رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قارئات القرآن في مصر

مزمار أنثوي.. قصص 3 من أبرز قارئات القرآن في الإذاعة المصرية

قارئات القرآن
قارئات القرآن

قبل عشرات السنوات من الآن، كانت أصوات النساء تصدح بقراءة القرآن في المآتم والمناسب العامة، وحتى في إذاعة القرآن الكريم التي اقتصرت في سنواتها الأخيرة على أصوات الرجال فقط، حتى أن بعض القارئات وصلن لمكانة عالية تمكنهن من إعطاء إجازة القرآن وتتلمذ على أيديهن كبار القراء من الرجال أمثال الشيخ أحمد نعينع والشيخ مفتاح السلطني.

ورغم خروج بعض المبادرات على استحياء لعودة المقرئات السيدات والتي أطلقها الشيخ أبو العينين شعيشع نقيب المقرئين الأسبق، وواحد من سلسلة العظماء في تلاوة القرآن، واعتماده بعض المقرئات من النساء في إذاعة القرآن الكريم بمصر، إلا أنهن لم يحظين بالمكانة التي حظيت بها مقرئات مصر القدامى، ولم تصل إحداهن لقراءته في إذاعة القرآن الكريم.

 فتوقفت إذاعة تسجيلات القرآن بصوت النساء في الإذاعة المصرية الرسمية عام ١٩٣٩، بعد فتوي من بعض المشايخ الكبار بأنّ صوت المرأة عورة.

وحاول  الشيخ شعيشع أن يتقدم بطلب رسمي إلى الإذاعة المصرية يدعو فيه إلى اعتماد مقرئات في الإذاعة بعد انضمامهن إلى النقابة واجتيازهن الاختبارات بنجاح، لم تلقى مبادرته أي نجاح، وظل نجاح القارئات المصريات مُسجل فقط في خمسينات القرن الماضي.

“الدستور” عادت إلى حيث تصدح أصوات النساء بتلاوة القرآن، وتستعرض ثلاثة نماذج لأكبر وأهم القارئات اللاتي عرفهن التاريخ المصري.

شيخة أم السعد

هي أم السعد محمد علي نجم، السيدة الوحيدة التي تخصصت في القراءات العشر، وعكفت طوال 60 عاماً على منح الإجازة للقُرَّاء من شتى أنحاء العالم، ومن أبرز من تتلمذوا عليها الشيخ أحمد نعينع والشيخ مفتاح السلطني.

ولدت أم السعد عام 1925 بالمنوفية، وفقدت بصرها وعمرها عام، وسعى أهلها لتعليمها قراءة القرآن وتجويده، فحفظته بمدرسة حسن صبحي بالإسكندرية وعمرها 15 عاماً.

وكان هدفها تعلم القراءات العشر فذهبت إلى الشيخة نفيسة بنت أبو العلا، "شيخة أهل زمانها" كما توصف، فاشترطت عليها لتعليمها القراءات العشر ألا تتزوج أبداً، فقد كانت ترفض بشدة تعليم البنات؛ لأنهن يتزوجن وينشغلن عن  القرآن، فوافقت.

ولكن لم تستطع أم السعد الوفاء بعهدها لشيختها نفيسة للنهاية، فتزوجت الشيخ محمد فريد نعمان، أول من منحته إجازة في القراءات، ومن أشهر القراء في الإذاعة في هذه الفترة، ويعد سند أم السعد من أعلى الأسانيد، وهو مشهور بين كل طلابها وعلى جميع مواقع القراءات.


الشيخة كريمة العدلية

كانت الشيخة كريمة العدلية من أوائل المنضمات إلى الإذاعة المصرية عند افتتاحها في 1934، وذاع صيتها لتحيي ليالي قرآنية وعزاءات السيدات، فأحيت عزاء الراحلة أسمهان وكذلك عزاء عالم الفيزياء على مصطفى مشرفة.

وولدت كريمة العدلية  في عام  1914 وتوفي والدها وهي في سن الخامسة، وتولى أخيها تحفيظها القرآن الكريم، لتتم حفظه في سن الحادية عشر، ثم تدرس لثلاث أعوام في معهد الموسيقى العربية لتتعرف على المقامات العربية وتدرس آلة العود، وقد لحن لها الموسيقار الكبير محمد القصبجي أغنيتين وتم طرحهما في أسطوانات قبل أن تتوقف عن الغناء.

فكانت كريمة العدلية مقرأة ومطربة، وأحيانًا كان برنامج الإذاعة المصرية يتضمن في يوم واحد  قراءة للشيخة كريمة العدلية صباحًا وإذاعة أغنية للمطربة أيضًا كريمة العدلية مساءً، وهو ما عرّضها للانتقاد وكتب أحد الصحفيين مقالًا عن ذلك ما اضطرها للتوقف عن الغناء والإبقاء فقط على قراءتها للقرآن.

عانت الشيخة كريمة العدلية من ضعف البصر منذ الصغر وفقدته بالكامل وهي في سن 16 سنة.

واستمرت الشيخة كرمية العدلية في القراءة والتلاوة في الإذاعة حتى نهاية الخمسينيات قبل أن تصدر فتوى من أحد المشايخ تحرم قراءة النساء للقرآن لأن صوت المرأة عورة وطالما يقوم الرجال بهذا الدور فلا داعي لقراءة النساء.

الشيخة منيرة عبده

بدأت شهرة منيرة عبده في عام  1920 عندما انتشر صوتها في قراءة القرآن عبر الإذاعات الأهلية وخلال عامين فقط أصبحت تنافس القراء الكبار من الأصوات الرجالية، وأصبحت تأتيها دعوات من خارج مصر لقراءة القرآن.

وكانت الشيخة منيرة  أول امرأة قارئة معتمدة في الإذاعة الرسمية في القاهرة بعد إنشائها، وساعد على ازدياد شهرة الشيخة منيرة عبده أن في ذلك الوقت كانت ليالي العزاء تخصص بعضها للرجال وأخرى للنساء وفي ليالي النساء يأتون بقارئ رجل كفيف أو سيدة، ولهذا ذاع صيت القارئات مثل منيرة عبده وكريمة العدلية.

وفي إحدى المرات سمعها ثري تونسي في إذاعة أهلية، ودعاها لقراءة القرآن في قصر بصفاقس مقابل ألف جنيه في ذلك الوقت لكنها رفضت، فجاء إلى مصر لقضاء شهر رمضان ليستمع إلى صوتها بنفسه.

استمرت الشيخة منيرة عبده في مشوارها حتى جاءت الفتوى التي تقول إن صوت المرأة عورة ولا ينبغي للسيدات قراءة القرآن مثل المقرئين الرجال، وعندها توقفت كل السيدات عن القراءة في الإذاعة وبينهم منيرة عبده بعد أن كانت تتقاضى نصف راتب الشيخ محمد رفعت حيث كانت تأخذ 5 جنيهات مقارنة براتبه 10 جنيهات.