رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بحيرات مصر.. خطة تطوير شاملة لاستعادة الثروة المهدرة

جريدة الدستور

بعد تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير وتنمية بحيرات مصر، طفرة تنموية كبيرة أصبحت تعيشها تلك البحيرات وسكانها من الصيادين وآهالي المنطقة، بعد تنفيذ اعمال التطوير، وكان لهذه الطفرة تأثيرًا واضحًا على الثروة السمكية في مصر وكذا على ظروف العيش لساكني هذه البحيرات الذين ظلوا سنواتًا يعانون الإهمال والتهميش.


في هذه السطور نستعرض بعضًا من أعمال التطوير التي تمت في نماذج من بحيرات مصر، ومنها بحيرة البرلس وادكو والبردويل.

- بحيرة البرلس

هي محمية طبيعية منذ عام 1998، يوجد بها 28 جزيرة وهى ثانى أكبر البحيرات وتمتد على مساحة 108 آلاف فدان أقصى شمال محافظة كفر الشيخ.

البحيرة عانت لسنوات عديدة من كافة أنواع المخالفات والتعديات، ما أدى إلى انتشار الحشائش والغاب والبوص على مساحات كبيرة، كما تراجع مخزونها السمكى واختفت انواع عديدة من الأسماك خاصة الاسماك البحرية "الجمبرى والقاروص والدنيس" وغيرها من الأسماك ذات العائد الاقتصادى المرتفع.

وهذا الأمر تسبب فى تدنى مستوى دخل الاف الصيادين البسطاء الذين يعتمدون على البحيرة كمصدر رزق لهم ولأسرهم، وفقد الجميع الأمل فى عودة بحيرة البرلس لسابق عهدها.

إلا أنه ومع إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة لتنمية البحيرات المصرية ومن بينها بحيرة البرلس، تحولت تلك البحيرة لتشهد نموًا وتطورًا أعاد الأمل إلى هذه البحيرة وسكانها، في العيش بحياة كريمة داخلها بعد أن فقدوه لسنوات.

فقد ظهرت المسطحات المائية التى غابت عن الأنظار لسنوات طوال، وذلك بعد تعميق وتطهير وازالة التعديات، كما بدأت تستقبل البحيرة الطيور البرية المهاجرة بعد طول غياب نتيجة الجهد المستمر الذي بذل فيها، فعادت إلى مياه البحيرة أنواع مختلفة من أسماك البحر التى اختفت خلال السنوات الماضية عبر البوغاز، وذلك بفضل التطهير والتكريك والتوسعة لها مما كان له أثره في انخفاض أسعار الأسماك بها.

وكانت المرحلة الأولى للتطوير بالبحيرة على مساحة 1808 أفدنة بتكلفة حوالى 90 مليون جنيه، وذلك من أجل إزالة الهيش والبوص وأعمال التكريك.

‏أما المرحلة الثانية على مساحة 1500 فدان بتكلفة 352 مليون جنيه، وتم كشف مسطح مائى وتكريك مساحته 1500 فدان، وتطهير مجرى بوغاز البرلس، وتكسية وتدبيش جانبى البوغاز، بالإضافة لشق ثلاث قنوات شعاعية من القناة الرئيسية للبوغاز داخل البحيرة بأطوال 1200 إلى 1500 متر، وبعرض 100 متر وعمق 5.5 متر.

وجار العمل حاليًا فى المرحلة الثالثة بمساحة 3026 فدانا، وتهدف هذه المرحلة لكشف المسطح المائى من إزالة نموات نباتية، والهيش وتكريك مساحة 3026 فدانا، وفتح 5 أبواب بالبحيرة وهى "الشاروش، الزنقة، المتفذ، القطوعات، سنجا" وتكريك أحواض أمام المصارف "مصبات، وإنشاء2 مرسى نموذجى من بين 6 مراسى سيتم إنشاؤها، وتطوير منطقة القزاقات، وإنشاء القناة الإشعاعية الرابعة، بالإضافة إلى تطهير قناة برنمبال بطول 11 كيلو مترا، وتعديل السحارة أسفل ترعة الراشدية، وتهدف عملية التنمية التى تشهدها البحيرة إلى القضاء على المخالفات التى انتشرت فيها سواء الصيد المخالف أو التعديات على مساحة البحيرة.

كما تم إنشاء بحر فاصل بالجهة الشمالية للبحيرة بطول 70 كيلو مترا، لفصل البحيرة عن قرى بر بحرى، لضمان عدم التعديات، كما تم إزالة المخالفات، الى جانب انشاء كورنيش بطول 5 كيلو مترات بمواجهة قرى مركز بلطيم..وبالنسبة للصيد المخالف فإن رجال شرطة المسطحات المائية يبذلون جهودا كبيرة للتصدى لمافيا الزريعة والصيادين المخالفين.

كذلك تم مكافحة صيد الزريعة، وإطلاق ملايين الزريعة الصغيرة من الأسماك بها بصفة سنوية، حيث أطلق أكثر من 50 مليون وحدة زريعة صغيرة فى البحيرة ونهر النيل والمزارع السمكية المنتشرة بالمحافظة، مما ساهم فى تحسين دخل الصيادين والحفاظ على أسعار الأسماك فى متناول الجميع.

وتعتبر محافظة كفر الشيخ على قمة المحافظات الأكثر إنتاجًا للأسماك، حيث تنتج تقريبا 50% من إجمالى انتاج الاسماك على مستوى الجمهورية.

- بحيرة إدكو

أما بحيرة إدكو بمحافظة البحيرة فقد عانت هي الأخرى من الإهمال والتعديات لأكثر من نصف قرن، ‏حيث كانت مساحتها 50 ألف فدان، وتقلصت إلى 16 ألف فدان حاليًا نتيجة التعديات التي تعرضت لها، وعانت من الإهمال وعدم تطهيرها من البوص والأحراش وتحولت إلى بركة ملوثة الأمر الذي أدى إلى نفوق الأسماك، وقطع أرزاق الصيادين.

وشهدت أول مرحلة لعمليات تطهير بحيرة ادكو فى عام 2014، فقد تم اعتماد 20 مليون جنيه كمرحلة أولى لأعمال التطهير والتطوير كمشروع قومى يستهدف توسيع الرقعة المائية للصيد وتنمية الثروة السمكية وزيادة معدلات إنتاجها، بالإضافة إلى دعم عمليات التطهير بعدد 9 حفارات لاستكمال أعمال إزالة التعديات على البحيرة.

كما وصل إجمالى الحفارات التى كانت تعمل لتطهير وتعميق وإزالة التعديات وقتها إلى 15 حفارًا وشفاطًا تم الاستعانة بهم من هيئة قناة السويس للانتهاء من أعمال التطوير وتنمية البحيرة.

وفى عام 2015 وحتى 2016 شهدت بحيرة إدكو عدة حملات لإزالة التعديات بمشاركة قوات الامن وشرطة المسطحات المائية وهيئة الثروة السمكية، وذلك لتطوير وتنمية البحيرة لما تمثله من أهمية اقتصادية لكونها مصدر أساسى من مصادر الثروة السمكية كما أنها مصدر لتوفير آلاف من فرص العمل لقاطنى المناطق المحيطة بها من الصيادين.

وتهدف عمليات تنمية بحيرة ادكو إلى زيادة إنتاجية الفدان من الأسماك من 450 كيلو جرامًا إلى أكثر من 1000 كيلو جرام ووقف التعديات ومسببات التلوث بالبحيرة،
حيث أدى ارتفاع نسبة الأمونيا بمياه البحيرة إلى التأثير على تكاثر الأسماك ونفوق الكثير منها.

الجدير بالذكر أن بحيرة إدكو تعد ثالث بحيرات الدلتا من ناحية المساحة.

- بحيرة البردويل

تقع في محافظة شمال سيناء، وهي أنقى بحيرة فى العالم لخلوها من التلوث، وبما تنتجه من نوعية متميزة من الأسماك الفاخرة، والتى يتم تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي فهى بذلك تساهم فى زيادة العائد القومى للدولة.

وجاء تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير البحيرات، ليحقق لتلك البحيرة تنمية مواردها وتحسين بيئتها البحرية، وكذلك توفير فرص عمل لمواطنى سيناء، كذلك للحفاظ على البحيرة بتميزها وقدرتها على المنافسة العالمية.

مساحة بحيرة البردويل 168 ألف فدان، كما يعمل بها نحو 1228 مركب يعمل عليها نحو 5 آلاف صياد فى مراسى "اغزيوان، والنصر، ونجيلة، ورابعة، والتلوث"، وتنتج البحيرة أجود أنواع الأسماك الفاخرة المعدة للتصدير إلى أوروبا، ومنها الدنيس وموسى والقاروص والبورى والكابوريا والجمبرى، إلى جانب الإقبال على شرائها محليا.

لذا فبحيرة البردويل تعد أحد أهم مصادر الثروة السمكية فى مصر، وثانى أكبر بحيرات مصر بعد بحيرة المنزلة، حيث يتراوح معدلات الإنتاج اليومى للبحيرة بين 2000 إلى 2500 كيلو يوميا من الأسماك.

الجدير، بالذكر أنه تستمر فترة إغلاق بحيرة البردويل من أول يناير وحتى نهاية أبريل من كل عام بهدف إتاحة الفرصة لتوالد وتكاثر الأسماك ونمو حجم الزريعة والأسماك الصغيرة.

وبعد التطوير بالبحيرة جاء إنتاجها هذا العام مبشرًا من الأسماك، بل ومن أجود أنواع الأسماك خاصة الدنيس والقاروص بأحجام كبيرة وبأسعار في متناول جميع الفئات.

وتم الانتهاء من المرحلة الأولى من تطوير وتنمية بحيرة البردويل، حيث قامت شركة القناة لأعمال الموانئ والمشروعات الكبرى، التابعة لهيئة قناة السويس بأعمال تطهير البواغيز الرئيسية للسماح بدخول وخروج أكبر عدد ممكن من الأسماك، وعمل قنوات شعاعية لزيادة المساحة المستغلة للصيد من البحيرة.

كذلك تم البدء فى المرحلة الثانية من تطوير البردويل، حيث تم إعداد خطة لزيادة إنتاجية البردويل من الأسماك المطلوبة محليًا ودوليًا مثل الدنيس والبورى والقاروص،عن طريق إقامة حضانات لزريعة الأسماك ومناطق محمية من اجل تنمية الثروة السمكية بالبحيرة والحفاظ على التنوع السمكى، خاصة أنها تنتج الأنواع القاعية التصديرية والفاخرة من الأسماك.

وتشمل خطة التطوير ببحيرة البردويل تطهير البواغيز الرئيسية التى تربط مسطح البحيرة بمياه البحر، وكذلك أطراف البحيرة التى تعرضت إلى عمليات تصحر بفعل حركة الكثبان الرملية أثناء هبوب الرياح والتى غطت أجزاء من الجانب الغربى للبحيرة.

وحسب الإحصائيات فعملية تصدير الأسماك إلي الخارج تتزايد بصورة مطردة بعد التزام الشركات بالمواصفات والمعايير التصديرية،والتى تخضع لإجراءات الهيئة العامة للخدمات البيطرية،إلى جانب وجود ضوابط أعلنتها وزارة الزراعة بشأن عمليات الصيد بالبحيرة، وأهمها منع استخدام غزولات الجر المسماة "الكلسه" بجميع أنواعها، داخل المسطح المائى للبحيرة والسماح بالصيد للرسو فى المراسى المصرح بها، كما تم تحديد 5 حرف رئيسية للصيد داخل البحيرة.

ويُجدر بالأشارة إلى أن المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد "محطة بحوث التلول" يقوم بتنفيذ دراسات بيولوجية على بعض أنواع الأسماك الفاخرة التى تنتجها بحيرة البردويل، ويجرى الفريق البحثي عمليات تشريح الأسماك وإجراء بعض الأبحاث عليها من خلال بيانات تتضمن الأعمار ومدى نموها، وكذلك اكتمال أجهزتها المختلفه، بالإضافة إلى دراسة نسب التلوث فى البحيرة، وتأثيره على تكاثر الأسماك ونموها وكذا مدى توفر الغذاء الطبيعى لزيادة أحجام الأسماك التى تتميز بها البحيرة، وتهدف الدراسة إلى تحقيق التنمية المستدامة لبحيرة البردويل وزيادة معدلات الإنتاج السمكي خاصة من أسماك.