رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف رسخت مصر لغة الحوار على الملف الليبي؟.. باحثة بالمركز المصرى تجيب

الباحثة نرمين سعيد
الباحثة نرمين سعيد كامل

أكدت الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية نرمين سعيد كامل، أن الدبلوماسية المصرية بمدرستها التقليدية التي تغلب التفاهمات ولغة الحوار، وتتجنب الصدام استطاعت أن تقوم بدور محوري في الملف الليبي على مدى سنوات أعلت فيها القاهرة من شأن الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها.

وأضافت كامل في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن مصر كانت من الدول التي أعادت فتح سفارتها في طرابلس خلال فبراير من العام الجارى، كما استطاعت القاهرة على مدى سنوات من النزاع الليبي أن تنأى بنفسها عن أي تورط في صراعات داخلية أو دولية فيما يخص الحالة الليبية.

رسم خط أحمر

وتابعت كامل "في نفس الإطار تمكنت القيادة السياسية في مصر من الإمساك بالعصا من منتصفها فهي وإن كانت تبتعد عن التورط في الصراعات إلا أنها وضعت نصب أعينها الاستعداد لأي لحظة حاسمة تصبح فيها الصراعات الإقليمية والدولية على حدودها مع ليبيا مهددة لأمنها القومي وهو ما انتهي إلى رسم خط أحمر في العمق الليبي سرت والجفرة لحماية الأمن القومي المصري".

وأوضحت كامل أنه منذ عام 2013 وإعادة انخراط مصر في محيطها الإقليمي نظرت القيادة السياسية للوضع في ليبيا باعتباره لن يحل إلا بالطريق السياسي ومنذ ذلك التوقيت قامت بتحركات مكوكية وكانت حاضرا رئيسيا في كل المؤتمرات الدولية التي عقدت لحل الأزمة الليبية بدءا من مؤتمر برلين وحتى المؤتمر الذي عقد في باريس بالأمس وكذا المشاركة الفعالة في جلسات مجلس الأمن التي اختصت بمناقشة الوضع في ليبيا.

مشاركة مصر بالمحافل الدولية

وأكدت كامل أن مشاركة مصر في المحافل الدولية كانت تمثل موقفا ثابتا لا يتعدل ولا يتبدل، مؤكدة أنه ما من مصلحة لأحد في أن تتحول ليبيا إلى بلد تتخطفه الأزمات وتمزقه الصراعات، أو أن تصبح مصدرا للتهديدات الإرهابية، كما كانت القاهرة نابهة متنبهة لمحاولات أطراف بعينها للسيطرة على الموارد الليبية، وفي هذا السياق رفضت مصر مذكرة التفاهم الموقعة في إسطنبول بين فايز السراج والحكومة التركية حول التعاون الأمني والعسكري، انطلاقا من عدم قانونيتها، وعدم التصديق عليها من قبل مجلس النواب الليبي، ولأنها لا تمثل سوى غزو تركي مقنع، ولذلك أصرت القاهرة في مبادرتها لحل الأزمة الليبية على خروج كافة الميليشيات والمرتزقة والذي كان جزءًا من إعلان القاهرة .

وتابعت كامل "إذ أنه وفي السادس من يونيو 2020 أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي برفقة رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر المبادرة التي تدعو إلى احترام كافة الجهود والمبادرات من خلال وقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة السادسة صباح 8 يونيو 2020، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية".

مبادرة القاهرة

ولفتت كامل إلى أن المبادرة لاقت قبولا ودعما محليا ودوليا مهد الطريق إلى التفاوض المباشر بين الليبيين في المسارات الثلاثة السياسية والأمنية العسكرية والاقتصادية وصولا إلى تشكيل سلطة تنفيذية موحدة -المجلس الرئاسي والحكومة- لتقود البلاد إلى حين إجراء الانتخابات العامة المتوقعة في ديسمبر من هذا العام.

ويمكننا القول أن الجهود المصرية المستمرة توجتها نتائج اجتماع الأطراف الليبية في مدينة الغردقة في إطار المسار الدستوري تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والذي انبثق عنه وضع خارطة الطريق لكل من الاستفتاء والانتخابات.

ووأضافت كامل أنه بجانب حضور المؤتمرات الدولية التي اختصت بالشأن الليبي، فإنه على مدار سنوات استقبلت القاهرة كل الفصائل الليبية، ووقفت على مسافة واحدة من الجميع وفتحت معهم قنوات للحوار.

وقالت كامل من هنا يأتي التفرد والفاعلية الذي يتسم به الدور المصري في ليبيا وهو قدرة القاهرة على إدارة حوار من الجميع مدفوعة بميزة نسبية أساسية تمتلكها مصر وهي أنها ليست لديها أية أطماع في ليبيا.

تقريب وجهات النظر

وعلى هذا الصعيد جاء تكليف لجنة وزارية مصرية تعني بالملف الليبي، وتشكلت اللجنة المصرية المعنية بليبيا بقرار من الرئيس السيسي في أغسطس من عام 2016، وأسند رئاستها إلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية حينها، الفريق محمود حجازي، الذي كان مسؤولاً عن التعاون مع الجيش الليبي بقيادة حفتر لسنوات، وعقدت اللجنة جملة من الاجتماعات واللقاءات مع مختلف الأطراف الليبية، وكان نشاطها منصبا في اتجاه تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المختلفة، وتقريب وجهات النظر للتوصل إلى حل يساهم في الخروج من الأزمة الليبية.

واختتمت كامل تصريحاتها قائلة: "يمكننا تلخيص الأمر في أن ما قامت به القاهرة قد ساهم في تخفيف الاحتقان السياسي وكان ركيزة أساسية لوقف نزيف الدم الليبي والاتجاه للمسار السياسى، كما أن الدبلوماسية المصرية نجحت على الصعيدين العسكري والسياسي ورسمت خط سرت الجفرة ومن ثم صنعت مقاربة مع حكومة الوحدة الوطنية وفتحت سفارتها في طرابلس ولا تزال مصر تعمل جادة من أجل إنجاح الانتخابات وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية حفاظا على الأمن القومي الليبي والمصري والعربي.