رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية صورة.. ثروت عكاشة يروي تفاصيل إنقاذ آثار النوبة

ثروت عكاشة
ثروت عكاشة

لا يذكر لقب فارس الثقافة المصرية وأحد الضباط الأحرار في ثورة 23 يوليو إلا ويذكر اسم ثروت عكاشة والذي تحتفل الوزارة بمئويته، صاحب الفضل الأول والأخير في إنقاذ معبد أبو سنبل ونقله علي خلفية بناء السد العالي.

وفي مذكراته الصادرة عن مشروع مكتبة الأسرة تحت عنوان "مذكراتي في السياسة والثقافة" يقول عكاشة عن هذا المشروع العملاق: بعد أن اتخذت مصر قرارها الجسور بإنشاء السد العالي في أسوان عام 1954، كانت إقامة هذا السد إيذانا بخلق بحيرة فسيحة من المياه تغمر منطقة النوبة الزاخرة بآثار حضارتنا التي شدت إليها عيون العالم على مر العصور. وفي أواخر عام 1958 كنت أحمل مهام وزارة الثقافة التي كان من مسئوليتها الأولى الحفاظ على آثارنا القديمة بوصفها جزءا مهما من تراث الحضارة الإنسانية.

هدفت المرحلة الأولي إلي إقامة سد واق من الركام الصخري حول المعبدين تتوسطه حواجز حديدية، ويمتد هذا السد حول المعبدين لحماية أعمال الإنقاذ الجارية فيهما. وقد انتهي بناء السد قبل أن تعلم مياه بحيرة ناصر سنة 1965 ووصل إلى ارتفاع 133 مترا فوق سطح البحر، وكان الدكتور عزيز يس قد تولى عندها شئون وزارة السياحة والآثار بعد أن ضمت مصلحة الآثار إلى وزارة السياحة (1965 ـــ 1966). وفي أثناء ذلك كانت ثمة عمليات أربع تحت التنفيذ: تهدف الأولى إلى تركيب سقالات صلب داخل كل معبد لحماية الجدران والأسقف والأعمدة من أي خطر أثناء عمليات إزالة الصخور من فوق أسقف المعبدين.

وترمي العملية الثانية إلي ردم واجهتي المعبدين بالرمال لحمايتهما من تساقط هذه الصخور٬ ثم إنشاء نفق اتصال يسمح بدخول كل معبد. وكانت العملية الثالثة تتصل بتقوية صخور المعبدين وتثبيت النقوش عليها ولصق أقمشة فوق خطوط القطع حتى لا تتكسر الحواف. على حين تتعلق العملية الرابعة بإزالة الصخور نفسها من فوق كل معبد من حول الجدران.

ثم بدأت المرحلة الثانية المتصلة بنشر الكتل وفق الخطوط التي حددت ثم نقلها إلى المواقع الجديدة في نفس الوقت الذي يجري فيه إعداد الموقع الجديد للمعبدين فوق الهضبة. وبعد أن استكمل الفك والنقل بدأت مرحلة إعداد البناء علي ارتفاع حوالي أربعة وستين مترا أعلى من الموقع الأصلي في نفس الاتجاه القديم للمعبدين، وأنجزت هذه العملية في نهاية العام نفسه. وبقيت مرحلة أخرى هامة هي بناء التلال الصخرية فوق كل معبد حتي يأخذ المعبدان شكلهما القديم، ببناء قبة خرسانية فوق كل معبد، وحملت كل قبة ركاما صخريا بالقدر الذي أعطي المعبدين الرونق والشكل القديم إلي حد كبير. كذلك تمت عمليات ملء الفراغات بين الكتل حتي ليصعب علي العين أن تلاحظ أن ثمة أحجارا قد قطعت ثم نقلت وركبت.

ويلفت عكاشة إلى أن عدد قطع معبد أبي سمبل وصلت إلي 1036 قطعة، يبلغ وزن كل واحدة منها ما بين 7 و30 طنا، ثم أعيد بناؤها فوق الجبل الذي يشرف علي موقعها الأصلي طبقا للاتجاه الذي وضعه لها مشيدوها منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام بحيث تنفذ أشعة الشمس إلي قدس أقداس المعبد مرتين في السنة.