رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«التبغ المسخن».. خطر جديد يدخل مصر رسميًا

التبغ المسخن
التبغ المسخن

خطر جديد يداهم المدخنين، يغلف بخداع الشركات المعلنة عنه، إنه «التبغ المسخن» الذي زعمت شركات تصنيعه كونه آمن ولا يحمل خطرًا على الإطلاق على عكس التبغ العادي، على الرغم من نفي منظمة الصحة العالمية.

ذلك الأمر جعل مرصد مكافحة التبغ بمصر يحذر من استعمال هذا المنتج بعد الإعلان عن دخوله البلاد رسميًا منذ يناير الماضي، مستندًا في ذلك إلى أن هذا المنتج يمثل خطرًا لا يقل عن التبغ العادي، ويتنافى ما تدعيه الشركات المنتجة، كما يأسف المرصد عن أن جهود الدولة في مكافحة التدخين تهدد نتيجة الإعلان عن هذا المنتج الجديد، الذي خالف الإعلان عنه كذلك قوانين الترويج عن منتجات التبغ، ويأتي ذلك جميعه في الوقت الذي يحذر الجميع من التدخين في ظل انتشار فيروس كورونا ومداهمته للمدخنين أكثر من غيرهم.

والتبغ المسخن هو الذى يتم تسخينه إلى 350 درجة مئوية لكى ينبعث منه البخار المختلط بالنيكوتين (أقل من 600 درجة مئوية كما يحدث فى السجائر التقليدية)، باستخدام نظم تسخين تعمل بالبطاريات، أما عن نظام التسخين فيوضع داخل جهاز، ويمكن أن يتخذ شكل مصدر حرارة خارجيَّا لإخراج رذاذ النيكوتين من السجائر المصممة خصيصًا لهذا الغرض، ويحتاج جهاز التسخين إلى الشحن، ويقوم المتعاطى بسحب الهواء من فوهة الجهاز بفواصل زمنية كى يستنشق كميات من الرذاذ عن طريق الفم، ثم ينتقل هذا الرذاذ إلى داخل الجسم.

رأي منظمة الصحة العالمية

منظمة الصحة العالمية أكدت أن «التبغ المُسخّن» هو يعد واحدًا من منتجات التبغ، وبالتالى فإنه يخضع لنصوص وأحكام الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، كما يحظر جميع أشكال الإعلان عنه والترويج لأى منتج من منتجاته بأى وسيلة مضللة، خاصة إذا كانت هذا الإعلان يعطي انطباعًا خاطئًا عن خصائصه أو آثاره الصحية، حيث إن الحد من التعرض للمواد الكيميائية الضارة فى منتجات التبغ المسخّن لا يعنى أنها منتجات آمنة أو غير ضارة.

وأشارت كذلك المنظمة إلى أنه لا تُوجد أبحاث أو دراسات تؤكد أن منتجات التبغ المُسخّن أقل ضررًا من منتجات التبغ التقليدية، بل أوضحت أن هناك بعض الدراسات "المشكوك فى تمويلها"، على حد قول المنظمة - زعمت وجود انخفاض واضح فى المكونات الضارة فى هذه المنتجات، مقارنة بالسجائر العادية، إلا أن الحقيقة- وفقًا للمنظمة- أنه لا توجد أدلة حاليًا، تشير إلى أن انخفاض التعرض لهذه المواد الكيميائية يعنى انخفاض خطرها على الإنسان، ومن ثم سيلزم إجراء المزيد من الدراسات المستقلة لإثبات تلك المزاعم.

وأكدت المنظمة كذلك أن منتجات التبغ المُسخّن ليست كالسجائر الإلكترونية، فهي إذ تُسخِّن هذه المنتجات التبغ الموجود فيها لتوليد النيكوتين، أما السجائر الإلكترونية فهى تُسخِّن سائلًا إلكترونيًّا قد يحتوى على النيكوتين أو لا يحتوى عليه ولا يحتوى على التبغ فى معظم الحالات، وهنا شددت المنظمة على أن جميع أشكال التبغ ضارة، بما فيها منتجات التبغ المُسخّن، وأكدت أن التبغ يعد سامًّا بطبيعته ويحتوى على مواد مسرطنة حتى فى شكله الطبيعى، كما أوضحت المنظمة أن منتجات التبغ المُّسخن تحتوى على أكثر من ٢٠ مادة كيميائية ضارة وذات ضرر محتمل، وهى نسبة أعلى بكثير مما هو الحال فى دخان السجائر.

لذا شددت المنظمة على أن تخضع تلك المنتجات للتدابير التنظيمية المطبقة على جميع منتجات التبغ الأخرى، وفقًا لأحكام اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ.

نقطة خطيرة في تدخين التبغ المسخن تهدر حقوق الخصوصية وتنتهكها

إلى جانب الخداع والوهم لاذي يصدره مروجي "التبغ المسخن" فهناك شيئًا غريبًا وخطيرًا في ذات الوقت يفرضه التدخين بواسطة هذا التبغ، على مستعمليه، وهو الذي جعل العديد من  المؤسسات الصحية تطالب بالانتباه لخطورته، ألا وهو جهاز التسخين فى المنتج الجديد «التبغ المُسخّن» إذ أنه يوجد به شريحة ذكية تسجل كل ما يتعلق باستخدام المدخن لعيدان التبغ التى تشبه السجائر العادية، وبعد التسجيل ترسلها عبر الإنترنت إلى الشركة المصنعة للجهاز، وهو ما يُعد تعديًا على خصوصية وحقوق المستهلك المصرى وأمنه.

وردًا على ذلك قدمت مؤسسات المجتمع المدنى بلاغات لمجلس الوزراء وحماية المستهلك، ضد منتجات «التبغ المُسخّن»، لترويجها معلومات خاطئة، ومحاولتها جذب الشباب والأطفال فى المولات، وترويج منتجات تبغ بالمخالفة للقانون٨٥ لسنة ٢٠٠٢، واعتبرت مؤسسات المجتمع المدني أن ذلك يمثل تضليلًا للمستهلك بادعاءات باطلة، وتعدٍّ على خصوصية المدخن بمراقبة استخدامه للتبغ بواسطة الشريحة الإلكترونية فى أجهزة التبغ المسخن.

ولهذا أكدت المؤسسات الصحية أنه يجب التشديد على تطبيق منع التدخين فى الأماكن العامة والمغلقة، ومنع تقديم الشيشة فى المقاهى، مع مطالبتها بضرورة تطبيق كافة  قوانين مكافحة التدخين وبنود الاتفاقية الإطارية على هذا المنتج الجديد والخاصة بمنع الإعلان والترويج لمنتجات التبغ فى الدراما والمحال، وكذلك تطبيق الضرائب المقررة على منتجات التبغ، ومنع البيع والشراء لمن هم أقل من 18 سنة.

الدكتور عصام المغازي رئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر، أوضح "للدستور" أنه من المؤسف بعد أن خطت مصر خطوات ناجحة نحو مكافحة التبغ أن يهدد هذا النجاح ظهور هذا التبغ المسخن والذي أعلن رسميًا عن دخوله البلاد، موضحًا أنه قامت الشركة المنتجة له بترويجه بطرق مخالفة لقوانين نشر المنتجات الجديدة تحت إدعاء أنها أقل ضررًا وهو إدعاء غير حقيقي
ولم يثبت على الإطلاق، وتابع أن منظمة  الصحة العالمية ذاتها أكدت عدم وجود الدليل العلمي المثبت لتلك الإدعاءات.

وأضاف أن الأخطر من ذلك أنه تم استخدام العديد من الفنانين والمشاهير على الإنترنت للترويج لهذا المنتج الجديد، وكذلك قدمت تسهيلات وعروض للجمهور وخاصة الشباب من خلال أكشاك مميزة في المولات وكل هذا يجرمه القانون المصري لمكافحة التبغ بمنعه الترويج والإعلان عن كافة منتجات التبغ، والذي يعد التبغ المسخن إحداها.

في السياق، أكد الدكتور محمد حسين دكتور الأمراض الصدرية لـ«الدستور» أن التبغ المسخن تنبعث منه روائح مسرطنة ومواد مثل التي ترش كمبيد للحشرات، وتتحول إلى 3 أو 4 بنزو بيرين مسرطن، بالإضافة إلى أن حرق هواء ساخن في الغشاء المخاطي داخل الشعب الهوائية يعد خطرًا للغاية لكونه يؤدي لحدوث تليف يصل بالمدخن إلى الإصابة بالربو الشُعبي. 

كما أشار أستاذ الصدر والحساسية، إلى أن التبغ الأسود يتسبب ليس عديم الضرر كما تصوره الشركات المصنعة، ولكن في الحقيقة له ضرر مرعب، وإن كان أقل نسبيًا عن التبغ المحترق في السجائر العادية، ولكنه موجود وبقوة.

 وتابع أن بعضًا من ضرره يتمركز في  تسببه بإيقاف عمل الأهداب المبطنة للشعب الهوائية والتي تقوم بطرد الأجسام الغريبة داخل الرئة عن طريق الحركة المستمرة 20 ألف مرة في الثانية، والتي تهدأ حركتها بسبب حرقها بالهواء الساخن أو تعرضها للنيكوتين وقتا طويلا.

وأصدرت العديد من القوانين التي تضمن تقليل الاخطار الناتجة عن التدخين بدأت منذ عام 1981 ومنها القانون 85 لسنة 2002 وقانون 154 لسنة 2007 كما وقعت على الاتفاقية الاطارية لمكافحة التبغ عام 2005 حيث تعهدت الدول بخفض استهلاك التبغ بنسبة 30 %، كهدف عالمي، قبل حلول عام 2025.

وبحسب إحصاءات دولية صادرة عن منظمة "عالم بلا تدخين" بنيويورك، يوجد أكثر من مليار شخص يدخنون حول العالم، في حين أن عدد حالات الوفاة السنوية حول العالم تقدر بنحو 7 ملايين شخص نتيجة التدخين، وتشير الإحصاءات إلي أن مبيعات منتجات النيكوتين في 2017 قدرت بحوالي 785 مليار دولارا، منها 89.1% مبيعات سجائر.

وشهدت مبيعات السجائر الإلكترونية نموا واضحا على مدار السنوات الماضية؛ إذ قُدرت بنحو 11.4 مليار دولار، بنمو أكثر من 21%، كما بلغت قيمة مبيعات السجائر المعتمدة على التسخين نحو 6.3 مليار دولار، بنسبة نمو 529.8%، وفقا لإحصاءات 2018.