رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكايات من دفتر «المعيلات».. مصريات قهرن الفقر بـ«عرق الجبين»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بالتزامن مع دخولنا في عام جديد 2022 بما يحمله من تمكين للمرأة المصرية وحرصاً على جعل التعليم في متناول أيدي جميع المصريات، هناك بعض السيدات لم يكن لهن حظوة في الحصول على قدر كاف من التعليم لأسباب خارجة عن إرادتهن، مثل الظروف المادية للأسرة أو لأسباب ترجع لهن مثل التكاسل وقت الدراسة؛ ولكن تمضي الأيام ليجد هؤلاء النسوة أنفسهن بين مطرقة عدم الحصول على وظيفة وسندان إعالة الأسري.

عمل المرأة بدون أجر.. عُنف مستتر ضد النساء في مصر — مصر 360

فاطمة: لم تتعلم لظروف الأسرة المادية ولكنها لم تستسلم 

 فاطمة جمعة، إحدى هؤلاء النسوة التي ولدت عام 1989، آخر طفلة في الأسرة المكونة من أب وأم و9 أبناء، وعندما جاء موعد دخولها للصف الأول الابتدائي وقع الأب الصعيدي في حيرة من أمره بسبب ضائقة اليد التي لن تسمح له بالإنفاق على تعليم جميع بناته.

تحكي فاطمة لـ"الدستور"، أن والدها قال وقتها "حرام اقعد واحد فيهم من التعليم بعد ما وصل للإعدادية أو قرب ياخد الدبلوم لكن الصغيرة لسه مقطعتش سكة في مشوار التعليم وربنا يجعل حظها في حاجة تاني غير تعليم"، هكذا تم اتخاذ قرار عدم إلحاقها بالمدرسة نتيجة للظروف المادية.

قانون العمل الجديد يضمن حقوق المرأة العاملة..تعرفي على حقوقك

 تزوجت السيدة بعد ذلك القرار بنحو 13 عاما من سائق سيارة شحن كبيرة، ضحكت لها الحياة معه في سنوات زواجهما التسع، ولم تعاني من أزمة مالية إلا بعد وفاته متأثرا بمرض السرطان تاركا لها 3 أطفال بقرية في قنا، مع عادات توصم الأرامل تحت ويلات العار إذا ما عملن في شئ يعده المجتمع غير لائق، لا سيما غير الحاصلات على شهادة جامعية منهن.

جربت فاطمة إعداد الطعام في الولائم في البداية مقابل أجر مادي ولم يرحمها المجتمع وأعطاها البعض منهم بعض النقود لتنفق على أطفالها، ناهيك عن ما وصفته أنها تحت رحمة أشخاص آخرين لم تكفيها تلك النقود هي وأبنائها لكي تقرر بعد ذلك السفر للقاهرة بتشجيع من إحدى أقاربها المقيمات هناك؛ والتحقت للعمل كطاهية في إحدى المطاعم الفاخرة بعد حصولها على شهادة محو الأمية؛ وتعلمت أساسيات القراءة والكتابة؛ ولم تلبث لالتزامها ومهارتها أن تتعين كمشرفة.

وأعربت أنها تطمح أن يكون لها عملها الخاص في المستقبل ناصحة كافة النساء الأرامل أن لا يرضخن للضعف واليأس الذي يشعرن به؛ نتيجة لوفاة الزوج أو العسر المادي.

توفي زوج ياسمين تاركا لها مسئولية أبنائها 

ياسمين، إحدى الفتيات الصعيديات اللواتي عشن ظروف الكفاح، فقد تسربت من التعليم قبل حصولها على الشهادة الابتدائية  وتزوجت بناء على رغبتها في سن الثامنة عشر من عامل بناء أصيب في أثناء عمله وأصبح  قعيد الفراش، وحملت على عاتقها منذ ذلك الوقت مسئولية الإنفاق على نفسها وعلى زوجها وعلى أبنائها الإثنين.

فلاحات مصر: استغلال يستوجِبُ النضالَ لوقفه - North African Network for Food  Sovereignty

عملت ياسمين في البداية كعاملة نظافة، لكن الأمر لم يدر عليها سوى التعب والإرهاق مقابل الفتات من المال، وتروي معاناتها مع ترك أطفالها في حضانة تستنزف نصف راتبها ثم ذهابها لإحضارهم معها بشق الأنفس وبمنتهى السرعة لكي تستكمل باقي عملها الخاص بالتنظيف وتنهي ميعادها؛ وللخروج من هذه المأساة قررت تعلم  الخياطة عن طريق إحدى الجمعيات التابعة لوزارة التضامن الإجتماعي؛ ووفرت لها الجمعية مكان في البداية تعمل به في الخياطة وتتقاضى فيه مالا قبل أن تدخر بعض النقود وتشتري ماكينة الخياطة الخاصة بها.

رفضت السيدة أن تكون عبئا على أخوتها  الذكور؛ وكل اهتمامها ينصب الآن في تعليم أولادها.

التعليم المفتوح «لم يشفع» لـ ندى 

من الصعيد للقاهرة، قصة أخرى بطلتها ندى محمد، بدأت تروي قصتها لـ"الدستور" مستنكرة أن حصولها على المؤهل الخاص بالتعليم المفتوح من كلية الحقوق غير مجدي ولم يفدها في الحياة العملية الخاصة بها، شاعرة أنها لا تستطيع قضاء بقية حياتها في القدوم والذهاب إلى المحكمة كموكلة محامي ولا يحق لها حق الترافع في المحكمة لأنها ليست خريجة جامعة حكومية، ناهيك عن الوضع المهني غير المرضي لها، إذ لم تكن تحصل على ما يكفي من المال لتربية أبنائها خاصة مع كونها مطلقة مسئولة عن أطفال.

المرأة ثلث الرجل في الاقتصاد - Al-Monitor: The Pulse of the Middle East

هربت ندى من عدم التقدير إلى استغلال مهارتها وهي حب ممارسة الرياضة، لكي تعمل في ناد  يدرب الأطفال الصغار بدنيا؛ واصفة أن الأمر لم يكن بهذه السهولة، حيث تعلمت الكثير من التقنيات الرياضية وبرامج تغذية الأطفال في البداية ورفضت أن ترضخ للفقر.

واستنكرت ندى قوانين الحضانة والنفقة التي لا تجبر الأب على صرف مبلغ النفقة اللازم لأبنائه.

المرأة المعيلة في مصر... أعداد متزايدة ومناخ معاكس | النهار

مبادرات لمساعدة المرأة المعيلة في مصر 

وفقا لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2019، فإن نحو 3.3 مليون أسرة في مصر تعيلها امرأة، وتبلغ نسبة  87.9 % من السيدات المعيلات أرامل و 58.3% أميات، ولرفع العبء عن كاهل هؤلاء النساء، حملت مبادرة حياة كريمة القائمة بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي على اكتافها المساهمة فى قروض ميسرة بقيمة 1.4 مليار جنيه لإعانة نحو 220 ألف ربة منزل ما بين أرامل ومطلقات في العام الحالي 2021 عن طريق إنشاء مشروعات صغيرة لهن.

 

للمرأة العاملة.. 14 خطوة لاستقبال رمضان | مصر العربية

برلمانية: المرأة المعيلة تجيد تربية الأبناء 

وفي هذا الصدد، تقول عضو البرلمان والكاتبة ضحى عاصي، إن عدد النساء العاملات أخذ في الزيادة منذ الأعوام السابقة، وبشكل عام فإن عددهن في مصر ليس بقليل. 

وأوضحت عاصي أن هناك اعتقاد سائد من قبل بعض الأشخاص أن النساء العاملات لا يمكنهن التوفيق بين العمل وتربية الأبناء، لكنه اعتقاد خاطئ، بل علي العكس فالمرأة العاملة تحرص على بلوغ أبنائها مرتبة عليا من التعليم والتثقيف.