رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«زواج الويك إند».. تجارب حيّة للهروب من الملل الزوجي

زواج الويك اند
زواج الويك اند

كانت ميادة ع، 36 عامًا، تعتقد أن حياتها انتهت بمجرد طلاقها من زوجها الأول، بعدما قررت أن تعيش ما تبقى من عمرها حسب ما تصف لأبنائها الاثنين فقط، لذلك تمسكت بعملها في مجال المبيعات بإحدى الشركات نهارًا وفي مجال التسويق ليلًا حتى تستطيع الإنفاق على ابنائها.

تصف زواجها الأول بإنه كان غلطة العمر الذي ستظل تدفع ثمنه مدى الحياة: "زوجي كان فظًا وقاسيًا للغاية، وطوال الوقت يهددني بحرماني من ابنائي، حتى بعدما تنازلت عن حقوقي كلها، حتى النفقة ومصاريف أطفالنا لا يدفعها ووافقت على ذلك كي احتفظ بابنائي".

سارت أوضاع "ميادة" هادئة بعض الشيء عقب الطلاق، لكن لم تكن تعلم أن انتقالها من شركة المبيعات التي تعمل بها إلى آخرى أعلى في الراتب، سيشكل فصلا جديدا في حياتها يشوبه المعاناة والحب معًا: "أحببت أحد زملائي بشدة بعدما كنت اعتقدت أن الحياة انتهت واقتصرت على ابنائي فقط".

تقدم زميلها ذلك للزواج منها إلا إنها كانت تخشى إعلان ذلك خوفًا من أن يحرمها طليقها من ابنائها، وفي نفس الوقت لا تستطيع اللجوء للزواج العرفي بسبب حرمانيته كما تعتقد: "بحثنا عن حلول كثيرة لم نجد سوى اللجوء إلى زواج الويك آند لكنني كنت مضطرة لذلك".

ميادة ليست حالة فردية، فهناك نساء كثيرات لجأن إلى زواج يعرف باسم "الويك آند"، والذي يستمر لفترة قصيرة ويلتقي فيه الزوجان في أيام الأجازات الإسبوعية فقط، ويتم ذلك على اختلاف الأسباب ما بين الخوف من الطليق والحفاظ على الأبناء، أو منعًا للملل الزوجي والاحتفاظ بالحرية وهروبًا من الطلاق.

ميادة: "لا أرى زوجي إلا يومين في الأسبوع وهذا أكثر راحة من الحياة اليومية"

كانت فكرة زواج "الويك آند" تؤول إلى محامي صديق عرضها على زوج ميادة لتكون حلًا للهروب من طليقها: "هو زواج على سنة الله ورسوله وبمأذون شرعي وبمعرفة الأهل المقربين وموثق في سجلات الدولة، ولكن نظام الحياة به يختلف عن الزواج العادي".

تضيف: "أعيش في منزلي مع ابنائي طوال الإسبوع، وفي نهايته يأتي طليقي لأخذ الابناء لقضاء العطلة معه، وفي نفس الوقت انتقل أنا لمنزل زوجي والذي لا يعيش فيه طوال الإسبوع ولكن يقطن مع أهله، ولا نلتقي سوى يومين كل أسبوع".

ميادة لم يكن أمامها حل سوى ذلك، حتى تستطيع أن توازن بين الشخص الذي أحبته وتريد الحياة معه وبين الاحتفاظ بأبنائها الذين يعرفون زواجها الثاني ويقدرون المعاناة التي تتلقاها من طليقها، لذلك لا بد أن تظل متواجدة في منزلها بصحبة ابنائها طوال الإسبوع ولا تتركه سوى في العطلة حين يأخذهم والدهم.

تضيف: "إذا تخلف في إسبوع عن أخذ الابناء لا أذهب إلى بيت زوجي، خوفًا من أن يكتشف طليقي إنني تزوجت"، مشيرة إلى أنها تشعر بالراحة كثيرًا لذلك النوع من الزواج بسبب أنه يحفظ لها ابنائها والرجل الذي أحبته وفي نفس الوقت هي لا تستطيع العيش مع رجل بشكل يومي بعد تجربة الزواج الأولى.

استشاري علاقات زوجية: "زواج الويك أند لا يؤسس لحياة أسرية"

يفرق الدكتور أحمد علام، استشاري علاقات أسرية، بين نوعين من الأسباب التي تدفع إلى زواج "الويك آند"، الأول هو الخوف من الملل الزوجي أو الاحتفاظ بحرية كلا الطرفين، وهو بحسب ما يرى لا يؤسس لأسرة أو حياة زوجية ناجحة.

علام يضيف: "في تلك الحالة لا يكن هناك أي ظروف أو أسباب تدفع الطرفين للزواج بتلك الطريقة سوى الأفكار الحديثة الخاصة بالحرية وهكذا، ولكن لا يكون لذلك الزواج أفق أن ينتج عنه عائلة وابناء، لأن كلا الطرفين مشغول طوال الإسبوع لا يلتقيان سوى يومين فقط من أجل العلاقة وينتهى الأمر بنهاية العطلة".

والنوع الثاني بحسب استشاري العلاقات الأسرية، هو الذي يلجأ إليه الطرفان بسبب ظروفهما سواء مطلقان أو أرامل، مضيفًا: "هو أيضًا لا يؤسس لأسرة ولكنه يحافظ على كيان الأسرة القديمة، ويفترض فيه أن تقل المشاكل ولكن يحدث العكس بسبب البعد الدائم عن بعض، فلا يوجد مشاركة أو مسؤولية".

تعرض الدكتور أحمد للعديد من حالات زواج "الويك آند"، منها حالة رجل أعزب تزوج بسيدة مطلقة ولديها ابناء بتلك الطريقة، ولكن لم يمر وقت قصير حتى طلب منها أن يتحول زواجهما عاديًا ويتواجدا سويًا طول الوقت في المنزل إلا إنها رفضت خوفًا من أن يحرمها طليقها من ابنائها وانتهى الأمر بالانفصال.

يشير علام إلى أن أغلب الحالات تكون لتلك الأسباب والتي لا يستطيع أحد منعها، لأنه زواج شرعي ولكن بطريقة مختلفة بسبب ظروف معينة، مضيفًا: "إذا كان مخرج لبعض الحالات فلا مانع منه طالما توافرت فيه عناصر الزواج السليم شرعًا حتى يعرف الطرفان إلى أن تنتهي تلك الظروف أو تتحسن".

يختتم: "أنواع الزواج تلك ظهرت من جوهر المشاكل الأسرية الكثيرة وارتفاع نسب الطلاق، وأصبح هناك عدد كبير من المطلقات يوزايهم من الرجال، فيلجأ كل منهما إلى تلك النوعية من الزواج خوفًا من تكرار التجرية السيئة للزواج العادي".

الظروف تدفع "ندى" إلى زواج "الويك أند" والانفصال للمرة الثانية

الظروف أيضًا دفعت "ندى.خ"، 29 عامًا، اللجوء إلى زواج "الويك أند"، فهي مطلقة وتزوج طليقها بعد انفصاله عنها وترك لها الابناء، وأصبح لديها ثلاث فتيات وصلن إلى مرحلة البلوغ ولم تستطع في تلك الحالة الزواج في نفس المنزل وإحضار رجل غريب إليه وفتياتها كبرن.

لم يكن أمام ندى سوى تلك الفرصة الوحيدة للزواج، فكانت تبحث عن رجل بالفعل يرضى بزواج "الويك أند"، وبالفعل تزوجت وظلت طوال الإسبوع في المنزل مع فتياتها ولا تذهب لزوجها إلا يومين في الإسبوع فقط وهو كذلك.

فشلت تجربة ندى بعدما تعرضت لمواقف كثيرة خلال الإسبوع احتاجت فيها إلى زوجها والذي تعتقد فيه إنه السند والرجل إلا إنه لم يستطع التواجد بحسب الإتفاق المبرم بينهما، إى جانب بعض الظروف المادية التي دفعتهما للانفصال سريعًا.

24 حالة طلاق مقابل 100 حالة زواج يوميًا

بحسب آخر إحصاء صدر من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء خلال ديسمبر العام 2020، بلغ عدد حالات الطلاق لذلك العام 218 ألف حالة مقابل 225 ألف حالة في عام 2019، أما عدد حالات الزواج وصلت إلى 902 ألف حالة في العام 2020، بانخفاض وصل إلى 2.7% عن العام 2019.

ولا شك أن مصر إحدى الدول المرتفعة في معدلات الطلاق، فبحسب الجهاز، يقع فى مصر كل ساعة 106 حالة زواج، وفي الشهر 30900 حالة، أما حالات الطلاق فتحدث حالة طلاق واحدة كل 2 دقيقة و20 ثانية، وفي الساعة 27 حالة، أما اليوم 651 حالة، وأكثر من 7000 حالة طلاق فى الشهر.

وهناك 24 حالة طلاق مقابل كل 100 حالة زواج يوميًا تقع فى مصر، ويعد الطلاق بسبب الخلع أعلى النسب، حيث صدرت أحكام طلاق نهائية بسبب الخلع بعدد 10500 حالة، فيما تبلغ نسبة المرأة المعيلة ما بين 10% إلى 15% .

وكشفت دراسة أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية العام الماضي أسباب الطلاق المبكر، وجاء في طليعتها تدخل الأهل في الزواج سواء بالإجبار على الزواج أو التدخل بين الزوجين بنسبة 60%، ويليه أسباب أخرى مثل اختلاف الطباع بين الزوجين أو الخلافات المالية، ما يؤدي للجوء لأنواع زواج مختلفة.

"أمجد" تجربة زواج "ويك أند" تنتهي بالفشل

هذه المرة تروى القصة من ناحية الرجل. "أمجد.س" ثلاثيني، وأحد رجال زواج "الويك آند"، والذي استحالت عيشته مع زوجته الأولى إلا إنه ظل مستمرًا معها خوفًا على حياة ابنائه وشرع في التمهيد للانفصال، وفي تلك الأثناء أعجب بفتاة آخرى لم يسبق لها الزواج من قبل.

حفاظًا على الحياة الاجتماعية لابنائه تزوج أمجد من تلك الفتاة زواج "ويك آند" على يد مأذون بمعرفة الأهل فقط، واتفقًا على أنه يقطن في منزله طوال الإسبوع ولا يتقابلا إلا في يومي العطلة فقط على أن تبقى الزوجة في منزل أهلها طوال الإسبوع أيضًا.
ومرت أشهر قليلة عليهما حتى بدأت الزوجة ترفض ذلك الوضع وتطلب منه طلاق زوجته الأولى والمكوث معها طوال الوقت في منزلهما، إلا إنه رفض بسبب ظروفه وخوفه على ابنائه، فما كان منهما سوى الانفصال عن بعضهما لعد نجاح التجربة.

أحمد: "زواج الويك آند ممتع ويقضي على الملل الزوجي"

الرجال أيضًا يلجأون إلى زواج "الويك آند"، منهم أحمد عطا، شاب ثلاثيني يمتهن وظيفة مرموقة بإحدى الشركات الكبرى؛ لُقب بأشهر عازب بالشركة لرفضه فكرة الزواج في حد ذاته بسبب الملل الزوجي والخوف من الطلاق في النهاية.

إلى أن أعجب أحمد بإحدى زميلاته وعرض عليها فكرة الزواج ولكن بطريقة "الويك آند"، حتى لا يتعرضا للملل الزوجي، وبالفعل صارحها بإنه يريد أن يتزوجها زواجًا شرعيًا ولكن بطريقة مختلفة للبعد عن النهاية المحتومة لكل زواج وهي الطلاق.

بسبب الملل الزواجي والإحساس بالمسئولية لدى الرجل؛ بدء في طرح فكرته وهو اللقاء مرتين بالإسبوع دون التقييد بتأسيس منزل أو تقاليد الزواج المعروفة من شبكة ومهر وغيرها من الأمور التي يرى أحمد أنها لا داعي لها.

لاسيما أن زميلته تلك مطلقة ولديها طفل، وبالرغم من أنها تريد الاستقرار وتكوين أسرة مستقلة إلا أنها وافقت على زواج الويك آند: "الزواج في مصر تجربة فاشلة، بسبب تغيير طباع النساء وكثرة المسؤوليات وتنتهي دومًا بالطلاق أو بالأزمات في محاكم الأسرة".

يضيف: "لكن زواج الويك أند يقضي على حالة المللل تلك ويدفع الزوجين إلى الاشتياق لبعضهما البعض، ويلغي فكرة المحاسبة أو خنقة الرجل والأسئلة المتكررة من الزوجة، وكذلك حب السيطرة عليه بأن يصبح لها هي فقط".

الشيخ جمال: "زواج الويك أند يشبه زواج المتعة للتهرب من المسؤوليات"

يعلق الشيخ جمال إبراهيم، عالم أزهري، أن زواج "الويك إند" يفتقر لأهم شروط الزواج وهو الصداق ووجوب وجود ولي للفتاة لقول النبي صل الله عليه وسلم "لا نكاح الإ بولي" ويكون من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة؛ أما ما يحدث من زواج حتى لو كان على يد مأذون دون علم الأهل فليس بزواج.

ويوضح أنه يندرج تحت بند زواج المتعة مثل ما يحدث بين الطلبة في المدارس للمتعة ليس أكثر، لأنه يقوم على نية مسبقة بعدم تكوين أسرة أو أن الزواج يقوم على المودة، موضحًا أنه وسيلة فقط للهروب من المسؤوليات يلجأ إليها الشباب.

يشير إلى أن الزواج في أساسه يدعو للاستقرار والحياة الآمنة وتكوين أسرة وزيادة النسل، ولكن ما يحدث من لقاء إسبوعي لغرض المتعة وخوفًا من الملل الزوجي كما يدعي البعض، هو تهرب الرجال من مسئولياتهم تجاه زوجاتهم؛ مضيفًا: "للأسف المرأة في مجتمعنا تقوم بدور الرجل".

الظروف المادية تدفع "منار" إلى زواج "الويك آند"

لم تختلف حكاية منار.أ، أربعينية ولديها طفلين، لجأت للزواج على طريقة "الويك أند"، من شخص آخر بعد وفاة زوجها وعدم قدرتها على الوفاء بالإلتزامات المادية اتجاه ابنائها؛ موضحة أن أطفالها لن يتفهموا موقفها في الزواج بأخر بعد والدهم للظروف المادية الصعبة، فلجأت للزواج به بتلك الطريقة واللقاء مرتين أو أكثر في الإسبوع.

وتوضح السيدة الأربعينية أن المجتمع المصري عادة ما يطالب النساء بعدم الزواج في حالة طلاقها أو وفاة زوجها؛ بخلاف ما تتعرض له من مضايقات ونظرة المجتمع السلبية لها على أنها أصبحت متاحة للجميع، وإلا تتعرض للمضايقات والإيذاء في عملها وأحيانًا للطرد؛ وتقول أن ذلك حال كثير من النساء في مصر بعد انفصالها للتغلب على الحياة وصعوبتها .

تقول: "هو زواج شرعي ولكنه ليس بالصورة النمطية المعتادة في المجتمع المصري، ولكنه يتم لدى مأذون وبعلم الأهل، ولكن كل منا يقطن في منزل منفصل ولا نتقابل سوى مرة في الإسبوع داخل منزل الزوجية حتى لا يعلم ابنائي بذلك".

جمال: زواج "ويك اند" سعيد ثم فشل وانفصال

هربًا من ضغوط الحياة والمسؤولية، لجأ وليد جمال، ثلاثيني، إلى الزواج من آخرى مرة ثانية، بعد زواجه الأول الذي خلف ثلاثة ابناء، فلم يجد حل سوى الزواج على طريقة الويك أند: "هو زواج شرعي لكن الإتفاق فيه بين الطرفين على اللقاء لمرات معينة بالإسبوع".

يرى جمال أن ذلك الزواج مفيد في تجديد الرغبة تجاه الحياة من جديد، والهرب من المسؤوليات والضغوط المجتمعية، الملقاة على عاتق الرجال تحديدًا: "لا يوجد زواج لم يحدث فيه ملل زوجي في منتصف الطريق لكن زواج الويك الآند مختلف".

ويوضح أن ظروف عمله الحر ساعد بشكل كبير في إيجاد العديد من الفرص للقاء زوجته الثانية؛ لكن الأمور لم تسر جيدة طوال فترة الزواج التي لم تستمر سوى عام واحد فقط: "زوجتي الثانية مطلقة ولديها أطفال وكانت لا تريد أن ابنائها وأهل زوجها يعلموا بزواجها لذلك كانت الأمور جيدة في السنة الأولى".

يشير إلى أن الأوضاع أصبحت مضطربة بينهما بسبب هروبه من مسؤوليات ابنائها وعدم شعورها بإنها متزوجة لكونها تراه في الإسبوع مرة واحدة فقط: "لم نستمر سوى عام واحد ثم انفصلنا بسبب كثرة المشاكل التي نشبت بيننا نتيجة طريقة الزواج تلك".

جميع اسماء النساء/ الرجال المستخدمة مستعارة بناء على طلبهن وحفاظًا على وضعهن الاجتماعي