رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوم استردّ المصريون وطنهم

يوم السيادة الوطنية فى العراق، وعيد استقلال جمهورية الكونغو الديمقراطية، وفى ٣٠ يونيو ١٩٩١ تم إلغاء سياسة التفرقة العنصرية فى جنوب إفريقيا، وفيه أدّى محمد مرسى العياط، سنة ٢٠١٢، اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا، وصار، على الورق، رئيسًا لمصر. غير أن المصريين قرروا ألا يستمر هذا الفاصل العبثى، فى تاريخهم، لأكثر من سنة وقاموا بكنس المذكور وجماعته فى اليوم نفسه، بعد سنة، بضربة قاضية من تلك التى اعتاد أن يحسم بها الملاكم الأمريكى مايك تايسون مبارياته، وهو المولود فى مثل هذا اليوم سنة ١٩٦٦.

بالضربة القاضية، بعد تراكم النقاط، انتصرت الإرادة الشعبية المصرية على الجماعة الإرهابية الضالة، التى استولت على السلطة بـ«سطو مسلح»، و«رأى الجميع حركة الشعب المصرى، وسمعوا صوته بأقصى درجات الاحترام والاهتمام.. ومن المحتم أن يتلقى الشعب ردًا على حركته، وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدرًا من المسئولية فى هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن». وما بين التنصيص ننقله من بيان أصدرته قواتنا المسلحة فى عصر اليوم التالى، ١ يوليو، أمهلت فيه القوى السياسية ٤٨ ساعة، لتحمل أعباء الظرف التاريخى، الذى مرّ به الوطن.

بوضوح شديد، قالت قواتنا المسلحة، فى البيان، إنه فى حال لم تتحقق مطالب الشعب، خلال هذه المهلة، سيكون لزامًا عليها، استنادًا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية واحترامًا لمطالب شعب مصر العظيم، أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها، بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بما فيها الشباب الذى كان ولا يزال مفجرًا للثورة المجيدة.

بالتزامن، أعلنت وزارة الداخلية عن تضامنها مع بيان قواتنا المسلحة، وأكدت أنها تقف على مسافة واحدة من جميع التيارات السياسية. كما دعا الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى بيان، كل المصريين إلى تحمل مسئولياتهم «أمام الله والتاريخ والعالم» وحذر من الانجراف إلى «الحرب الأهلية، التى بدت ملامحها فى الأفق والتى تنذر بعواقب لا تليق بتاريخ مصر ووحدة المصريين ولن تغفرها الأجيال لأحد». ومثله، دعا قداسة البابا تواضروس الثانى، بطريريك الكرازة المرقسية، المصريين إلى التفكير معًا والتحاور معًا، والصلاة من أجل مصر.

لكونها طرفًا رئيسيًا فى معادلة المستقبل، وانطلاقًا من مسئوليتها الوطنية والتاريخية فى حماية أمن وسلامة هذا الوطن، رأت قواتنا المسلحة أن الأمن القومى المصرى معرّض لمخاطر شديدة إزاء التطورات التى تشهدها البلاد، ما فرض عليها التعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر. ولم تكن تلك هى المهلة الأولى. إذ كانت قواتنا المسلحة قد أمهلت كل القوى السياسية بالبلاد أسبوعًا، للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار، وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى.

بانتهاء مهلة الـ٤٨ ساعة، أعلن «الفريق أول» عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع وقتها، بعد اجتماع عقده مع كل القوى السياسية، عن إنهاء حكم الإخوان، وعرض خارطة طريق سياسية للبلاد، اتفق عليها المجتمعون، والمصريون، تضمنت تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، المستشار عدلى منصور، لحين إجراء انتخابات رئاسية، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.

للتاريخ نقول إن الأشقاء فى سوريا قرأوا المشهد بصورته الصحيحة منذ اليوم الأول. إذ أعلن عمران الزعبى، وزير الإعلام السورى، عن سقوط جماعة الإخوان «إلى غير رجعة» وقال إن «نموذج حكم الإخوان فى مصر توفى، لكن شهادة وفاته لم تصدر بعد» وأشار إلى أن «الإخوان لديهم قدرة استثنائية على التخريب»، وأنهم «استطاعوا أن يخرّبوا فى سنة ما تم بناؤه منذ ثورة جمال عبدالناصر». وفى حوار مع جريدة «الثورة» السورية، قال الرئيس بشار الأسد إن ما يحدث فى مصر «سقوط لما يُسمى الإسلام السياسى»، موضحًا أن «من يأتى بالدين ليستخدمه لصالح السياسة أو لصالح فئة دون أخرى سيسقط فى أى مكان فى العالم».

نقول، للتاريخ أيضًا، إن الصفعة كانت مفاجئة للإدارة الأمريكية، التى أقرت فى تعقيبها على بيان قواتنا المسلحة، بأنها لا تعرف ما سيحدث خلال «الـ٤٨ ساعة المقبلة». ثم قال الرئيس الأمريكى الأسبق، باراك أوباما، إن مَنْ وصفه بـ«الرئيس مرسى» رئيس منتخب. وربما حفاظًا على بعض ماء وجهه، طالب «حكومة مرسى» باحترام المعارضة ومَنْ وصفهم بـ«الأقليات»!.

.. أخيرًا، ومع احتفالنا بالذكرى الثامنة لثورتنا المجيدة، نرى أن الواجب، أقل واجب، تقديم تحية تقدير وإعزاز إلى رجال قواتنا المسلحة، خير أجناد الأرض، الذين كانوا، وما زالوا، دروعنا الصلبة وسيوفنا الصارمة، وإذا السيوف تكسرّت، جعلوا عزائمهم سيوفًا.