رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحياة على كوكب تانى!

 

علماء فلك بريطانيون رجحوا أن تظهر علامات على وجود حياة خارج مجموعتنا الشمسية، فى غضون عامين أو ثلاثة، بعد أن أعادوا النظر فى طبيعة الكواكب، التى يمكن أن تكون مأهولة. غير أن ذلك لا يعنى أن الأمر بات وشيكًا لتحقيق الأمنية، أو الأغنية، التى كتبها مدحت الجمال، ولحنها سامى الحفناوى، وحصل عنها مدحت صالح، سنة ١٩٨٨، على الأسطوانة البلاتينية.

الدراسات السابقة كانت تركز فقط على الكواكب التى تضاهى الأرض، من حيث الحجم والكتلة ودرجة الحرارة وتركيبة الغلاف الجوى، بينما كشفت دراسة حديثة أعدها علماء فلك من جامعة كامبردج البريطانية، عن فئة جديدة يزيد حجمها عن الكوكب، الذى نعيش فيه، يمكن أن تكون قابلة للحياة، عبارة عن كواكب ساخنة ومغطاة بالمحيطات مع غلاف جوى غنى بالهيدروجين، مثل كوكب «نبتون الصغير» المعروف علميًا باسم «K2- 18b»، وأوضح نيكو مادوسودان، أحد المشاركين فى تلك الدراسة، أن التركيز على هذه الكواكب قد يؤدى، فى غضون عامين أو ثلاثة، إلى اكتشاف علامة على وجود الحياة فى واحد منها، قائلا إن تلسكوب «جيمس ويب»، المرتقب إطلاقه فى نوفمبر المقبل، سيساعد على إجراء المزيد من البحث.

تلسكوب «جيمس ويب»، بحسب تقرير نشرته مجلة «فوربس»، منتصف يونيو الماضى، سيمكّن العلماء من دراسة الغلاف الجوى للكواكب الأخرى، وسيكشف الضوء القادم من الغلاف الجوى عن الغازات التى تحتويها. أما عن كوكب «نبتون الصغير»، أو «K2- 18b»، فقالت دراسة سابقة، نشرتها مجلة «نيتشر أسترونومى»، Nature Astronomy، فى سبتمبر ٢٠١٩، أن نسبة المياه فى غلافه الجوى تصل إلى ٥٠٪، غير أن الدراسة نفسها أوضحت أنه يبعد عن الأرض بحوالى ١١١ سنة ضوئية!.

السنة الضوئية هى المسافة التى يقطعها الضوء فى سنة واحدة، بسرعة ٣٠٠ ألف كيلومتر فى الثانية، أو ١٨ مليون كيلومتر فى الدقيقة، أو ٩.٤٦١ تريليون كيلومتر فى السنة. وبالتالى، تحتاج حتى تصل إلى هذا الكوكب إلى ٣.٧ مليون سنة على الأقل، لو كنت تركب الصاروخ الروسى الجديد «أفانجارد»، الذى يُقال إن سرعته تزيد على ٩ كيلومترات فى الثانية!.

قبل أن يصيبك اليأس، نشير إلى أن الفريق العلمى، الذى يعمل فى مشروع النقاط الحمراء كان قد عثر على كواكب خارجية أخرى قريبة من الشمس، واكتشف فى يونيو ٢٠٢٠، كوكبين شبيهين بالأرض، يدوران حول النجم «جليز ٨٨٧»، الذى يبعد ١١ سنة ضوئية فقط عن الأرض. الأول يدور حول النجم كل ٩.٣ أيام، بينما يستغرق الكوكب الثانى ٢١.٨ يوم. وقال ميلفين ديفيز، أستاذ علم الفلك والفيزياء النظرية بجامعة لوند فى السويد: «إذا كان لشخص ما أن يعيش فى كوكب حول قزم أحمر، فمن الأفضل أن يختار نجمًا أكثر هدوء مثل جليز ٨٨٧».

هذه الكواكب تسمى بـ«الأرض الفائقة»، لأن حجمها أكبر من الأرض، لكنها أصغر من الكواكب الأخرى مثل أورانوس ونبتون. ومع أن النجم «جليز ٨٨٧» أكثر برودة من الشمس، إلا أن الكوكبين قريبان إلى النجم، ويتلقيان منه طاقة تتراوح ما بين ٢.٥ و٨ مرات أكثر مما تتلقاه الأرض من الشمس، وبالتالى لا يستطيعان لاحتفاظ بالماء بشكله السائل!.

هناك أيضًا بحث نشرته مجلة «الجمعية الفلكية الملكية»، أشار إلى أن ٤٤٢٢ كوكبًا، تم اكتشافها، إلى الآن، خارج المجموعة الشمسية، بعضها صالح للسكن، بناء على تقييم ظاهرة «التمثيل الضوئى»: استخدام النباتات للضوء والماء وثانى أكسيد الكربون لإنتاج الأكسجين. وأوضح البحث أن النجوم الأكثر سخونة وإشراقًا من الشمس، يمكنها نظريًا توفير المزيد من ظروف «التمثيل الضوئى»، بشرط أن تتواجد لفترة كافية، عمليًا، لتطوير الحياة المعقدة.

الأكثر من ذلك، هو أن ورقة بحثية نشرتها مجلة «الفيزياء الفلكية»، The Astrophysical Journal، فى يونيو ٢٠٢٠، افترضت أن الحياة على الكواكب الأخرى تتطور بطريقة مماثلة لتطورها على كوكب الأرض، ورجّحت أن تكون هناك عشرات الحضارات النشطة، لكنها أكدت أن التفاعل والتواصل معها سيكون صعبًا، لأن متوسط المسافة بين الأرض وأى حضارة منها تبلغ نحو ١٧ ألف سنة ضوئية. ومع ذلك، أشار كريستوفر كونسيليس، الأستاذ فى جامعة نوتنجهام البريطانية، إلى أن البحث عن أى حياة ذكية فى كواكب أخرى، حتى لو لم نجدها، قد يكشف شيئًا عن مستقبل ومصير الحياة البشرية على وجه الأرض!.

.. وأخيرًا، لو عدت إلى ألبوم «كوكب تانى»، ستجد بالإضافة إلى «باحلم على قدى» و«خاصمت الشوارع» و«آسف على الأحلام»، أغنية كتبها وائل هلال ولحنها فاروق الشرنوبى، تقول كلماتها: «ورسمت قلب بألف جناح وفضلت طاير بيه فى الكون.. ماعرفش ليه شدتنى رياح ورجعت تانى أعيش مسجون»!.