رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مشروع «مدن آمنة للفتيات».. ما بين حماية المرأة وضرورة تطبيق القوانين

مدن آمنة للفتيات
مدن آمنة للفتيات

مع تصاعد جرائم العنف ضد المرأة، كان لابد من الاهتمام بكيفية التصدي لمثل هذا العنف الذي يقع همه الأكبر على النساء، فكان لابد من تنفيذ خططًا ومشروعات فعّالة، لحماية المرأة من جميع أشكال العنف التي تتعرض لها من ختان، تحرش، عنف أسري، وغيرها، حتى جاءت فكرة مشروع "مدن آمنة للفتيات" لتكون منفذًا جديدًا لجميع الفتيات لمواجهة العنف الذي يتعرضن له، وتمكينهن أيضًا من التحرك بأمان وحرية في الشارع، حتى يستطعن مباشرة حقوقهن في الحياة بأمان.

ما هو مشروع مدن آمنة؟

هو مشروع عالمي، تنفذه الدولة المصرية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، ويسعى المشروع الذي يستهدف الفتيات والسيدات المصريات، إلى القضاء على العنف ضد المرأة بكافة أشكاله وأنواعه، وتمكين المرأة من التحرك بشكل آمن فى الشارع وحماية حقوقها، وقد تم تنفيذ المشروع في عدة أماكن مثل محافظة دمياط وإمبابة وعزبة الهجانة ومنشأة ناصر.

الكثير من النساء لا يعلمن بالمشروع 

وتعلق داليا فكري، رئيس لجنة المرأة بحزب المحافظين، على أهمية وجود مدن آمنة للفتيات، قائلة إن المشروع يحمل بنودًا وأهدافًا رائعة، لو تم تحقيقها فعلا ولكن حتى توجد مشكلة في توصيل المعلومات المتاحة عنه للفئات المحتاجة إلى الدعم، فتأتي إلينا النساء المعنفات في الحزب، بهدف تقديم دعم نفسي وقانوني إليهن، دون علمهن بمشروع مدن آمنة للفتيات الذي يقدم مثل هذا الدعم.

متى بدأ تنفيذ المشروع في مصر؟

ووفقًا للمجلس القومي للمرأة، فقد بدأ تنفيذ هذا المشروع بمصر منذ العام 2011 بالتعاون مع عدد من الشركاء المعنيين من مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، مثل منظمة بلان انترناشيونال إيجيبت، وقد تضمن التنفيذ عدة مراحل، منها "المرحلة الأولى" والتي هدفت إلى التركيز على تطوير المبادرات المحلية التي من شأنها القضاء على العنف ضد النساء والفتيات ودعم مشاركتهم السياسية والاقتصادية في ثلاثة من الأحياء الأكثر حرماناً بمحافظتي القاهرة والجيزة "عزبة الهجانة ومنشية ناصر وإمبابة"، وذلك من خلال تنفيذ مجموعة من الفعاليات التوعية وتطوير البنية التحتية في الأماكن العامة بما يوفر بيئة آمنة وصديقة للمرأة ويعزز من تمكينها اقتصادياً، أما المرحلة الثانية بدأت خلال العام 2019 بالتوجه لمناطق أخرى بمحافظتي الإسكندرية ودمياط.

أين تم تحقيق مشروع المدن الآمنة؟

ووفقًا للمجلس القومي للمرأة، فإن مشروع مدن آمنة استطاع بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة،  تقديم المساعدة والدعم النفسي للسيدات، وتشكيل شبكة مكونة من أكثر من 200 متطوع من الشباب من أجل توعية مجتمعاتهم بضرورة مناهضة العنف ضد المرأة، وإقامة فعاليات توعية كندوات وورش عمل ومعسكرات توعوية بهذه المناطق، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية أيضًا ببعض الأماكن بعزبة الهجانة وإمبابة لجعلها صديقة للفتيات والنساء، وأيضًا تطوير 8 مراكز إيواء للسيدات ضحايا العنف، وأيضًا افتتحت الدكتورة مايا مرسي، رئيس المجلس القومي للمرأة، والدكتورة منال عوض محافظ دمياط، في يونيو الماضي، المدينة الصديقة للنساء، المُنفذة بمحيط مكتبة مصر العامة بمدينة عزبة البرج.

كاتبة: فلسفة المدن الآمنة ضرورية لمساعدة النساء وتمكينهن اقتصاديًا

وتتحدث للدستور، الكاتبة والإذاعية رباب كمال، حول فكرة المشروع، قائلة: "مدن آمنة برنامج أممي، سبق تنفيذه في البلدان أو المجتمعات التي تعاني فيها النساء من العنف،  والعنف ضد النساء له أشكال مختلفة،  لهذا تم تطبيق هذا البرنامج في مانيلا و نيودلهي".

وتضيف رباب كمال، أن الفكرة  "تحمل ملامح إيجابية كثيرة، فالعنف ضد النساء في المناطق الفقيرة والمهمشة، يكون لها وقع سيء على جوانب مختلفة منها، عزوف الفتيات عن التعليم، العمل، أو ممارسة نشاطات إنسانية مثل الرياضة أو أي نشاط يتطلب تجاوب مجتمعي، كما أن فلسفة المدن الآمنة كتجربة أممية ضرورية تساعد النساء على التمكين الاقتصادي في الأماكن المهمشة".

إذن.. ما هي أشكال العنف ضد المرأة؟

العنف الجنسي: وهو يعني أي علاقة جنسية، أو محاولة للحصول على علاقة جنسية، أو أيّة تعليقات أو تمهيدات جنسية، أو أيّة أعمال ترمي إلى الاتجار بجنس الشخص أو أعمال موجّهة ضدّ جنسه باستخدام الإكراه يقترفها شخص آخر مهما كانت العلاقة القائمة بينهما، ويشمل العنف الجنسي "الاغتصاب"، والختان.

العنف النفسي: وهو لا يعني فقط البدني الضرب المبرح، ولكن أيضًا الصفع والزج وغيره، مما قد يراه بعضهم لا يرتقي إلى درجة العنف الصريح، وفقًا لما أقرته منظمة الأمم المتحدة.

العنف القانوني: ويمثل التمييز ضد النساء على أساس النوع الاجتماعي، في الدساتير أو القوانين الوطنية، مما يخلف أذية للنساء، وعدم عدالة هذه القوانين ومساواتها للجنسين، ويظهر هذا التمييز بأشكاله في قوانين العقوبات، والأحوال الشخصية، خاصة في بعض المناطق العربية.

العنف الاقتصادي:  ينتج هذا العنف من حرمان الدراسة أو منع النساء من تلقي تدريب أو حتى العمل لاحقًا، تحت حجج الأعراف والمرجعيات الدينية، حيث تعاني النساء العاملات من التمييز ضدهن في أماكن العمل سواءً من حيث فرق الأجور أو الترقي على السلم الوظيفي بين الجنسين.

العنف لا يوجد في الشارع فقط

وشددت الكاتبة الحقوقية رباب كمال، على أهمية "أن يكون هناك أماكن مرخصة للفتيات تلجأ إليه الفتاة، للعناية النفسية والذهنية والعلاج الجسدي، وإلا كنا نتحدث عن المدينة الآمنة بقصد الانعزال والانزواء عن المجتمع، والقضية أن يكون لدينا قانون يقف أمام المتحرش أو المغتصب أو ضد التشهير ضد الفتيات، مع وجود بيئة عمل آمنة" مؤكدة: أن "العنف ليس هو الموجود في الشارع فقط، ولكن أحيانا يكون موجودًا داخل مؤسسات، وداخل المصانع والأشغال المهمشة".

مطالب بإتاحة المشروع على مستوى الجمهورية 

وتطالب داليا فكري، رئيسة لجنة المرأة بحزب "المحافظين" بضرورة توفير البيوت الآمنة التي تحتضن النساء المعنفات علي مستوى الجمهورية، لأنها قليلة جدا بالنسبة لعدد النساء المعنفات بالفعل، كما تؤكد على أهمية إتاحة المعلومات من قبل المجلس القومي للمرأة، حتى يستطيع  النساء الوصل لمثل هذه الأماكنK مشيرة إلى أن خط نجدة الطفل يتفاعل فقط مع القضايا التي تثار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك قضايا العنف ضد المرأة.

ومن أهداف مشروع البيوت الآمنة أيضًا المساهمة والمساعدة في تمكين المرأة اقتصاديا من خلال توفير تدريب وورش تعلمهن حرف، فتشير داليا فكرى إلى، أن هذا رائع ولكنه يحتاج إلى أن يتم تنفذه في جميع محافظات مصر وليس الاكتفاء فقط بعدد معين من المحافظات، مؤكدة : "والأهم هو الإعلان عنه جيدا عن طريق كل وسائل الإعلام المختلفة المسموعة والمقروءة والمرئية وبمعلومات مستفيضة لكي يصل لمستحقيه فعلا".

قانون رادع يحمي أي مشروع

ولفتت داليا فكري إلى أن تطبيق القانون هام جدا، لحماية أي مشروع يهدف لتغيير المجتمع، مشيرة إلى أنه "مازال عندنا مشكلة في تنفيذ القانون وثغراته التي يتم الالتفاف عليها وتتسبب في ضياع الحقوق وهناك بعض القوانين ما زالت في الأدراج لم يتم البت فيها والعمل بها لرفع وتحسين مستوى المعيشة مثل قانون الأحوال الشخصية الذي له دور كبير في تغيير المجتمع والأسرة وفي احتضان فكرة المدن الآمنة فعلا".

وتضيف: كما أن تفعيل القوانين ضروري، لتمكين المرأة ورفع الأعباء الأسرية عنها والأعباء القانونية في إثبات حقوقها بالقانون وتوفير الدعم اللازم لها.

الشعور بالأمان احتياج إنساني “يخفف من القلق والاكتئاب”

ويتحدث الدكتور علي عبد الراضي، استشاري العلاج والتأهيل النفسي، حول أهمية الشعور بالأمان، فهو احتياج إنساني ضروري لكي يقوم الإنسان بدوره في تنمية وعمارة الأرض، مشيرا إلى أنه مؤخرا، في الفترة الأخير، نجد  الكثير من الفتيات تفتقد لمفهوم الأمان ويحل محلها حالة من القلق، وهي أيضا التي تصيب عدد كبير من أفراد المجتمع، خاصة الأهل، خوفا على أبناءهم، عند التواجد خارج المنزل.

ويضيف دكتور علي عبد الراضي، أنه في الحقيقة تأتي الأخبار التي نسمعها وما نشهده كل فترة، لتزيد من ذلك الخوف والقلق علي أبنائنا وبناتنا، حتى الفتيات أنفسهم، يشعرن بـ قلق وخوف دائم، وخطر محتمل أن يأتي من خلال تعرضها لأي مضايقة بالشارع، وكثير من الفتيات لا تخبرن ولا تفصحن عن هذه المضايقات، وقد يصل الأمر إلى حد العقد والمشاكل النفسية.

 ويشيد الاستشاري النفسي، بمشروع مد آمنة للفتيات،  حيث أنه يسعد ذلك في أن تتحرك النساء بسلام وشكل آمن حتى تركز في النجاح لها ولأسرتها وكذلك يخفف من حدة الخوف والرهاب من الآخر، والذي قد يصل إلي عدم الرغبة في الزواج، وكذلك أن تتجنب الفتاه أن تلقي مصيرها من الخوف المكرر، مؤكدًا: النفسية تحتاج لشعور بالآمان والاطمئنان والانتماء والتعاطف والتواجد الحقيقي من قبل الدولة، ومشروع  مدن آمنة للفتيات، يوفر ذلك  للحد من القلق والتوتر والرهاب والمخاوف والإحباط والاكتئاب.