رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية صورة.. طاقم عمل فيلم «ملف في الآداب» لـ عاطف الطيب

طاقم عمل فيلم ملف
طاقم عمل فيلم ملف في الآداب بعد انتهاء التصوير

قبل 26 عاما وتحديدا في مثل هذا اليوم من عام 1995 فارق دنيانا مخرج الواقعية الجديدة عاطف الطيب٬ المتحيز للفقراء والمهمشين٬ ورغم عمره القصير إلا أنه خلف ورائه محموعة من أروع أفلام السينما المصرية عبر تاريخها الطويل٬ من أبرزها: سواق الأتوبيس٬ كتيبة الإعدام٬ التخشيبة٬ ليلة ساخنة٬ البرئ٬ ضد الحكومة٬ الزمار٬ الهروب٬ دماء علي الأسفلت٬ الحب فوق هضبة الهرم٬ ضربة معلم وملف في الآداب.

وفي هذه الصورة يظهر مخرج الواقعية الجديدة عاطف الطيب وهو يتوسط فريق عمل فيلم ملف في الآداب بعد انتهاء تصوير الفيلم وهم: الفنانة الراحلة مديحة كامل٬ وحيد سيف٬ أحمد بدير٬ سلوي عثمان٬ صلاح السعدني٬ ألفت إمام٬ أحمد صيام٬ فريد شوقي٬ سعيد طرابيك٬ ومدير التصوير سعيد شيمي.

وفيلم "ملف في الآداب" الذي أخرجه عاطف الطيب في العام 1986 ومن تأليف الكاتب الراحل وحيد حامد٬ يتناول قضية مهمة من القضايا التي تمس المجتمع المصري٬ ألا وهي وضع النساء العاملات فيه٬ خاصة من الفتيات اللائي يعملن في مهن بسيطة٬ وما يتعرض له من تحرشات ومضايقات سواء في أماكن عملهن٬ أو المواصلات أو حتي الشارع الذي يحظي بالقدر الأكبر من منغصاتهن.

تدور أحداث فيلم "ملف في الآداب" حول ثلاث فتيات "مديحة٬ رجاء٬ وعايدة"٬ فمديحة تعمل في مكتبة للآلة الكاتبة٬ تعيش في المقابر٬ بينما تعمل رجاء في مكتب للإنتاج السينمائي٬ وعايدة في عيادة طيبب.

تعمل الفتيات فترتين تتخللهما فترة راحة للغداء٬ ولأنهن يسكن بعيدا عن أماكن عملهن في وسط البلد٬ يضطررن إلي قضاء فترة الراحة هذه في أحد المقاهي. يتناولن غدائهن وأحاديث الفضفضة إلي أن يحل ميعاد فترة العمل الثانية.  

على الجانب الآخر نري ضابط الآداب المقدم "سعيد أبو الهدي"٬ وما يعتمل في دواخله من الحقد والغل الممتزج بالضعف لعدم قدرته علي إنفاذ القانون٬ بعدما فشل في القبض علي شبكة دعارة تديرها "تغريد البشبيشي"٬ بعدما تدخل أحد المسئولين النافذين لإنقاذها. فما يكون من المقدم سعيد إلا أن يحاول الإنتقام٬ ولكن في صورة الفتيات الثلاث. حيث يقدم له القواد "سيد النونو" معلومات كاذبة عن الفتيات الثلاث علي أنهن يعملن في شبكة منافية للآداب. لا لشيئ إلا أن إحداهن جاء من يطلبها للزواج وكان الوسيط في مشروع هذه الزيجة "رشاد" مدير مكتب الآلة الكاتبة الذي تعمل فيه "مديحة".

يقبض سعيد أبو الهدي علي الفتيات الثلاث وهن يتناولن الغداء في بيت الحاج رشاد بصحبة العريس المنتظر"كمال"٬ وهنا تصل ذروة الحكاية٬ فبدلا من أن يبحث الضابط عن الحقيقة٬ يلطخ سمعة الفتيات بالعار٬ ويتهمهن ظلما بممارسة الدعارة٬ تاركا الجناة الحقيقيين سيد النونو وتغريد البشبيشي٬ لدرجة أنه ساوم "كمال" علي إخراجه من القضية كشاهد .

حتي وبعد أن تصدر المحكمة حكمها ببراءة الفتيات الثلاث من التهم الموجهة إليهن٬ لا يجدي هذا الحكم نفعا٬ فسمعة الفتيات كانت قد صارت علي كل لسان٬ بعدما أصبحت مادة للنميمة بين أوساطهن العائلية المجتمعية٬ سواء في أماكن سكناهن أو عملهن.

يشرح عاطف الطيب بمبضع الجراح رهيف الحس٬ تناقضات المجتمع المصري٬ خاصة فيما هو متصل بالمرأة٬ فهي من تتحمل كل الوزر والأخطاء٬ وهو ما تنضح به صرخة "مديحة" في نهاية الفيلم بعدما سمعت حكم برائتها هي وصديقتيها في المحكمة: "أتفرج يا جناب القاضي علي أعراض الناس وهي علي الأرصفة٬ أقرا علي الظلم والتزوير والمصيبة إن الناس بتصدق٬ علشان شوية زمايل وأصحاب معزومين علي أكلة سمك. حكم البراءة بتاعك ده ميلزمنيش٬ حكم البراءة بتاعك ده يبعد عني سجن الحكومة لكم ما يبعدش عني السجن اللي بره٬ سجن الحكومة له أول وله آخر٬ لكن سجن الناس لا له أول ولا آخر٬ الشارع هايبقي سجن٬ الأتوبيس هايبقي سجن٬ كل نظرة وكل كلمة هاتتقال هاتبقي نازلة زي ضربة الكرباج٬ حكم البراءة بتاعك ده مش هايرجعني تاني مديحة الشريفة."