رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة شريف تكتب: حفار القبور السياسية

سارة شريف
سارة شريف

مطلوب منا التفكير فى الافتراضات المذهلة والسيناريوهات البعيدة حتى نتمكن من إيجاد حل للأزمة السياسية فى إسرائيل، مطلوب منا أن ننسى الأيديولوجيات والوعود الانتخابية والصراعات الفكرية، ونلقى الرمال على أفكار اليمين واليسار حتى تخرج إلى النور حكومة مجنونة، لا يوجد بين أعضائها أى قواسم مشتركة سوى بقاء نتنياهو أو إزاحة نتنياهو.

دائمًا كان هو محور الانتخابات ومحور الاهتمام ومحور الانتقاد، إسرائيل بالكامل تدور من حول هذا الرجل، وأى أحد يقرر الاقتراب منه سيجد نفسه مدفونًا «سياسيًا»، الفرص قليلة، والحلول ضيقة، والبقاء سيكون للأكثر خداعًا.. إليكم الحلول المجنونة المتوقعة.

أن يشكل نتنياهو- الزعيم الذى بنى حملته الانتخابية على التعهد بتشكيل حكومة «يمين كاملة»، والذى هاجم منافسه بينى جانتس العام الماضى، لأنه كان يفكر فى تشكيل ائتلاف بالاعتماد على أعضاء الكنيست العرب- حكومته الجديدة بدعم من العرب، ومن معادين شرسين للعرب: القائمة الموحدة، فرع الإخوان داخل إسرائيل، وحزب الصهيونية الدينية.. مزحة أليس كذلك؟

سيكون على نتنياهو أن يقنع «الفرع الإخوانى» المعادى للصهيونية بالجلوس جنبًا إلى جنب مع حزب «الصهيونية الدينية» اليمينى المتطرف، المكتمل بكتلة «عوتسما يهوديت» العنصرية التى تسعى لطرد العرب.. هناك قاسم مشترك بين هذين الشريكين غير المحتملين: وهو أن كليهما يحركه العداء المجرد. حتى كتابة هذه السطور، لم يقرر نتنياهو أو شركاؤه هل ستقوم حكومة كهذه أم لا، حسب التقارير، والتى أصبحت مثل بالونات الاختبار، فإن منصور عباس قريب من الاتفاق مع نتنياهو، وحزب الصهيونية الدينية يرفض الاقتراح ولكن.. دائمًا يوجد لكن!

من الناحية الأخرى، فإن كل منقذى نتنياهو «الآخرين» يترددون فى مساعدته، فهو بالنسبة لهم مثل «حفار القبور السياسية»، فبينى جانتس الذى تراجع عن وعوده الانتخابية وشاركه فى الحكومة، فى لحظة الحقيقة اكتشف أنه خدعه، وتلاعب به، وصرح جانتس: «شاركت مخالف وعود متسلسل».. من المشكوك فيه أن يعيد خطأه مرة أخرى.

وماذا عن «بينيت»، رئيس حزب «يمينا»، هل سيساعد نتنياهو على البقاء فى منصبه؟، كيف يفعلها، وقد استغل نتنياهو كل ما لديه لكسب ناخبى «بينيت» فى المرحلة الأخيرة من السباق؟، «بينيت» أيضًا صرح بأنه لا يمكن الوثوق بنتنياهو، لكنه ليس بعيدًا تمامًا عن الانضمام له فى لحظة ما.

هل سينجح نتنياهو فى اجتذاب أعضاء كنيست من حزب «الأمل الجديد»، الذى يتزعمه الوزير السابق من حزب الليكود جدعون ساعر؟

«ساعر» حتى اليوم لم ينسَ ما فعله نتنياهو معه فى ٢٠١٥، عندما هدده بتسريبات لفضحه، مما دفعه لاعتزال الحياة السياسية حتى يحافظ على مكانته.. من المشكوك فيه أن ينسى ساعر الإهانة.

وما إذا نجح نتنياهو فى تجنيد منشقين من الأحزاب السابقة، فإنه على المنشق أن يدرك أنه سيجلس تحت قيادة رجل كل من اقترب منه احترق.

بأى وعود يمكن لسياسى أن يرمى نفسه تحت أنقاض حفار القبور السياسية الأول فى إسرائيل؟