رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خزائن الأسرار» يكشف الأسم الثاني لسمير فريد.. وإبداع شادى عبد السلام ونور الشريف

طارق الطاهر
طارق الطاهر

 يأتي كتاب “خزائن الأسرار” الصادر عن دار منشورات الربيع للكاتب الصحفي طارق الطاهر،أحد أهم الكتب التى اشتغلت على البحث والتنقيب في عالم مكتبات مبدعي مصر ، ويكشف تفاصيل المجهول والمهمش عن عوالم مبدعينا.

للكتب ذاكرة 

يصف طارق الطاهر عبر مقدمته "خزائن الأسرار" بأنه جولة فى مكتبات مبدعين أثروا الأدب والسينما والفن التشكيلي، اجتذبتني بفرادة محتوياتها، التي تتشابه إلى حد كبير مع شخصيات أصحابها، حتى يصبح تحديد من منهما أثّر في الآخر بالغ الصعوبة، وعبر ملاحظات مدوّنة على صفحات الكتب، وكتابات سطرتها أقلامهم في أوراق متناثرة، وخطابات متبادلة، اكتشفت جوانب أخرى في شخصياتهم أزعم أن كثيرين لا يعلمون عنها شيئا. وتأكدت في النهاية أن للكتب ذاكرتها التي لا يمكن أن ينال منها الزمن، حتى لو نجح في قبض أرواح أصحابها.

 

مكتبة سمير فريد أو كامل توفيق 

يقول الطاهر: ربطتني به علاقة تلميذ بأستاذه، وكان يسعى دائمًا إلى تشجيعي بمقالات، إما تعليقًا على رئاستي لمجلة «الثقافة الجديدة» في العام 2008، أو رئاستي لتحرير جريدة «أخبار الأدب» في 2014، أو تطرقًا إلى موضوعات منشورة في كليهما، إلا أنني لم أزر مكتبته في حياته، بل بعد فترة قصيرة من رحيله، عندما استأذنتُ زوجته الأستاذة منى غويبة في الإطلاع على ما تنفرد به مكتبته من مقتنيات، وأثناء تجوالي بين أركان مختلفة في منزله بالمهندسين، شعرت أن الموجود لم يشفِ غليلي، لتدلني على أن مكتبته الأساسية والأصلية في بيت زوجته الأولى السيدة الفاضلة آمال ممتاز، فتحدثت إلى ابنه الكاتب الصحفي محمد سمير، الذي كان في كرم والده، فوافق على الفور، لأجد نفسي أمام مكتبة يندر وجودها، لاسيما فيما يتعلق بتاريخ السينما المصرية والعربية والعالمية، ولا أكون مبالغًا، إذا قلت، إن الأرشيف الرسمي للدولة لا يوجد به ما نطلق عليه «سينماتيك» بنفس القدر الذي تضمه مكتبة سمير فريد (1943-2017) من أرشيف دقيق لتاريخ الأفلام، ويوازيها أهم مراجع السينما العربية والأجنبية، فأدق وصف لمكتبة مؤلف كتاب «نجيب محفوظ والسينما»، أنها بمثابة قراءة في «جذور التكوين»، فهي مرآة كاشفة لطريقة تفكيره وحبه للتوثيق، الذي جعل منزليه بمقتنياتهما بمثابة «سينماتيك» حي عن تاريخ السينما المصرية وذاكرتها البصرية، فضلًا عن وجود مئات الكتب في مختلف المجالات، وهو ما يكشف عن سر «تكوينه» الفريد، الذي يظهر دائمًا في كل مؤلفاته أو مقالاته، كما كشفت لي مكتبته الأدوار المختلفة التي كان يقوم بها في الساحتين الفنية والثقافية، ومن ذلك تقديمه لأعمال شعرية، مما أبان عن علاقته بالشعر كتابة ونقدًا، وهو جانب غير معروف عنه، كما كشفت لي هذه المكتبة عن اسمه المستعار «كامل توفيق» الذي وقع به مقالاته في جريدة «الأهالي» عام 1978، وربما يعود ذلك إلى المناخ السياسي في ذلك الوقت، فـ «جريدة الأهالي» تصدر عن حزب معارض وهو حزب التجمع، بينما سمير فريد صحفي في جريدة قومية وهي «الجمهورية»، فبإيجاز تعد مكتبته بمثابة سيرة حاولت تتبع أهم خطواتها.

 

مكتبة شادي عبد السلام

ويفرد الكتاب فضلًا عن مكتبة المبدع شادي عبد السلام (1930-1986)، التي عكست بالفعل رؤاه وفلسفته السينمائية: «إنني أسعى لسينما تفيد الناس، تعلمهم.. لكن بفن»، بل الأكثر من ذلك إنها تبدو كأنها «معادل موضوعي» لحياته، فقد بدأ تكوين مكتبته عندما أصيب بمرض أقعده الفراش لمدة عامين، فلم يجد سوى الكتاب، الذي اصطحبه بعد ذلك، في كل مراحل حياته، وأصبح لصيقًا به، فعندما تقلب في مكتبته، تكتشف من أين جاء شادي بكل هذا التمكن في الإلمام بالأبعاد المختلفة للفترات الزمنية لشخصيات أبطال أفلامه، فمكتبته شاهد حي على هذا التكوين المتميز لفنان، استطاع أن يحتل بفيلمه «المومياء» صدارة المخرجين المتميزين، لتكون مكتبته شاهدة على هذه المكانة، بالكم الكبير لشهادات ودروع التكريم، التي لم تنقطع حتى بعد وفاته، فإبداعاته تؤكد أنها لا ترتبط بشخصه، بل بالقيم التي تركها لنا، وهي على الدوام محل تقدير.

 

 مكتبة  نور الشريف 

يقول طارق الطاهر: "فجأة بينما كنت في زيارة للمكان المخصص للكتب المهداة لمكتبة الإسكندرية، سمعت تهامسًا بين مسئولين عن هذا المكان، مفاده أنهم في انتظار استقبال مكتبة الفنان نور الشريف (1946-2015)، بعد أن تمت إجراءات فحصها وفهرستها، وأصبحت جاهزة للعرض في الجزء المخصص لها، على الفور شعرت بسعادة كونى أول من سُمح له بالنظر في هذه المقتنيات، التي مثلت لي صدمة كبيرة، فبمجرد أن بدأت في تصفح الكتب التي احتفظ بها نور الشريف طيلة حياته، حتى شعرت أنني أمام ناقد محترف، فهو يسجّل رؤاه على الأعمال التي يقرأها، ويميل منذ اللحظة الأولى إلى «التوثيق»، إذ يكتب تاريخ ومكان بدء قراءة هذا الكتاب أو ذاك، وتاريخ الانتهاء منه ومكانه، كما أن المكتبة تكشف بتنوع محتوياتها، عمق ثقافة الفنان المبدع الراحل.