رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: النجاشي كان رجلا عاقلا عرف أن العدل أساس الملك وآمن بالرسول

د.على جمعة
د.على جمعة

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إنه عندما عرف المشركون أن هذا الأمر الذي جاء به رسول صلى الله عليه وسلم على جهة الجد، خافوا، فازدادت مقاومتهم، فازداد عذابهم للمؤمنين.

وتابع " جمعة" عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي، قائلا  كانوا في البداية يترصدون ضعفاء الخلق: بلال، وعمار، وسمية، وياسر، ونحو هؤلاء الذين كانوا تحت الرق، لكنهم انتقلوا إلى أذية الناس من الوسطاء، ومن الوجهاء، واشتد الحال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بما عَلَّمَه ربه له من الوحي يعلم أن هناك ملكًا غير مسلم، لكنه كان ملكًا عادلًا بالحبشة، وكان اسمه: أَصْحَمَة، وملك الحبشة يسمى بالنجاشي، -وملك اليمن يسمى تُبَّع، وملك مصر يسمى فرعون، وملك الهند يسمى قَيْل، وجمعه: أَقْيَال ، فهذه أسماء: النجاشي، وَتُبَّع، وفرعون، وَقَيْل، أسماء ملوك أسماء الوظيفة، وليس أسماء الشخص". 

و أضاف، النجاشي، وقد أسلم بعد ذلك رحمه الله تعالى، كان رجلًا عاقلًا، عرف أن العدل أساس الملك، وعرف أن هذه ليست من الحكم التي تلوكها الألسنة، بل هي من السنن الكونية التي خلقها الله في هذا الكون، فلا ملك يدوم إلا بالعدل، فإذا اختل ميزان العدل اختل ميزان الملك، وهذا أمر الله في خلقه، وليس مثالًا، ولا موعظة، ولا شيء يخالف الواقع، أو شيء يراد للناس أن تتبعه حتى يسعدوا في الدنيا والآخرة .

وأضاف : قال لهم صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا إلى الحبشة، فإن فيها مَلِكًا لا يُظْلَمُ عنده أحد"، فذهب 12 فرد، وكان قائدهم سيدنا عثمان بن عفان، وكان حينئذ قد تزوج بالسيدة رقية بنت سيدنا صلى الله عليه وسلم ، فهاجرت مع زوجها، فسافرت معه في 12 شخص ، تقريبا 3 سيدات، و 8 رجال ، وكان ذلك في رجب من السنة الخامسة. 

 فركبوا من عند الشعيبية مركبين ذاهبين للحبشة، وبعد حوالي أربعين أو خمسين يوم ، حدثت حادثة حول الكعبة، هذه الحادثة شاعت في العرب، مثل النار في الهشيم، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في الكعبة، وتلا على المشركين سورة النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} وعندما جاء عند موطن فيها فسجد ، فقريش سجدت وراءه لم يستطيعوا أن يتمالكوا أنفسهم، فسيدنا صلى الله عليه وسلم يقرأ وهم يفكرون في شيء أخر  إلا إنهم يسمعوا -{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}- فلما سجدوا معه صلى الله عليه وسلم ،فالعرب قالوا: قريش أسلمت، قريش أسلمت، فوصل الخبر للحبشة أن قريشًا قد أسلمت، فهلل المسلمون وكبروا، وفرحوا، فرجعوا إلى مكة مرة أخرى دون أن يرسلوا للنبي صلى الله عليه وسلم يسألوه في الرجوع.

 

وأشار  قائلا " فالمشركون قاموا بعمل شائعات مضادة، قالوا: أن محمد قال شيء كلنا سمعناه واصطنعوا قصة اسمها "الغرانيق" فقالوا أنه قال : "تلك هي الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن ترتجى"، فهو كان يوصف أصنامنا ويمدحهم ولذلك سجدنا، وكل هذا كذب ولم يحدث أصلا، واختلط حتى على الرواة هذه القضية، فبعضهم يقول: قد يكون الشيطان خلط على أسماعهم . 

ولكن قصة الغرانيق قصة باطلة، والنبي ﷺ لم يقل ذلك وهذا تأليف من المشركين، وانخدع به بعض الرواة، فالمهم، إنهم رجعوا فوجدوا أن قريش لم تسلم ، فدخل كل واحد منهم بليل في جوار أحدهم، ولما وجدوا الحال كما هو، وليس هناك اختلاف، وقريش لم تسلم، واشتد عليهم البلاء، نصحهم رسول الله ﷺ مرة ثانية بالذهاب إلى الحبشة فهاجر المسلمون الهجرة الثانية في حوالي 83 شخص، هاجروا إلى الحبشة في  أواخر السنة الخامسة.