رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رفض مصافحة الملك.. الشيخ عبد المجيد سليم أفتى بتحريم إقامة الحفلات الراقصة واستقال بعدها

الشيخ عبدالمجيد سليم
الشيخ عبدالمجيد سليم

يعد الشيخ عبد المجيد سليم، من أكابر علماء الأزهر، ودرة من درر من تولى المشيخة، ومن مواليد عام 1882، مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة، تخرج من الأزهر عام 1908، حاملا العالمية من الدرجة الأولى.

وكان الشيخ عبد المجيد سليم له صلابة في الحق، ومما يذكر له من مواقفه المشرفة وفقا لما رصدته موسوعة “المواقف الخالدة لعلماء الأزهر” لمؤلفها الشيخ أحمد ربيع الأزهر، أن الشيخ وكان حينها مفتيًا للديار المصرية وصل إليه سؤال من إحدى المجلات عن مدى شرعية إقامة الحفلات الراقصة في قصور الكبار، وكان الملك فاروق يحضر الحفلات الراقصة في قصور كبار الفيوم، كما كان يتردد على الأوبرج بشارع الهرم، فيراقص بعض السيدات الأجنبيات.
وقد حمل رسالة المجلة إليه أحد أمناء الفتوى في دار الإفتاء، ولفت نظره إلى أن المجلة التي طلبت الفتوى من المجلات المعارضة للملك، وأن الملك قد أقام  حفلًا راقصًا في قصر عابدين، فالفتوى إن سياسية، وليس مقصودًا منها بيان الحكم الديني، وتريد المجلة بذلك الوقيعة بين الشيخ وبين الملك، إلى جانب ذلك التعريض بالتصرف الملكي وصولا إلى هدف سياسي فقال الشيخ وماذا في ذلك؟ إن المفتى إذا سُل فلا بد أن يجيب ما دام يعلم الحكم وأصدر الفتوى بحرمة هذه الحفلات.
ونشرت مجلة  “آخر ساعة” العدد الصادر في يوم 29 أغسطس عام 1951 الفتوى مؤيدة بالأدلة الشرعية، وحدثت الأزمة بين الملك والمفتي، وصمم الملك على الانتقام من المفتي الذي كانت فتواه سببًا في إحراج موقفه السياسي.
وعلى إثر هذه الفتوى وجه الديوان الملكي الدعوة إلى الشيخ عبدالمجيد سليم لحضور صلاة الجمعة مع الملك في مسجد قصر عابدين، وهو القصر الذي أقيم فيه الحفل الراقص، فذهب المفتى وجلس في المكان المخصص له، وحين حضر الملك جلس في مكانه بالصف الأول، وبعد انتهاء الصلاة وقف كبار المصلين لمصافحة الملك بعد الصلاة قبل أن يدخل إلى حديقة القصر من الباب الداخلي للمسجد المؤدي إلى الحديقة، ووقف المفتى في مكانه استعدادا لهذه المصافحة الملكية، وكان كل من يأتي عليه الدور للمصافحة يرفع يده قبل أن يدركه الملك استعدادًا للمصافحة.
لكن الشيخ سليم هدته فطرته الإيمانية إلى عدم رفع يده، وكانت نية الملك أن يترك يد الشيخ ممدودة للمصافحة دون أن يصافحه، ويكون في ذلك عقابه والانتقام منه، ولكن الشيخ أنقذه حدسه الإيماني، وكانت نتيجة هذا الموقف وتداعياته أن أصدر الملك قرارًا بإقالة الشيخ من المشيخة، فاستقال في 3 سبتمبر من نفس العام، وكان لها صدى عنيف داخل الأوساط الدينية في مصر.