقد شارك الكثير منهم بالتمثيل الوظيفي داخل العديد من المجالات المختلفة وساهموا في إدارتها وتطورها ونموها. وبفضل إمكاناتهم الفريدة وولائّهم وإنتمائهم لمصر شغل الكثير منهم مناصب ووظائف هامة.

وعن كل هذا كتب الدكتور ماجد عزت إسرائيل في فصول منفصلة في كتابه "الأرمن على ضفاف النيل" والذي يكمل به سلسلة كتبه التي أهداها للأرمن. هذا الكتاب هو عمل وإنجاز ملموس، يلقي الضوء على تواجد الأرمن في مصر، ذاكرًا دورهم الحيوي والهام في مجال الاقتصاد المصري والفنون والتجارة والهندسة، مبينًا مدى إجتهادهم وإخلاصهم ودورهم في تقدم ونمو مصر.

من المثير أيضًا ذكره لدور الأرمن في مجال الثقافة، وفيه تعرض بتفاصيل دقيقة عن الحياة التعليمية، المدارس الأرمنية، الحرف والفنون، التصوير، الفرق المسرحية، المغنيون، الموسيقيون، الفنانون والمطابع. من اللافت للنظر أيضًا أن المؤلف قد ألقى الضوء على الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية. فهو يعطي الفرصة للقراء للاطلاع على معلومات عن الكنيسة الأرمنية وعن أهم أحداثها التاريخية، بالإضافة إلى العلاقات الوطيدة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الشقيقة والتي تمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخها، وهي ظاهرة لم يتطرق اليها إلا القليلون.

ونحن واثقون من أن القارئ ليس فقط سيحصل على معلومات عن الشخصيات البارزة والأحداث التاريخية خلال تواجد الأرمن في مصر في العصور الماضية، بل وسيحصل أيضًا على ذلك الدليل الهام أن الأرمن وبمعيشتهم على ضفاف النيل قد أعربوا عن شكرهم وإمتنانهم لهذا البلد ولشعبه عن طريق إخلاصهم وإجتهادهم وتضحياتهم في سبيل تطوير وتقدم وتقوية الوطن مصر.
وبالرغم من الحفاظ على الهوية الوطنية والإيمان الوطني، كان الأرمن ومازالوا جزءًا لا يتجزأ من مصر ومن شعبها الأصيل.

ــ مصر فتحت أبوابها لكل الأرمن المهاجرون والنازحون واللاجئون والفارون
أما في مقدمة الكتاب الثانية لمؤلفه ماجد عزت إسرائيل فيشير إلي أن: منذ تولي محمد علي باشا ولاية مصر عام 1805، شهدت البلاد تغيرًا في النظم السياسية والإدارية والاقتصادية، وبناء الدولة الحديثة على أسس علمية خلاف ما كان متبعًا في العصور السابقة، ولذلك كان الباشا في أشد الحاجة إلى الموارد البشرية المدربة ذات الخبرات في شتى الحرف والمهن التجارية، وكان يفضل من يجمع ما بين ثقافة أهل الشرق والغرب الاقتصادية لتسهيل المعاملات التجارية، وهذا ما كان ينطبق على الأرمن، ولذلك فتحت مصر أبوابها لكل الأرمن المهاجرون والنازحون واللاجئون والفارون من نير الأعداء والاضطهاد الديني الذي تعرضوا له على يد العثمانيين، وبين عشية وضحاها أصبح الأرمن من أهم الجاليات غير الإسلامية تقلدًا للمناصب السيادية بالدولة، فاحتلت عائلة بوغوص مكانًا بارزًا في الإدارة والسياسة المصرية طوال القرن التاسع عشر الميلادي، فكانت نظارة (وزارة) الخارجية احتكارًا أرمينيًا.

والحقيقة التاريخية التي يجب أن نسجلها هنا أن الأرمن استمروا في هجرتهم ونزوحهم إلى مصر خلال فترة ما بين الحربين العالميتين (1914 - 1945)، نتيجة استمرار سياسية الإبادة التي انتهجتها سلطات الدولة العثمانيه ضدهم، حتى لا يطالبون بأية امتيازات سياسية، لأنهم كانوا العقبة في تنفيذ المشروع الطورانى، وهذه الاضطهادات والمذابح هي التي أودت بحياة الآلاف من الأرمن في الشتات، ومن الجدير بالذكر أن الأرمن النازحين لمصر تميزوا بنقائهم ومواهبهم المتعددة في شتى المجالات، ولا ننكر أنهم قد إضافوا لمصر الكثير، لأنهم عاشوا بها آمنين وسالمين، ولذلك أحبوها من كل قلوبهم، وربما اِعتَقَدَ أن كل أرمني كان يعتبر مصر وطنه الثاني.

وأخيرًا، أعلنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا وألمانيا وفرنسا والنمسا وأستراليا والبرلمان الأوروبي، والبابا فرنسيس بابا روما، رسميا اعترافهم بالإبادة الجماعية للأرمن، وقد شارك العالم في اِحتفال عام 2015 بمرور مائة عام؛ على المذابح الأرمينية التي حدثت في تركيا في أبريل 1915، وتوج الأرمن فرحتهم باعتراف كثير من دول العالم بقضيتهم، بينما رفضت تركيا دعوة الإتحاد الأوروبى، للاعتراف بتلك الجرائم على أنها "إبادة جماعية".