رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منى العساسي: الحب في فترة المراهقة يتجلى في نظرة مسروقة (حوار)

منى العساسي
منى العساسي

للحب أوجه كثيرة ومختلفة وتتفاوت من مجتمع لآخر، وعن الحب عند الكتاب وماذا يعني وضرورة وجوده وتفاصيل التجربة الأولى في حياة الكاتب تحدثت الكاتبة الروائية مني العساسي في حوارها لـ"الدستور" عن ذلك.

وقالت إن الحب في فترة المراهقة كان يتجلى في نظرة مسروقة أو خطاب في دفتر مدرسي، أو لمسة يد ترفع نسبة الأدرنالين في الدم وتوقف القلب لحظة، وإلى نص الحوار:

ماذا عن معنى وقيمة وضرورة الحب في حياة الروائي؟
بالرغم من التغيرات المتوحشة التي طغت على كل شيء، وخلقت نسق من المجتمعات المادية التي أهملت المشاعر وتجاهلتها، فأنا لازلت أؤمن أن الحب هو روح الحياة وأصل الوجد، الله في ذاته محبة، فإن كانت القيم الفلسفية العليا هي "الحق والخير والجمال" فبالنسبة لي القيمة الرابعة هي الحب، فالحب هو روح الحياة، هو نوع من الأنسنة للغرائز والحاجات الفطرية التي نولد مزودين بها،اخترعت الحضارات القديمة له إله لتعبر عن قدسيته وجلاله، وأخضعه الفلاسفة للداسة فكان هناك أفلاطون الذي ارتفع به فوق الانجذاب المادي والروحي وجعله طريق للارتقاء، فإذا كان الشعر هو تعبير عما يعتمر داخل الشاعر من مشاعر إبنة لحظتها، فالرواية هي التعبير عن حياة الإنسان التي يخلق فيها الكاتب عوالمه وشخصياته من نسيج مجتمعي حي يعبر عن حياة الناس وأزماتهم وحاجاتهم إلى بعضهم، والعلاقات التي تربطهم ومشاعرهم تجاه الآخرين، اتفاقهم وانقسامهم، تشابههم واختلافهم، فالمحبة ضرورة تستقيم بها النفس الإنسانية وتُبنى بها المجتمعات وتتماسك.

الحب في المراحل المختلفة من حياتك حدثينا عنه، وهل اختلف من مرحلة إلى أخرى؟
في مراهقتي الأولى كان يتجسد مفهوم الحب بالنسبة لي في هذا الميل مجهول السبب تجاه شخص بعينيه دون الآخرين، يتجلى في نظرة مسروقة أو خطاب في دفتر مدرسي، أو لمسة يد ترفع نسبة الأدرنالين في الدم وتوقف القلب لحظة، تتزايد ضربات قلبي مع مشهد رومانسي من فلم سينمائي، ويجيش صدري مع أغنية عاطفية أو لحن عذب.
عندما كبرت أدركت أن الحياة أطول وأكثر تقلبا وقسوة مما كنت أظن، وإن الإنسان يتغير، الحياة تتعقد والمشاعر تتقلب، فأيقنت أن الحب هو الصمود والتسامح، فمهما بلغنا من قوة واستغناء نبقى بحاجة لمن يمنحنا الحب بصدق، أدركت أن الحب أكبر بكثير من فهمي البدائي له، فهو احترام واهتمام، دعم ورعاية وثقة، صدق وتراحم، فالمحب الصادق هو من يمنحنا القوة عندما يهزمنا ضعفنا، هو المرفأ عندما تضل السفينة، الأجنحة التي تحملنا لبر الآمان عندما تكسر الدنيا أجنحتنا، الدعاء الصادق الذي يباركنا إينما كنا، وإنه أيضا مسؤولية العطاء والمشاعرة الصادقة، فالحب هو حالة يقدس فيها المحب حبيبه ويجله، فلا يدعي عليه ما لم يكن منه، ولا يطالبه بما لا يشعر به.

"نقش على خاصرة الياسمين، جبل التيه، ليالي الهدنة" عناوين غامضة تحمل وشاية ما، فماذا عن الحب في أدب منى العساسي؟
"الحب في الأرض.. بعض من تخيلنا، لو لم نجده عليها.. لاخترعناه" هكذا حدثنا عن الحب الشاعر القدير نزار قباني، هذا "السكر المر"، الألم الحلو الذي يبحث عنه الجميع، تحدث عنه كل الشعراء والكتاب حول العالم، هذا الشعور الأصيل والحاجة الأساسية التي بحث عنها أبطالي أيضا كما فعل الجميع قبلهم، كُلٍ على طريقته وفي عالمه، فها هي الياسمين بطلة "نقش على خاصرة الياسمين" التي تجسد أزمة حب المراهقة الأول بأفراحه وانكسراته، الحب غير المتكافئ الذي أودى بها نزيلة في مشفى نفسي، وهناك مريم وخالد ابنا القرية اللذين جسدت قصة حبهما نموذج للشباب المكبوت والمغلوب على أمره في ظل اللحظة الراهنة بأزماتها الاقتصادية الخانقة وطفرتها التكنولوجية الحديثة، أبناء الشبكة العنكبوتية والعوالم الافتراضية والمشاعر الإلكترونية في "جبل التيه"، وهناك بطلة ليالي الهدنة التي قدمت دراما شديدة الإنسانية والصدق للحب في سياق مغاير من خلال قصة حبها لرجل خمسيني،عبرت فيها عن خيبة وانكسار جيل كامل خذله السابقين من الأباء، فقتلته قتلة بشعه علي مسرح رمزي خرجت بعده حرة للعالم.