رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى رحيله.. تعرف على شيخ النقاد المصريين محمد مندور

دكتور محمد مندور
دكتور محمد مندور

وصفه معاصروه ومجايليه بأنه "شيخ النقاد المصريين"، وهو قمة شامخة في صرح أدبنا العربي، وقامة بين العمالقة والأعلام، إنه الناقد الدكتور محمد مندور الذي تحل اليوم الذكري الـ56 لرحيله عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1965. والدكتور محمد مندور كاتب وناقد ولغوي٬ وكان ترتيبه الثاني بين أشقائة التسعة.

وولد محمد عبد الحميد موسي مندور، في 5 يوليو 1907 بقرية كفر مندور، التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية وعن مولده يقول الدكتور محمد مندور للناقد فؤاد دوارة في كتابه "عشرة أدباء يتحدثون": كان جدي يقيم في بلدة كبيرة قريبة من كفرنا اسمها "التلين"، وكان له فيها بنك يتخذه مقرا لتجارة القطن والحبوب فضلا عن الزراعة التي كانت مهنته الأصلية٬ ويبدو أنه كان يقرض النقود بالربا. وكان فيما علمت رجلا ناجحا في عمله الزراعي والتجاري٬ فقد ترك عند وفاته 450 فدان تفتت بين أبنائه الذكور العشرة وابنته الوحيدة التي عاشت بعده٬ ومن هذه الفدادين تكون الكفر الذي يحمل أسمنا. وكان قبل ذلك يعرف باسم "كفر الدير" إذ كانت به كنيسة وكان معظم سكانه من الأقباط.

تابع مندور: "كان والدي رحمه الله يقرأ لكنه لا يستطيع الكتابة٬ وكان متدينا ينتمي لمذهب صوفي اسمه الطريقة النقشبندية ومعناها "النقش علي القلب"٬ وكان رائد هذا المذهب الشيخ جودة إبراهيم بمنيا القمح. وما زال له هناك جامع كبير يحمل اسمه وما أكثر ما حدثتني والدتي وأنا طفل صغير عن خطوات أبي في هذه الطريقة٬ وكنت أتأثر جدا بما أسمع وخاصة قصة الخلوة٬ وهي حجرة أقامها أبي في حقله وخلا فيها لذكر الله أربعين يوما٬ لم يأت فيها إلي البيت قط. وشاهدت في البيت سبحا طويلة من ذوات الألف حبة٬ وعلمت أن أبي يردد عليها اسم الله حتي انتقش علي قلبه٬ وبالفعل كان أبي رجلا متسامحا يبغض العنف والشر رغم ما اشتهرت به أسرة مندور من ضراوة وقوة شكيمة في الجهة كلها.  
  
ورغم انتمائه السياسي لحزب الوفد وعضويته به٬ إلا أن الدكتور محمد مندور أيد ثورة 23 يوليو 1952 بحماس فكان يري ثورة يوليو هي التي ستحقق العدالة الاجتماعية وستنهي الاحتلال الانجليزي. تقول زوجته الشاعرة "ملك عبد العزيز" عن هذه الفترة من حياته:"كانت هذه الفترة التي شهدت جهاد مندور السياسي فترة بالغة الأهمية في حياته٬ ويكفي أن مندور شرب كمية سجائر خرافية٬ ولم يكن ليجد وقتا وهو المحب الحنون كي يلتقي بأولاده إلا بعض ساعة كل شهر. لقد كان سريع الإنفعال٬ مستعدا دائما للغضب والثورة.

وفي 1953 أنشئ معهد الدراسات العربية العليا٬ ودعاه ساطع الحصري لإلقاء المحاضرات فيه فرحب مندور. بجانب أنه كان يدرس في معهد الصحافية وقسم الصحافة بجامعة القاهرة منذ إنشائهما مادة التحرير الصحفي والنقد الأدبي بفروعه٬ كما كان يقوم بالتدريس منذ 1944 بمعهد التمثيل وكانت الدراسة به مسائية٬ كما عرض عليه الكتابة في جريدة الجمهورية. كل هذا بجانب عمله كمحام في مكتبه الذي أضطر لإغلاقه لشدة إنشغالاته عام 1954.

رفد محمد مندور المكتبة العربية بعشرات المؤلفات التي تعددت بين الكتب النقدية والكتابات العامة من بينها: فن الشعر٬ النقد المنهجي عند العرب٬ في النقد والأدب٬ في المسرح المصري المعاصر٬ في الميزان الجديد٬ المسرح النثري٬ الديمقراطية السياسية٬ الثقافة وأجهزتها. بالإضافة إلي ترجماته ومن بينها: دفاع عن الأدب من الحكيم القديم إلى المواطن الحديث٬ تاريخ إعلان حقوق الإنسان وغيرها.

وأنجب الدكتور محمد مندور خمسة أبناء وهم: د.حسام أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط. ليلي مذيعة في البرنامج الثاني بالإذاعة المصرية، مقدم "ماجد" ضابط بالقوات المسلحة واستشهد في حادث سقوط الطائرة الشهير في سيوة ورقي إلي درجة عقيد. خالد ويعمل مهندس بدولة الكويت٬ د. طارق طبيب أسنان.